أزمات مركّبة تهدد بتفجير الأغلبيات في بعض المجالس البلدية بالمغرب

خبراء القانون الدستوري يؤكدون أن التوترات داخل المجالس تهدد بتفجيرها ما يتطلب تدخلا من وزارة الداخلية لإعادة الأمور إلى نصابها.
الجمعة 2022/05/13
تضارب مصالح يهدد بالتفكك بدل العناق

الرباط - تواجه الأغلبيات في عدد من المجالس البلدية بالمغرب شبح التفكك بسبب غليان راجع إلى اتهامات بتضارب المصالح والفساد وسوء التدبير، خاصة في الرباط والدار البيضاء ومكناس.

وانتقد حزبُ الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة وأحزاب أخرى حزبَ التجمع الوطني للأحرار، شريكها في التحالف الحكومي، بسبب ما اعتبرته هذه الأحزاب سوء تسيير لمقاطعة عين الشق في مدينة الدار البيضاء.

ويعود ذلك حسب بيان لهذه الأحزاب إلى ما وصفته باستفراد رئيس المقاطعة شفيق بنكيران ونائبه الثاني بالتسيير وعدم إشراك غالبية أعضاء المكتب والمجلس في اتخاذ بعض القرارات التي تهم مصلحة السكان.

واتهمت تلك الأحزاب الرئيس بالتصرف الانفرادي في الميزانية المرصودة للأشغال، دون اتفاق مسبق مع غالبية أعضاء المكتب المسير، قائلة إنه "يستعمل ميزانية الأشغال والصفقات لحملات من أجل تلميع صورته ونائبه الثاني".

شريفة لموير: التوتر داخل المجالس لا يشكل تهديدا للتحالف الحكومي

ودعت الأحزاب الغاضبة السلطات إلى التدخل في شخص عامل عمالة مقاطعة عين الشق، وطالبته بـ"عقد لقاء معها حتى تضعه في صورة ما يقع داخل المقاطعة وتطلعه على الخروقات المسجلة".

وأكدت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية في تصريح لـ"العرب" أن "التدبير على مستوى المجالس البلدية تحكمه معايير غير التي تتحكم في التحالف على مستوى الأغلبية الحكومية، لذلك من غير المفاجئ أن يسود اللاتناغم وتضارب المصالح وسوء التدبير بين مكونات هذا التحالف"، موضحة أن ذلك "نتيجة التحالفات غير المتوازنة التي تولي المصالحَ الخاصة أهميةً على حساب المصلحة العامة وهذا ما يغرق المجالس في سوء تدبير وفساد".

وعلى مستوى مجلس الرباط خلقت اتهامات بتضارب المصالح لدى عدد من المستشارين في المجلس جدلا واسعا، وذلك بعدما طالب مستشارون من المعارضة والأغلبية رئيسة مجلس جماعة الرباط أسماء أغلالو بتقديم التقرير حول المستشارين المعنيين بتضارب المصالح.

وتبادل مستشارون من الأغلبية والمعارضة داخل المجلس الاتهامات في هذا الصدد، مطالبين بتفعيل ما جاء في دورية صادرة عن وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، أوصى فيها الولاة والعمال بالوقوف في وجه المنتخبين الذين يستفيدون من مصالح مشتركة مع المجالس التي يحظون فيها بصفة تمثيلية.

وقالت مصادر من داخل المجلس لـ"العرب"، إن "بعض المستشارين يتخوفون من تطبيق ما جاء في الدورية كونهم يترأسون جمعيات محلية تستفيد من دعم الجماعة ويستفيدون من امتياز موقعهم للحصول على صفقات لصالحهم، لأنهم مطالبون بالاستقالة من تلك الجمعيات".

وأضافت المصادر أن "الدولة عازمة على فرض القانون على هؤلاء الذين يحاولون الاستفادة من موقعهم داخل المجالس البلدية لتمرير صفقات تخص شركاتهم، ومن المرتقب أن تصدر ولاية الرباط مراسلة للعمدة في هذا الشأن".

وشددت أغلالو خلال كلمتها لافتتاح دورة مايو للمجلس البلدي مكناس على أنها ستعمل على "إنجاز التقارير الخاصة بحالات تضارب المصالح والمعنيين بها"، مبينة أن هذا الموضوع يحظى بالجدية اللازمة من طرف رئاسة المجلس، ولن يستثنى أي طرف سواء كان من المعارضة داخل المجلس أو من أحد أحزاب الأغلبية ولو كان زميلا لها في الحزب.

حزبُ الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة وأحزاب أخرى انتقدت شريكها في التحالف الحكومي بسبب ما اعتبرته سوء تسيير لمقاطعة عين الشق

ولفتت لموير إلى أن "كل هذه التوترات التي تعرفها المجالس مزايدات بين مكونات هذه التحالفات التي تضاربت مصالحها، وليس من الصعب تهدئة هذه التوترات"، مستبعدة أن تسبب "هذه التوترات تهديدا للتحالف الحكومي"، وأضافت أن هذه الدورية يمكن أن تكون رادعا للمنتخبين الفاسدين أو السماسرة، إذا تم التعامل بالحزم المطلوب تبجيلا للمصلحة العامة.

ويبدو أن أزمة المجالس البلدية طالت أيضا جماعة مكناس؛ حيث وجه أعضاء من حزب الأصالة والمعاصرة اتهامات ثقيلة إلى رئيس المجلس الجماعي للمدينة جواد باحجي، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، شريك حزب الأصالة في الحكومة، تتعلق بـ"الفشل الذريع لرئيس المجلس الحضري في إيجاد حلول للوضعية المزرية التي تعاني منها المدينة".

وأعلن أعضاء مجلس جماعة مكناس المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة انسحابهم من أشغال دورة مايو لمجلس جماعة مكناس، بسبب عدم الإصرار على متابعة المتهربين من الضرائب، وخصوصا ذوي المشاريع الكبرى وذوي النفوذ، فضلا عن التأخر في إخراج الرخص المتعلقة بقسم التعمير والقسم الاقتصادي، الأمر الذي يفتح شهية السماسرة.

واعتبر محمد البوكيلي، نائب رئيس المجلس، عن حزب الاستقلال أن اتهامات بالسمسرة والرشوة والابتزاز والفساد تفجرت داخل دورة المجلس البلدي، ومضمنة بمحضر رسمي للدورة تتطلب تدخلا مباشرا من النيابة العامة.

وأكد خبراء في القانون الدستوري أن هذه التوترات داخل المجالس تهدد بتفجيرها، ما يتطلب تدخلا من وزارة الداخلية الوصية على أعمال المجالس، لإعادة الأمور إلى نصابها. وقد تذهب الأمور إلى إعادة انتخاب الرؤساء في بعض المجالس البلدية التي قد تتفجر فيها الأغلبية.

4