أفريقيا تترقب إستراتيجية أميركية جديدة

خبراء أفارقة يشككون في ما إذا كان جو بايدن سيعكس تماما الاتجاه الذي اتبعه سلفه دونالد ترامب تجاه القارة السمراء في عدد من القضايا.
السبت 2021/01/30
هل يرتقي بايدن بالعلاقات مع أفريقيا

جوهانسبرغ- ما إن تسلم الرئيس الأميركي جو بايدن مهامه في البيت الأبيض، حتى وقع أمرا تنفيذيا برفع حظر دخول مواطني دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، تنفيذا لوعد انتخابي. وهي خطوة خففت من حدة التوتر والمشاحنات التي تسببت بها سياسات سلفه دونالد ترامب تجاه المسلمين والأفارقة.

لكن لا يزال خبراء أفارقة يشككون في ما إذا كان بايدن (ديمقراطي) سيعكس تماما الاتجاه الذي اتبعته إدارة ترامب (جمهوري) تجاه القارة السمراء.

وقال إقبال جسات، المدير التنفيذي لشبكة “ميديا ريفيو” في جوهانسبرغ، عاصمة جنوب أفريقيا، إنه “في ظل هدف إدارة بايدن، وهو إعادة تأكيد سيادة الولايات المتحدة في الشؤون العالمية، توجد مساحة صغيرة باقية للمناورة لجنوب أفريقيا وباقي الدول النامية”.

مايكل شوركين: بايدن قد يقدم فرصة جيدة لإعادة العلاقات مع أفريقيا
مايكل شوركين: بايدن قد يقدم فرصة جيدة لإعادة العلاقات مع أفريقيا

وأضاف أن “ميزان التجارة الثنائية بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة يميل بشدة لصالح الأخيرة”. وتابع “كان بايدن جزءا من إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما نائبا له لمدة 8 سنوات، وقتما كانت القضايا السياسية والاقتصادية مائلة دائما لصالح الولايات المتحدة”.

وفي يناير 2017، أصدر ترامب قرارا بمنع مواطني 7 دول ذات أغلبية سكانية من المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وهي سوريا وإيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن.

وقال سلطان كاكوبا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيامبو غو في العاصمة الأوغندية كمبالا، إنه “بعد الصعوبة التي واجهها القادة الأفارقة في التعامل مع تقلبات ترامب، قد يجدون بعض الراحة في التعامل مع سياسات بايدن، إذ يمكن التنبؤ بها إلى حد ما”.

وأردف “رغم أنني كنت متحمسا لتولي بايدن الرئاسة، لكن لا تزال لدي شكوك في ما إذا كان هذا يعني سياسات أكثر ودية تجاه أفريقيا، تعود بالنفع على الناس بشكل مباشر”.

وزاد أنه “بالنظر إلى السياسة الخارجية الأميركية، فإن مصلحة الولايات المتحدة تأتي دائما في المقدمة عندما يتعلق الأمر بالدول الأخرى”.

وقلل كاكوبا من توقعاته بشأن احتمال أن ينعكس تولي بايدن الرئاسة تلقائيا بشكل إيجابي على أفريقيا، بقوله “طالما لم تحقق الولايات المتحدة مصالحها، فلا تتوقعوا أي علاقات جيدة”.

ومع ذلك، رأى كاكوبا أن إدارة بايدن خففت الضغط عن المواطنين الأفارقة الذين وجدوا صعوبة في السفر إلى الولايات المتحدة، بعد أن فرض ترامب قيودا عديدة على منح تأشيرات السفر إلى بلاده، بما في ذلك حظر سفر مواطني دول ذات أغلبية مسلمة.

ويشكك مراقبون بشأن ما إذا كانت إدارة بايدن ستوفر مساحة متكافئة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في ظل الضجيج الذي أحدثته الإدارة حول الديمقراطية.

سلطان كاكوبا: بالنظر إلى السياسة الخارجية الأميركية، فإن مصلحة الولايات المتحدة تأتي دائما في المقدمة
سلطان كاكوبا: بالنظر إلى السياسة الخارجية الأميركية، فإن مصلحة الولايات المتحدة تأتي دائما في المقدمة

وخلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي، دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا الجمعية إلى زيادة تمثيل الدول الأفريقية في مجلس الأمن.

وتدعو جنوب أفريقيا إلى إصلاح شامل للمجلس، وزيادة عدد المقاعد الدائمة والمؤقتة من 15 إلى 26. وتتمتع خمس دول فقط بعضوية دائمة في المجلس تتيح لها استخدام حق النقض “الفيتو” بشأن مشروع أي قرار، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.

وحسب المؤشرات الراهنة وزيادة التحديات التي تواجهها القارة الأفريقية، يتوقع البعض تغييرا في السياسة الخارجية للرئيس بايدن، ولكن التزامه سياسة سلفه ترامب في عدد من القضايا التي حظيت بدعم الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس من قبل، ستكون هي الفاصلة، وما عداها قد يكون مبنيا على تحولات موضوعية وجيوسياسية داخل أفريقيا التي من المرجح أن تكون في نهاية سلم الأولويات بعد اهتمامه بأوروبا وشرق آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.

ويرى مايكل شوركين كبير علماء السياسة في مؤسسة راند أن انتخاب بايدن كرئيس للولايات المتحدة قد يقدم فرصة جيدة لإعادة علاقتها مع أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ويمكن أن تكون محددات سياسة بايدن تجاه أفريقيا؛ في الجانب الأمني والدفاعي: إعطاء أولوية للقرن الأفريقي الذي طالما كان منطقة إستراتيجية، ويستضيف القاعدة الأميركية الدائمة الوحيدة في أفريقيا، والمحافظة على “أفريكوم” التي تمثل المهمة الأساسية في تنسيق البرامج العسكرية العديدة الموجودة بالفعل في القارة، بينما الجانب الاقتصادي: يمكن أن نرى عدم الدخول في صراع اقتصادي مفتوح مع الصين، نظرا للفرق الهائل بين الدولتين في مستوى علاقاتهما التجارية مع أفريقيا، بل يمكن أن نشهد تنسيقا بينهما.

وفي ظل الرؤى المتباينة حول سياسات بايدن المتوقعة تجاه القارة الأفريقية، فإن أفريقيا تمتلك الكثير من الفرص الواعدة على كافة المستويات، وتشهد نهضة وتنمية مرتقبة، إلا أنها تحتاج للمزيد من الأمن والاستقرار، وتسوية للصراعات التي أنهكت أراضيها.

5