أزمة الديون وفاتورة كورونا تهددان حياد سلطنة عمان

هل يكون تسريع التطبيع مع إسرائيل طوق نجاة اقتصادي أمام السلطان هيثم بن طارق.
الثلاثاء 2020/10/13
أي طريق ستسلكه سلطنة عمان

مسقط - تهدد أزمة الديون المتزايدة رغبة السلطان هيثم بن طارق في الحفاظ على سياسة الحياد التي باتت سمة خاصة بسلطنة عمان، وسط تساؤلات عمّا إذا كان الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد سيدفعها إلى البحث عن طوق نجاة باتّباع طريق الإمارات والبحرين في بناء علاقات مصالح مع إسرائيل؟

وعلى الرغم من ضغوط الإسرائيليين ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اختار السلطان هيثم، في الوقت الحالي على الأقل، الابتعاد عن عربة التطبيع، والتمسك بمسار مبادرة السلام العربية كأرضية للحل. لكن مراقبين يقولون إن وضع سلطنة عمان قد لا يسمح بالبقاء على الموقف نفسه، وأنها قد تضطر إلى تعديل موقفها.

ويتولى السلطان هيثم منصبه منذ يناير بعد وفاة السلطان قابوس الذي حكم لمدة خمسين عاما وكان هو من أرسى سياسة الحياد في الدولة الخليجية. وفي منطقة تتطلب في الغالب اتخاذ موقف، أثار السلطان الجديد إعجاب المراقبين بإدارته الدقيقة لإرث الحياد الذي ورثه عن السلطان الراحل قابوس.

وكان بومبيو جعل من مسقط محطته الأخيرة بعد زيارة قام بها لإقناع البحرين والسودان وسلطنة عمان بضرورة اللحاق بركب الإمارات في التوصّل إلى اتفاق تعاون مع إسرائيل.

وفي هذا السياق، استجابت البحرين بسرعة. أما السودان فما زال يدرس عرض إنهاء العقوبات الأميركية كمقابل لهذه الخطوة. لكن سلطنة عمان لم ترسل بعدُ ما يؤشّر على أنها تنوي دخول هذا المسار إما لحساسيته أو لرغبتها قبل ذلك في الحصول على طوق نجاة من الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة.

وتتجه الأنظار في سلطنة عمان إلى الجيران الخليجيين، وخاصة السعودية والإمارات، بحثا عن قروض أو استثمارات تساعدها في الخروج من الأزمة. لكن مراقبين يقولون إن الأمر يحتاج إلى تعديل في سياسات مسقط بشأن إيران والملف اليمني، وإبداء تفهم لمخاوف الرياض من النفوذ الإيراني، وهو أمر لم تظهر أي مؤشرات على تأكيده في السياسة الخارجية لسلطنة عمان بالرغم من إبداء السلطان هيثم في خطاب تسلم العرش رغبة شديدة في تقوية التقارب مع الجيران الخليجيين.

سالم بن حمد الجهوري: سلطنة عمان لا تربط تحسن اقتصادها بالتطبيع مع إسرائيل
سالم بن حمد الجهوري: سلطنة عمان لا تربط تحسن اقتصادها بالتطبيع مع إسرائيل

كما أن دول الخليج، بدورها، تعيش تحت وقع عبء الوباء وتراجع أسعار النفط، ما جعلها تعدّل سياسة المساعدات الخارجية، وهو أمر ظهر بشكل جلي في العلاقة مع الأردن. كما باتت مساعدات الخليجيين محكومة بعوامل كثيرة منها الاستثمار في تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة والاستثمار في الترفيه والثقافة، وزيادة الإنفاق على الأمن والواردات العسكرية، فضلا عن ربط المساعدات بالمواقف السياسية.

وبالتوازي مع ذلك من الصعب على الكويت أن تتولى نجدة العمانيين بسبب ظروفها الخاصة، والأزمة التي تعانيها في ضوء تهاوي أسعار النفط. كما أنه من الصعب أن تلجأ مسقط إلى قطر بسبب تعقيدات أي تقارب معها وما قد يفضي إليه من إثارة غضب الرياض وأبوظبي.

ويقول متابعون للشأن العماني إن تعقيدات الأزمة المالية ربما تدفع السلطان هيثم إلى مواصلة مسار الانفتاح الذي سلكه الراحل قابوس من خلال فتح قنوات تواصل مع إسرائيل، خاصة في ظل الحراك الإقليمي بشأن التطبيع، وهو مسار قد يفتح أمام مسقط فرصا للحصول على ما تريده في أسرع وقت.

وما يجعل عملية التوازن التي يقوم بها السلطان هيثم أكثر صعوبة هو الحالة غير المستقرة للشؤون المالية العمانية، إذ تعيش البلاد في خضم أزمة ديون كبيرة تفاقمت بسبب الركود العالمي الناجم عن انتشار فايروس كورونا، فضلا عن الانخفاض المستمر في أسعار النفط “72 بالمئة من الإيرادات الحكومية تأتي من بيع النفط والغاز مع كون الصين أكبر سوق في عمان”.

وبلغت نسبة الدين العماني إلى الناتج المحلي الإجمالي 60 بالمئة في أوائل عام 2020. وهي تتجه الآن نحو تسجيل الـ70 بالمئة. وفي عام 2015، بلغت النسبة 15 بالمئة.

لكن الباحث العماني سالم بن حمد الجهوري يستبعد أن تربط بلاده تحسن اقتصادها بالتطبيع مع إسرائيل، معتبرا أن إسرائيل هي أيضا تبحث عمّن يُنعش اقتصادها فكيف لها أن تحسّن اقتصاديات الدول الأخرى.

وقال الجهوري في تصريح لـ”العرب” إن مسقط تربط تحسن علاقتها مع تل أبيب بالتزام إسرائيل بالقرارات الدولية وقيام الدولة الفلسطينية.

وأوضح الجهوري، الذي يشغل منصب نائب رئيس الجمعية العمانية للصحافيين، أن عمان لديها عدد من الخيارات لتحسين حالتها الاقتصادية التي تمر بها نتيجة انخفاض أسعار النفط دون المتوقع، ما أثّر في الموازنات المقدرة سلفا وأدى إلى تأخر بعض مشاريع الدولة.

وتابع أن ذلك لا يوقف الحكومة العمانية عن التفكير في البدائل، فلديها شركاء إستراتيجيون في الاقتصاد مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وكوريا. وهم شركاء تاريخيون، ليس اقتصاديا فقط بل سياسيا أيضا، ويستثمرون في المناطق الصناعية والحرة في عمان، كما يستثمرون في التنقيب عن النفط وإقامة المشاريع العملاقة.

وأضاف أن لدى بلاده اتفاقيات تجارية مع كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر لإقامة المشاريع المشتركة.

اقرأ أيضاً:

1