أزمة سياسية في الصومال مع تصاعد الخلاف الانتخابي

إعلان المعارضة الصومالية رفضها تمديد ولاية الرئيس يفاقم من انعدام الاستقرار في البلاد ويعطي دفعة لحركة الشباب المتشددة.
الثلاثاء 2021/02/09
خلافات سياسية تعمق الفجوة الأمنية

يهدد مأزق تأجيل الانتخابات في الصومال بأزمة دستورية في البلد الواقع في القرن الأفريقي، والذي يواجه أزمات ليس أقلها التمرد الإسلامي العنيف وغزو الجراد والنقص الحاد في الغذاء.

مقديشو- دخل الصومال في أزمة سياسية مع إعلان قادة المعارضة أنهم سيتوقفون عن الاعتراف بالرئيس محمد عبدالله محمد، بعدما انتهت مدة ولايته رسميا الأحد من دون أن تتوصل هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا إلى اتفاق يؤدي إلى تنظيم انتخابات.

وأفاد قادة المعارضة في بيان صدر في وقت متأخر الأحد “اعتبارا من الثامن من فبراير 2021، لن يعترف مجلس مرشحي المعارضة بعبد الله محمد رئيسا. لن يقبل المجلس بأي شكل من الأشكال تمديد الولاية عبر الضغط”.

ويفاقم هذا الإعلان من انعدام الاستقرار في هذا البلد الذي يشهد حكومة فيدرالية هشة وينشط فيه متمردو حركة الشباب الإسلامية. وتسيطر السلطات الرسمية على قسم فقط من أراضي الصومال رغم الدعم الذي تقدمه قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم).

وفي 17 سبتمبر توصل الرئيس عبدالله محمد إلى اتفاق مع خمسة من قادة الولايات ورئيس بلدية مقديشو لإجراء انتخابات قبل انتهاء ولايته في 8 فبراير. وأتى الإعلان بعدما فشلت حكومة عبدالله محمد في مقديشو وزعماء ولايات الصومال الفيدرالية الخمس في كسر الجمود حول طريقة المضي قدما لتنظيم الانتخابات.

وكان يفترض أن يجري الصومال أول انتخابات تشريعية ورئاسية بالاقتراع المباشر منذ 1969، وهو هدف وصفته الأمم المتحدة بأنه “منعطف تاريخي” في طريق البلاد نحو الديمقراطية الكاملة والسلام بعد عقود من الاضطرابات العنيفة.

حسين شيخ علي: فراغ السلطة يعطي دفعة لحركة الشباب المتشددة
حسين شيخ علي: فراغ السلطة يعطي دفعة لحركة الشباب المتشددة

لكن جرى التراجع عن ذلك الهدف وتم إقرار نظام اقتراع غير مباشر معقّد على غرار الانتخابات الماضية، تختار بموجبه العشائر مندوبين ينتقون بدورهم أعضاء مجلسي البرلمان الذين يعيّنون رئيسا للبلاد. لكن هذه العملية أدت أيضا إلى مأزق، يتبادل القادة المحليون والرئيس الاتهامات بشأن المسؤولية عنه.

ودعا ائتلاف مرشحي المعارضة الرئيس إلى “احترام الدستور” وطالب بتشكيل مجلس وطني انتقالي يضم رئيسي مجلسي البرلمان وقادة محليين ومجموعات منبثقة عن المجتمع المدني لقيادة البلاد خلال فترة الانتخابات المقبلة.

وألقى الرئيس الصومالي الذي يترشح لولاية ثانية، باللوم على منافسيه في التراجع عن اتفاق سابق أبرم في سبتمبر، حُدد بموجبه جدول زمني للاقتراع. واتهمت جوبالاند، وهي منطقة من مناطق الصومال الخمس شبه المستقلة، الرئيس بعدم تقديم تنازلات وإفشال الاتفاق السابق.

ومن أبرز النقاط الخلافية بين الحكومة ورؤساء الأقاليم الفيدرالية هو تشكيل اللجان الانتخابية إلى جانب إقليم جدو الذي تدور فيه خلافات سياسية بين الحكومة ورئيس ولاية جوبالاند المحلية.

ويعود أصل المشكلة في الإقليم، إلى انتخابات جرت في أغسطس الماضي، حيث أفرزت إعادة انتخاب رئيسه الحالي أحمد محمد إسلام (موال لكينيا) لولاية ثالثة. ورفضت الحكومة الصومالية نتائج تلك الانتخابات.

وحاول الرئيس الصومالي أيضا إلقاء اللوم على جهات أجنبية لم يسمها قائلا “هناك أياد أجنبية في مسار محادثات حل الخلافات حول الانتخابات بين الحكومة والولايات الإقليمية تعكر أجواءها وليس هذا من صالح البلاد”. لكنه لم يذكر تلك الجهات الأجنبية أو الشخصيات المعنية بالتعاون معها التي تقف حجر عثرة أما إنجاح المفاوضات.

وفي المقابل يرى مراقبون أن أطماع عبد الله محمد وأجنداته الشخصية هي السبب الرئيس. وفي نهاية يناير حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الصومال جيمس سوان من أن البلاد قد تواجه “وضعا يصعب توقعه” إذا انتهت ولاية الرئيس دون التوصل إلى اتفاق لتنظيم الانتخابات المقبلة.

والأسبوع الماضي حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أي محاولة لتنظيم انتخابات جزئية أو عبر عملية لا تكون موضع توافق في البلاد. ويشهد الصومال عدم استقرار منذ 1991 وسقوط النظام العسكري برئاسة الرئيس السابق سياد بري ما أدى إلى تسريع غرق البلاد في حرب فصائل تلاها تمرد بقيادة حركة الشباب الإسلامية المتطرفة.

الصومال يدخل في أزمة سياسية مع إعلان قادة المعارضة أنهم سيتوقفون عن الاعتراف بالرئيس محمد عبدالله محمد بعدما انتهت مدة ولايته رسميا الأحد

وحذر محلل أمني صومالي من أن فراغ السلطة والانقسامات بين الزعماء السياسيين يعطيان دفعة لحركة الشباب المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة، مشيرا إلى سلسلة من الهجمات في الآونة الأخيرة في جزء يسوده هدوء نسبي من البلاد.

وقال حسين شيخ علي مستشار الأمن القومي السابق بالصومال ومؤسس معهد هيرال البحثي في مقديشو إن حركة الشباب استغلت بالفعل الفراغ الأمني لشن هجمات في أجزاء من وسط الصومال كانت تتمتع بسلام نسبي لعشر سنوات تقريبا. وأضاف شيخ علي “هذا فشل من جانب الرئيس والنخبة السياسية في الصومال والمجتمع الدولي. لم تكن لديهم خطة بديلة للمضي قدما”.

وقُتل 12 من أفراد الأمن الأحد في انفجار قنبلة زُرعت على طريق خارج بلدة دوسمريب بوسط الصومال حيث كان يجتمع الزعماء السياسيون لحل الخلافات المتعلقة باختيار الرئيس. كما نفذت حركة الشباب مرارا هجمات بقذائف الهاون على البلدة. وجاء هجوم الأحد بعد أسبوع من مقتل خمسة أشخاص في هجوم شنه أربعة انتحاريين من حركة الشباب على فندق في مقديشو.

5