أطفال يكتشفون المدرسة أول مرة لكن عن بعد

من المهم للأطفال الذين سيدرسون عن بعد أن تتوفر لهم مواكبة ذات جودة، كما يتعين على الأطر التربوية إظهار المرونة اللازمة والتفرغ لهم.
الاثنين 2020/09/07
سلامة الأبناء مطلب العائلات

الدار البيضاء – أعدت الطفلة المغربية شهد حقيبتها المدرسية الصغيرة ذات الألوان الزاهية، وبزة صغيرة مطرزة ، وحذاء أحمر، كي تتوجه لأول مرة إلى المدرسة، حيث ستلتقي بأصدقاء جدد، بل واللعب خلال فترة الاستراحة.

بيد أن هذا الحلم لم يتحقق للأسف بالنسبة لهذه الطفلة الصغيرة، لأنها ستواجه واقعا آخر فرضه، كرها، فايروس كورنا المستجد، الذي سيجبرها على ملاقاة أقرانها ومعلميها فقط عبر العالم الافتراضي، وعن بعد.

وأصيبت هذه الطفلة البالغة من العمر خمس سنوات، والتي كانت تتطلع إلى الالتقاء بأقرانها في المدرسة، حيث كانت ستبدأ سنتها الأولى في المستوى الابتدائي، بخيبة أمل جراء قرار والديها، اللذين اختارا التعليم عن بعد لطفلتهما، خوفا من أن تلتقط الفايروس في المدرسة.وتصرخ شهد، التي يبدو أنها لا تقبل بهذا الخيار، كل مرة بأعلى صوتها “أريد أن أذهب إلى المدرسة”، في حين أن قرار تعليمها عن بعد بالنسبة للوالدين هو أمر محسوم، ولا رجعة فيه خوفا عليها من.

وفي هذا الإطار، أوضحت حليمة، والدة الطفلة شهد، “لقد اخترنا التعليم عن بعد لابنتنا لأنها صغيرة ولا يمكن أن تتقيد بتدابير الإجراءات الصحية الوقائية، مشيرة إلى أن الحفاظ على صحة طفلتها يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لها. بالنسبة لهذا الموظفة، لا يزال الوضع دقيقا وغامضا، مضيفة أنه “لطالما رغبت ابنتي في الالتقاء بأطفال في سنها، وفي اكتشاف هذا العالم الجديد المتمثل في المدرسة”، مشددة مع ذلك على أنها لا تجرؤ على المجازفة.

ومن جانبه، قال أمزيل خالد، والد الطفلة شهد، إنه يشاطر زوجته هذا الاختيار، موضحا أن “ابنتنا لا تزال صغيرة جدا ويمكنها تعويض ذلك لاحقا، وبالنسبة لي، الأهم الآن يتمثل في الحفاظ على صحتها”.

كما أثار خالد الإشكالية المرتبطة باستخدام النقل المدرسي، معتبرا أنه “يمكن أن يشكل بؤرة للوباء لأن الأطفال لا يستطيعون التحكم في أنفسهم واحترام تدابير التباعد الجسدي والنظافة ومخاطر الإصابة”.

وحالة شهد يعيشها الكثير من الأطفال في مثل سنها الذين حرمتهم مخاطر تفشي فايروس كورونا القاتل فرحة الدخول إلى المدارس التي ينتظرها الأطفال في سنتهم الأولى بشغف كبير.وفي سياق متصل، أكدت الأخصائية في علم نفس الأطفال والمراهقين إيلينا بينيديتو كوربي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأطفال وجدوا أنفسهم خلال فترة الحجر الصحي منقطعين عن المدرسة، فجربوا التدريس عن بعد، مؤكدة أن تفعيل هذا النوع من التدريس يستدعي الولوج إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، معبرة عن أسفها لكون الأطفال لا يستطيعون الولوج إلى هذه التقنيات بنفس الطريقة.

عودة مدرسية تحت وطأة كورونا
عودة مدرسية تحت وطأة كورونا

وأشارت إلى أن هناك تفاوتات كبيرة، فالعديد من الأسر ليس لديها إنترنت، أو اتصال عبر الشبكة العنكبوتية بشكل ثابت، والكثير من العائلات التي لديها العديد من الأطفال ليس لديها أجهزة كافية تمكنها من الولوج المتزامن للدروس بالنسبة لجميع أبنائها، موضحة أن بعض الأطفال سيكونون في حالة إحباط لأنهم لن يستفيدوا من سهولة الولوج إلى التعليم عن بعد.

بالإضافة إلى ذلك، توضح كوربي، بأن “التعلم عن بعد يعني أن الأطفال يجب أن يظهروا قدرة مهمة على التأقلم، لأنهم سيتعين عليهم التكيف ليس فقط مع الأشكال الرقمية الجديدة للمحتويات، ولكن أيضا مع مسافة اجتماعية واضحة مع المدرسة، والمعلمين وزملائهم”.

وأضافت المختصة أنه لوحظ تزايد القلق لدى الأطفال وكذلك بروز أعراض الاكتئاب عندما بدأ الأطفال يفقدون التواصل مع المدرسة. وواصلت أنه لوحظ أيضا أنّ هناك عواقب سلبية على المستوى الاجتماعي، والعاطفي والسلوكي، خاصة لدى التلاميذ المعرضين للخطر، لأن الروتين المدرسي بالنسبة لهم يشكل بالفعل آليات مهمة للتكيف مع صحتهم العقلية، خاصة وأن حالتهم النفسية أصبحت ضعيفة.

وبالنسبة لكوربي، فإنها مع فكرة التباعد الاجتماعي، مشيرة إلى أن تلامذة التعلم عن بعد قد يصابون بفقدان الاستقرار في الحياة وقد تتفاقم الأعراض، مضيفة أن هذه الآثار ستكون مختلفة تماما من طفل لآخر.

ولهذا السبب، تنصح أنه من المهم للأطفال الذين سيدرسون عن بعد أن تتوفر لهم مواكبة ذات جودة، كما يتعين على الأطر التربوية إظهار المرونة اللازمة والتفرغ لهم. أما الآباء فيتعين عليهم أيضا دعم أبنائهم حتى تكون هذه العودة إلى المدرسة الافتراضية بأفضل طريقة ممكنة.

21