أزواج يقتحمون مملكة النساء الخاصة

ما زال البعض من النساء يعتقد أن سيطرة المرأة على البيت وفرض نفوذها داخله يبدأ من تحكمها في دواليب المطبخ، وهو ما يجعل النساء يرفضن اقتحامه من طرف شخص آخر ولو كان الزوج. وتبرر بعض الزوجات ذلك بأن الزوج لا يتقن فن الطبخ ولا يلتزم بقواعد نظامه ولا يحافظ على طريقة ترتيبه.
تونس ـ رغم أن مشاركة بعض الأزواج لزوجاتهم في أعمال المطبخ والطهي لا تبدو لهم عبئا إضافيا بقدر ما هي متعة شخصية وطريقة للمساهمة في التخفيف عنهن، إلا أن بعض الزوجات لا يستسغن ذلك بدعوى أنهن يفقدن السيطرة على المنزل، ما يقلل من نفوذهن داخل البيت.
وقال عبدالرحمن بن خليفة (أربعيني وأستاذ تعليم ثانوي) إن زوجته اشترطت عليه قبل الزواج ألا يعينها على إنجاز مهام المنزل، وخصوصا طهي الطعام أو غسل أواني الطبخ، لأن ذلك يندرج في إطار مهامها وحدها ولا يحق له التدخل فيها.
وأضاف لـ”العرب” أن زوجته تعتبر المطبخ مملكتها الخاصة ولا يجوز لأحد أن يقتحمها، مشيرا إلى أنه يرغب في بعض الأحيان أن يعد طبقا يشتهيه أو قهوة على نار هادئة لكنه يتراجع عن ذلك حتى لا يتشاجر مع زوجته.
وقالت حنان مزوغي (ثلاثينية لا تعمل رغم حصولها على شهادة جامعية) إن هوسها بترتيب المنزل يحتم عليها ألا يشاركها أحد في المطبخ ولو كان زوجها، لأنه حسب تجربة سابقة دخل المطبخ ليعينها على إعداد الطعام فقلب لها نظامه، وهو ما لم يعجبها فلديها أماكن خاصة لوضع حافظات التوابل، لكن زوجها لا يلتزم بذلك. كما أن لديها طريقتها الخاصة في غسل الصحون وأواني الطبخ لكن زوجها لا يعبأ بذلك وهو ما يخلق نوعا من المشاحنات بينهما هي في غنى عنها، حسب قولها.
بعض الزوجات يشعرن بالضيق والملل لأن أزواجهن يتدخلون في أعمال المطبخ، وقد تحدث خلافات كثيرة بسبب ذلك
وتشعر بعض الزوجات بالضيق والملل لأن أزواجهن يتدخلون في أعمال المطبخ، ومنهن من ترفض ذلك، وقد تحدث خلافات كثيرة بسبب شغف الزوج بالطهي، فيما ترحب غيرهن بمساعدة الزوج سواء على الطهي أو غيره ويَريْن في ذلك نموذجا للمشاركة في إنجاز مهام البيت والاهتمام بحاجيات أفراد الأسرة، وعندما يكون تدخل الزوج في شؤون البيت فرصة يعبر فيها عن نفسه ويمارس هوايته يجب على الزوجة أن تتقبل ذلك وتتعاون معه.
وقال خبير الدراسات الاجتماعية في المركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة شريف جمعة “لا شك في أن المرأة تعتبر أن بيتها هو مملكتها الخاصة؛ فهي التي تشرف على الطعام والنظافة والنظام وتجميع الأسرة حول مائدة الطعام. ولكنّ للرجل أيضا دورا كبيرا في هذه المملكة؛ لأن طبيعة الحياة الأسرية والاجتماعية تغيرت فيها عادات كثيرة حيث عمل المرأة أحيانا يتطلب منها أن تتأخر في مكتبها أو في المستشفى أو المدرسة، ما يجعل الزوج مضطرا إلى المساهمة و المبادرة بالعمل في البيت”.
ويخلص جمعة إلى أن نمط الحياة تغير وينبغي على جميع أفراد الأسرة اليوم أن يتعاونوا على إنجاز مهام البيت ليشعر الجميع بأنهم أسرة متكاملة ولا تنشب الخلافات بسبب تحمل فرد واحد لجل أعباء البيت.
وقال استشاري الصحة النفسية بالقصر العيني محمد عبدالعزيز “هناك رجال لا يرغبون في القيام بجل الأعمال المنزلية، ومنهم من يفضلون الطهي حيث يكون الرجل سعيدًا لأنه يمارس نوعًا من العطاء العاطفي نحو أسرته. وهناك من لا يستطيع أن يفعل ذلك؛ لأنه لم يتعلم الطهي أو غيره من شؤون البيت، ولأنه يعتقد أن ذلك من مهام الزوجة، وقد يجلس في البيت منتظرا عودة زوجته لتعد كل شيء”.
وتشير الأرقام الواقعية إلى أن المرأة تقضي وقتًا في إنجاز الأعمال المنزلية كالطهي والتنظيف والترتيب والعناية بالأطفال أكثر من الرجل بحوالي 3 مرات، حتى وإن كانت امرأة عاملة، ليبدو في أذهان المجتمعات العربية أن مشهد المرأة تطبخ والرجل يعود من عمله ليستعد لتناول الغداء مشهد تقليدي بحت، وإن كان العكس هو الموجود فسيبدو غير مألوف، بل وسيُلام الرجل على فعلته تلك متهمين إياه بعدم السيطرة وعدم امتلاكه القوة الكافية للتحكم في المرأة وجعلها المسؤولة عن إعداد الطعام في المنزل.

وفي الحقيقة لا يعود سبب ذلك إلى حب السيطرة عند الرجل الشرقي فحسب، فعلى الرغم من أن حب السيطرة وإظهار القوة صفة يتصف بها أغلب الرجال الشرقيين إلا أن أسباب عدم طهي الرجال للطعام مختلفة، ورغم اختلافها تجدها أغلب النساء في غاية التفاهة والسطحية؛ فمثلًا يمكن للرجل ألا يعد الطعام مطلقًا لأنه ببساطة لا يستطيع تحمل حرارة المطبخ أثناء الطهي، أو أنه بالفعل لا يستطيع التمييز بين مكونات الطعام ولا يستطيع معالجتها ولا يعرف من أين تُقطع ومن أين تُقشر، أو لا يعرف إن كانت بحاجة إلى التقشير والتقطيع أم ليست بحاجة إلى ذلك.
ويرى الرجل أن الطعام وسيلة لدرء الجوع فحسب، أما المرأة فتراه وسيلة للإبداع والفن والابتكار، لذا يحاول الرجل أن يسد جوعه بأسرع الوسائل، وبالتالي يتجه إلى الوجبات السريعة، فكلما كبر حجم الوجبة وكثرت مكوناتها شعر الرجل بالشبع السريع، لذا لن يتجه إلى إعداد الطعام وهو جائع إلا في حالات نادرة، فسيشعر بالملل بسبب طول فترة الطبخ ومن ثم انتظار الطعام حتى ينضج، أما المرأة فلا تجد ضيرًا في الانتظار والصبر مادامت النتيجة سترضيها في النهاية وستزيد من ثقتها في نفسها وفي قدراتها.
وأكد موقع “ريلاشين شيب جولز” المتخصص في العلاقات العاطفية أن الرجال يصبحون أكثر ثقة في النفس عندما يجيدون الطبخ بمهارة، وذلك بالاعتماد على دراسة بريطانية أجريت على أكثر من 500 رجل متزوج منهم من يجيدون الطبخ وآخرون لا يجيدونه. وأوضحت الدراسة أن أكثر الرجال الذين يجيدون الطبخ لديهم ثقة في أنفسهم وفي مهاراتهم.
وأشار الموقع إلى أن الرجال الذين يجيدون الطبخ غالبا ما يصبحون أمهر من السيدات بسبب تركيزهم على الوصفات ومقادير الطبخة في حين أن معظم النساء يطبخون بشكل أسرع وأقل تركيزا.
وقال الموقع إن معظم الرجال الذين يجيدون الطبخ يعشقونه كي يظهروا مهاراتهم المميزة، وعند دخولهم المطبخ يريدون إعداد طبخة مميزة وشهية في حين أن معظم النساء يدخلن المطبخ لإعداد طعام الأسرة ولمجرد القيام بهذه المسؤولية فقط.