أزمة الوقود أولى تداعيات سوء إدارة كورونا وبريكست

لندن- حث الأطباء وغيرهم من ذوي الأعمال الضرورية الحكومة البريطانية الثلاثاء، على التحرّك لتمكينهم من التزود بالوقود، متذمرين من عدم قدرتهم على الانتظار “ساعتين أو ثلاث ساعات في طوابير”، فيما يتعين عليهم استقبال المرضى مثلا، في ظل تفاقم أزمة نقص الوقود التي يرجعها متابعون إلى سوء إدارة الحكومة لأزمتي كورونا وملف بريكست.
واصطفت السيارات في طوابير طويلة خلال الأيام الأخيرة أمام محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد، حيث تهافت السائقون عليها بعد إعلان بعض الموزعين أنهم اضطروا لإغلاق منافذ البيع بسبب النقص في عدد سائقي الشاحنات المتفرغين لتوصيل الوقود.
وفي محطة في ليتون أحد أحياء شرق لندن، اصطفت 50 سيارة بدءا من الساعة السادسة صباحا الاثنين، فيما أمضى بعض المستهلكين قسما من الليل في انتظار التزود بالوقود، وفقا لمصور من وكالة فرانس برس.
وفي كل أنحاء البلاد، تضاعفت لافتات “لا وقود” أو المضخات المغطاة بلافتة تقول “خارج الخدمة”، بما في ذلك نحو 30 في المئة من محطات بريتيش بتروليوم (بي.بي) العملاقة التي تأثرت بهذه الازمة.

ديفيد ريغلي: إذا لم نحصل على وقود كاف، فسيؤثر ذلك على مرضانا
ووفق “رابطة تجار البترول” (بي.آر.إيه) نفد الوقود من حوالي نصف المحطّات البالغ عددها 8000 في المملكة المتحدة الأحد.
ورغم أن مجموعة بريتيش بتروليوم رحبت بقرار الحكومة منح عدد إضافي من التأشيرات المؤقتة لسائقي الشاحنات، حذرت من أن “القطاع سيحتاج إلى وقت لتعزيز عمليات التسليم وتجديد المخزونات في مواقع البيع”.
وتصر الحكومة على أنه لا يوجد نقص في الوقود في البلاد، بل إن الأزمة ناجمة عن تهافت المستهلكين القلقين على شرائه، متسائلة عن التصريحات المثيرة للقلق التي أطلقها اتحاد شركات النقل البري والتي زرعت بذور الذعر لديهم.
ويعود السبب في هذا الوضع غير المألوف إلى نقص العمالة الناجم عن الوباء وبريكست، ما دفع الحكومة إلى الاستعانة بالجيش مساء الاثنين “للقيام بعمليات التوصيل إذا لزم الأمر”.
وقال ديفيد براون رئيس الاتحاد الوطني للبريد السريع، ممثل شركات التوصيل المستقلة لوسائل إعلامية، إنه لم يلحظ التهدئة المأمولة بعد عدة أيام من التوتّر.
وأوضح أن شركته العاملة في التوصيل، اضطرت إلى رفض بعض الطلبات لأن “السائقين يجدون صعوبة في التزود بالوقود”، مضيفا “أسطولي محدود ومن الصعب للغاية التكهن إذا كان بإمكاننا التنقل”.
وترغب اتحادات العاملين في المجال الطبي وموظفي السجون في منح العاملين الضروريين الأفضلية في محطات الوقود التي أضحى الكثير منها خارج الخدمة.
وقال نائب رئيس الجمعية الطبية البريطانية ديفيد ريغلي على قناة سكاي نيوز الثلاثاء “إذا لم نحصل على وقود كاف، فسيؤثر ذلك على مرضانا، ونطلب من الحكومة اتخاذ إجراء”.
وأوضح أن الأطباء لا يمكنهم إضاعة “ساعتين أو ثلاث” بانتظار التزود بالوقود بينما يتعين عليهم معالجة المرضى. وتنوي بعض المدارس العودة إلى التعليم عن بعد إذا استمرت المشكلة.
وأوضح باتريك روتش الأمين العام لنقابة المعلمين بالقول “بالنسبة للعديد من المعلمين، لم يعد استخدام وسائل النقل العام خيارا متاحا، حيث توجد العديد من المدارس في مناطق يصعب الوصول إليها إلا باستخدام السيارات الخاصة”. وطالب كذلك بمنح المعلمين الأولوية للحصول على مخزون الوقود.
وعنونت صحيفة “ذي ميرور” صفحتها الأولى الثلاثاء “دعوا العمال الأساسيين يتزودون بالوقود أولا”، بينما انتقدت صحيفة “ذا صن” الحكومة لتسببها في “الفوضى” و”الإرباك”.
وقالت منظمة “لنتّحد”، وهي منظمة ناشطة في القطاع العام، إنه يتعين على الحكومة “توحيد صفوفها” في مواجهة أزمة الوقود واستخدام سلطات الطوارئ لحصر استخدام بعض محطات الوقود بالعمال الأساسيين.
ولمواجهة الأزمة، دعت الحكومة السائقين في الجيش إلى الاستعداد لإيصال الوقود إلى محطات الوقود إذا لزم الأمر. وسيتم تدريبهم قبل نشرهم.
وسعى وزير النقل غرانت شابس إلى طمأنة المستهلكين، مؤكدا أن “عمليات الشراء المدفوعة بالهلع كانت معتدلة”. وأشار شابس في بيان مساء الاثنين إلى أن “الناس استجابوا للدعوة إلى التزود بالوقود فقط عند الحاجة، وسياراتهم الآن ممتلئة على أي حال”.
وتحت الضغط، قررت الحكومة تعديل سياسة الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومنح ما يصل إلى 10500 تأشيرة عمل مؤقتة، من أكتوبر إلى ديسمبر للتعويض عن النقص الحادّ في عدد سائقي الشاحنات.
كما أشارت بعض الشركات إلى أنها تواجه صعوبات في التوصيل تؤثر على إمدادات المواد الغذائية في متاجر السوبرماركت ومطاعم الوجبات السريعة والحانات وغيرها، حيث نفد مخزون بعض المنتجات.
وعزا نيك توماس سيموندز النائب عن حزب العمال، أزمة الوقود إلى “العجز التام” للحكومة وسوء “إدارتها لبريكست”. وحمل أولاف شولتس وزير المالية الألماني والمستشار القادم المحتمل، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مسؤولية الأزمة الحالية.
وأردف شولتس الاثنين “لقد عملنا بجد لإقناع البريطانيين بعدم مغادرة الاتحاد الأوروبي” ولكن “الآن بعد أن قرروا القيام بذلك، آمل أن يتمكنوا من التعامل مع المشكلات الناجمة” عنها.