أزمة تهزّ كرة القدم التركية بعد تخلي بي.إن سبورتس عن التزاماتها

الشبكة القطرية توجه ضربة موجعة لكرة القدم التركية بعد تدني سعر الليرة.
الثلاثاء 2019/07/30
شرخ في العلاقات القطرية التركية

أنقرة - تواجه أندية كرة القدم التركية أزمة بعد أن حجبت شبكة “بي.إن سبورتس” القطرية مبلغا قيمته 125 مليون دولار وسط سعيها إلى تغيير شروط صفقة البث التي تبلغ قيمتها 500 مليون دولار سنويا بعد تراجع كبير في قيمة الليرة.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه تركيا من قطر تحركا لدعم اقتصادها، ها هي توجه ضربة موجعة لصناعة كرة القدم.

وتعكس هذه الأزمة شرخا في العلاقة بين تركيا وقطر، التي لا تبدو مستعدة لضخ الأموال الكافية بهدف مساعدة حليفها رجب طيب أردوغان في مساعيه للخروج من أزمة اقتصادية خانقة يمثّل تدنّي الليرة أحد أبرز معالمها.

ووقعت شركة “ديجي ترك” التابعة لبي.إن سبورتس القطرية عقدا مدته خمس سنوات بقيمة 2.5 مليار دولار لتضمن حق بث مباريات “الدوري التركي الممتاز” الذي يجمع أندية كرة القدم المحترفة في البلاد سنة 2016. وكان من المقرر أن تقدم المدفوعات الموزعة على مدة الصفقة إلى الاتحاد التركي لكرة القدم على نصفين، نصف بالدولار ونصف بالليرة حسب قيمتها الثابتة حينها.

وخلال الموسمين الماضيين، دعمت ديجي ترك الصفقة. لكن الشركة قالت إنها تواجه ضغوطا غير معقولة إثر هبوط الليرة بنسبة 41 بالمئة منذ توقيع الصفقة في نوفمبر 2016 والذي يمثّل “قوة قاهرة”.

إلهان تانير: إذا مالت تركيا إلى روسيا سيبتعد القطريون حفاظا على مصالحهم
إلهان تانير: إذا مالت تركيا إلى روسيا سيبتعد القطريون حفاظا على مصالحهم

ويعكس المأزق الذي تواجهه شبكة البث في وقت تعاني فيه من تراجع في نسبة المشتركين في خدماتها معضلة الشركات التركية الأخرى التي تواجه تأثير إيرادات الليرة المتراجعة على التزامات وصفقات بالدولار من حيث الكلفة.

وتضغط ديجي ترك، التي تحوّل إيراداتها بالليرة إلى العملة الصعبة لتسديد مدفوعاتها إلى الاتحاد التركي لكرة القدم بالدولار، على بي.إن سبورتس، حتى توافق على مبلغ ثابت. كما تسعى إلى تقليل قيمة صفقة حقوق البث بعشرات الملايين من الدولارات عبر اقتراح مستوى أقل من الليرة وصل سعرها إلى 5.7 مقابل دولار واحد.

ويسعى الاتحاد التركي لكرة القدم والأندية المثقلة بالديون في تركيا والتي تواجه موسم الانتقالات الصيفية الكروية، مثل نادي غلطة سراي الرياضي ونادي فنربخشة ونادي بشكتاش، إلى مقاومة هذه الأزمة.

ونظمت شركة ديجي ترك والاتحاد التركي لكرة القدم 12 اجتماعا خلال الـ45 يوما الماضية دون التوصل إلى أي قرار حاسم ونهائي.

وقال أحد المطلعين على المفاوضات إن هيئة البث القطرية كانت تحاول خداع الأطراف الأخرى مدعية أن المبالغ التي تمت مناقشتها “لا تعد كبيرة” بالنسبة لأصحابها القطريين.

ووفقا لطرف مطلع آخر، يشعر مديرو الشركة التنفيذيون بالإحباط من اعتقاد الأندية التركية بأن الهيئة “ستنقذهم” من مشكلاتهم المالية. وأكّدت شركة ديجي ترك لصحيفة فايننشال تايمز استحالة أن تتحمل أي هيئة بث العمل وفقا لشروط صفقة 2016.

وأضافت أنها لا تستطيع أن تتحمّل المسؤولية التجارية “في هذه الظروف الاقتصادية غير المسبوقة، والتي تؤثر على جميع الشركات” لوحدها.

ويعدّ الخلاف علامة على بداية توتّر في العلاقة بين تركيا وقطر، وأن رهان أنقرة على التعهدات القطرية بإنقاذ اقتصادها يبدو مجرد وعود. كما يظهر أن الدوحة ضحكت على الأتراك حين استغلتهم في أزمتها مع محيطها الخليجي، في وقت تحمل فيه الشركات القطرية مخاوف بشأن مناخ الاستثمار في تركيا بعد أزمة الليرة التي اندلعت خلال الصيف الماضي.

ومن نقاط الخلاف الأخرى بين ديجي ترك والاتحاد التركي لكرة القدم، ذكر بعض المطلعين على المناقشات التي تجمع الطرفين إحباط الشبكة وأصحابها القطريين من غياب الإجراءات الفعالة المانعة للقرصنة التي أصابت عددا من المشتركين في خدماتها، واستياء لما اعتبروه ترددا من جانب الأندية الكبرى في توفير إمكانية الوصول إلى اللاعبين والمديرين لإجراء مقابلات بعد المباراة لجذب المشاهدين.

وكما أشارت صحيفة فايننشال تايمز إلى أن هذه المشكلة لا تعدّ عنصرا مألوفا في علاقة البلدين المتحالفين اللذين عملا معا وتعاونا في عدد من القضايا على الرغم من وقوف شركة قطر للطاقة على الجانب المقابل لحكومة أردوغان في النزاع القائم حول التنقيب عن الغاز مع شركة غاز شرق المتوسط.

ويعتقد مراقبون أن خيارات تركيا التصعيدية ضد الغرب بدأت تثير مخاوف القطريين الذين يسعون لاسترضاء واشنطن ومنع إثارة ملفها المتعلق بالإرهاب على أنظار القضاء، وقد أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن الاستعداد لضخ المليارات من الدولارات لإرضاء إدارة الرئيس دونالد ترامب.

ويقول المحلل السياسي التركي إلهان تانير إن العلاقة بين أمير قطر والرئيس التركي باتت تحت المجهر لرؤية ما إذا كان القطريون سيرون من سياسات تركيا في المنطقة وانفصالها عن الغرب أمرا مكلفا لمصالحهم.

وأضاف تانير في تصريح لـ”العرب” إذا تحوّلت تركيا لتصبح أكثر ميلا لجارتها روسيا، يمكن للقطريين أن يبتعدوا حفاظا على مصالحهم.

Thumbnail
1