أزمة المعتقلين السياسيين لغم يهدّد جهود بناء الثقة بين فتح وحماس

غزة – رفضت حركة حماس الاثنين الاستجابة لمطالب الحكومة الفلسطينية بضرورة إطلاق سراح معتقلين سياسيين في قطاع غزة، في موقف يهدد بنسف الأجواء الإيجابية التي طبعت العلاقة بين حماس والسلطة الفلسطينية في الفترة الأخيرة، وقد يشكل لغما يفجر الاستحقاقات الانتخابية.
وقالت وزارة الداخلية التابعة لحماس في بيان صحافي، إن جميع السجناء لديها “موقوفون أو محكومون على خلفية قضايا جنائية، أو أمنية متعلقة بالإضرار بالمقاومة، وجميعها منظورة أمام القضاء الفلسطيني”.
واستدركت الوزارة بالقول إنها “تُجري معالجة قانونية لعدد من تلك القضايا تنفيذا للتوافق الوطني الفلسطيني ومساهمة في تعزيز أجواء الحريات العامة”.
وتعتقل حركة حماس العشرات من الكوادر الفتحاوية والعاملين في الأجهزة الأمنية بتهم مختلفة بينها التعامل مع السلطة الفلسطينية. وفي وقت سابق طالب اشتية حماس بالإفراج عن هؤلاء، نافيا وجود أي معتقل سياسي لدى الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية.
ويطلَق مصطلح “الاعتقال السياسي” في أراضي السلطة الفلسطينية على الاعتقالات التي تتم على خلفية الانتماء السياسي، كنتيجة للانقسام المستمر بين حركتي “فتح” التي تدير الضفة الغربية و”حماس” التي تدير قطاع غزة، منذ عام 2007.
والسبت أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما خاصا بتعزيز الحريات العامة في الأراضي الفلسطينية كجزء من توافقات جرت بين الفصائل في القاهرة في ختام حواراتها يومي 8 و9 فبراير الجاري، تمهيدا للانتخابات.
وشمل المرسوم الرئاسي “التأكيد على حظر الملاحقة والاحتجاز والتوقيف والاعتقال وكافة أنواع المساءلة خارج أحكام القانون لأسباب تتعلق بحرية الرأي والانتماء السياسي”.
وقال اشتية “عطفا على المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس عباس لتعزيز مناخات الحريات العامة وإطلاق سراح السجناء على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي، نطالب حماس بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في قطاع غزة والبالغ عددهم أكثر من 80 معتقلا”.
وتابع “لا يوجد لدى أجهزتنا الأمنية (في الضفة) أي معتقل سياسي أو صاحب رأي أو صاحب انتماء سياسي”.
وكان أمين سر هيئة العمل الوطني، محمود الزق، أكد وجود مفاوضات بين فتح وحماس لإنجاز خطوة الإفراج عن المعتقلين السياسيين في غزة، معربا عن “أسفه الشديد لعدم التعامل مع الأمر بشكل جدي في غزة”.
وأضاف “الأصل أن يتم التعامل مع هذا الملف بروح المرسوم على طريق إنهاء الاعتقال السياسي لتهيئة الأجواء للانتخابات التشريعية التي ستكون مدخلا لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة”.
وكانت القاهرة احتضنت اجتماعا بين الفصائل الفلسطينية تم خلاله التوافق على جملة من الترتيبات في علاقة بالانتخابات العامة التي ستجرى على ثلاث مراحل.
وتشكل هذه الانتخابات أهمية كبرى لجهة أنها ستحدد شكل القيادة الفلسطينية المقبلة، في ظل قلق في صفوف الأوساط الشعبية من سعي أحد الطرفين فتح أو حماس للتملص من هذا الاختبار إذا ما اتضحت لأحدهما إمكانية التعرض للخسارة.
ويرى مراقبون أن هذه المخاوف لها ما يبررها، حيث أن كلا الطرفين لن يعدم الحجج والذرائع وقد يشكل ملف المعتقلين السياسيين أحدها.
وتبادلت حماس وحركة فتح التي تهيمن على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية اتهامات مستمرة بشن حملات اعتقال سياسي على مدار سنوات الانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007.
ويأمل الفلسطينيون في أن يتجاوز الطرفان هذا الانقسام من خلال الانتخابات، بيد أن مراقبين يشككون في إمكانية ذلك لعدة أسباب بينها الاختلاف الفكري والسياسي بينهما حد التناقض، والذي يصعب في ظله الحديث عن تعايش أو شراكة.
وأصدر الرئيس عباس في منتصف يناير الماضي مرسوما حدد بموجبه مواعيد الانتخابات: التشريعية في 22 مايو والرئاسية في 31 يوليو والمجلس الوطني في 31 أغسطس.