أسطورة الملاكمة باكياو يعلن اعتزاله

مانيلا - قرّر أسطورة الملاكمة الفلبينية ماني باكياو اعتزال الملاكمة بعد أعوام طويلة على الحلبات في أصعب قرار في حياته كما وصفه، للتفرغ للعمل السياسي عقب إعلانه ترشحه للانتخابات الرئاسية في بلاده.
وقال باكياو "من الصعب بالنسبة إلي تقبّل فكرة أن مسيرتي كملاكم انتهت"، مضيفا "ليوم، أعلن اعتزالي".
ويأتي قرار الملاكم الفلبيني مغادرة حلبات الملاكمة بعد 10 أيام من إعلان أيقونة الملاكمة والأسطورة الحيّة ترشحه للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 22 مايو 2022.
وكان باكياو (42 عاما) الذي ترعرع في شوارع الفلبين وتحوّل إلى نجم عالمي، أعلن ترشحه بعد أسابيع عدة من خسارته لنزاله الاحترافي الأخير في 22 أغسطس الماضي في لاس فيغاس أمام الكوبي يوردينيس أوغاس. باكياو الملقب بـ"باك مان" هو الملاكم الوحيد في التاريخ الذي حقق لقب بطولة العالم في ثماني فئات أوزان مختلفة، ويعتبر فخرا للفلبينيين.
وبدأ باكياو مسيرته في عالم الملاكمة المحترفة في يناير 1995 مقابل منحة قدرها ألف بيسوس (22 دولارا)، قبل أن يجمع ثروة تقدر بأكثر من 500 مليون دولار. وشكر الملاكم، المتأهل وله خمسة أطفال، الملايين من معجبيه حول العالم. كما حرص على الإشادة بشكل خاص بمدرب وصديقه فريدي روتش، قائلاً إنه يعتبره أحد أفراد “عائلتي، شقيق وصديق".
ثالوث غريب
من عالم الملاكمة، إلى العمل السياسي والمسار الديني: وضع باكياو قدره تحت حماية هذا الثالوث الغريب. في الفلبين، هو بطل قومي ثري، نصف إله، يضاعف الأدوار: نائب، واعظ مسيحي، لاعب كرة سلة ومدرّب، مغن، وجه للعديد من العلامات التجارية. متسلحا بشعبيته الجارفة، يريد باكياو أن يتفرغ للعمل السياسي وللمعارك السياسية فقط، واضعاً نصب عينيه الانتخابات الرئاسية في عام 2022. بعد فترتين كنائب وأخرى في مجلس الشيوخ، يدرك هذا الملاكم جيداً أن الفوز غير مضمون ولكنه ليس بعيدا عن متناوله في بلد تغطي طبقته السياسية المشاهير.
وإضافة إلى كل ما تقدم، فإن رحلته في هذا العالم من الفقر المدقع إلى عالم الملاكمة والأثرياء، هي بحد ذاتها قصة نجاح ضخمة ساحرة. ولد إيمانويل دابيدران باكياو في بوكيدنون، وترك المدرسة في الرابعة عشرة من عمره ليبيع الكعك على قارعة الطريق بهدف مساعدة والدته وشقيقيه الصغيرين.
باكياو بفضل سرعة تحركات قدميه صعد سلم النجومية بسرعة فائقة ليصبح أحد أعظم الملاكمين في كل العصور
على الحلبة، وبفضل سرعة تحركات قدميه صعد سلم النجومية بسرعة فائقة ليصبح أحد أعظم الملاكمين في كل العصور. حيث لم يتمكّن ملاكمون من عيار الأميركي أوسكار دي لا هويا، البريطاني ريكي هاتون، البورتوريكي ميغيل كوتو، المكسيكي إريك موراليس أو مواطنه ماركو أنطونيو باريرا من الصمود أمام لكماته.
قاده عالم الشهرة إلى تجاوز كل المحرمات، فغرق في عالم الكحول والمقامرة على معارك الديوك الشهيرة في بلاده، كما رافقته الشائعات عن علاقات خارج إطار الزواج مع نجمات من عالم السينما.. قرّر باكياو، الذي نشأ على أسس التربية الكاثوليكية مثل 90 في المئة من الفلبينيين الذين يعتنقون العقيدة الإنجيلية، في عام 2012 الابتعاد عن ملذات الحياة مدعيا أن الله اختاره لنشر رسالة المسيح. سمحت له مكانته كبطل قومي وأسطورة حيّة في الفلبين أن يلعب العديد من الأدوار في حياته: مروّج للبيتزا والسيارات، ومضيف برامج تلفزيونية وممثل ولاعب كرة سلة محترف.. وحتى مبتكر عملة رقمية تحمل اسمه “باك توكن”. كما اشتهر باكياو بكرمه وبمساعدة العديد من محيطه وأصدقائه والمعجبين به ومدّ يد العون لفقراء ومحتاجين.
موجة انتقادات
رغم كل ما قدّمه، انهالت عليه الانتقادات من كل حدب وصوب خاصة عقب دخوله عالم السياسة، حيث يطمح لتولي أعلى منصب لقيادة دولة يبلغ عدد سكانها 110 ملايين نسمة.
في بعض الأحيان يتم الاستهزاء به بسبب جانبه الغليظ، كما يشار إليه بأصابع الاتهام لعدم حضوره جلسات البرلمان حيث تم انتخابه منذ عام 2010 نائبًا أول (2010 – 2016) ثم عضوا في مجلس الشيوخ (منذ 2016).
تجرأ باكياو على مهاجمة الرئيس الحالي رودريغو دوتيرتي الذي يتمتع بدوره بشعبية كبيرة. كما أثار هذا الملاكم الجدل من خلال دعم الحرب الدموية على عصابات المخدرات التي يقودها الرئيس والتي خلّفت وفقًا للمنظمات غير الحكومية عشرات الآلاف من القتلى، وهي موضوع تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية. كما أعلن، من دون تردّد وباسم إيمانه، معارضته للطلاق والإجهاض.