أردوغان المتحمس لغزو ليبيا يسعى لتفاهمات مع بوتين أولا

طرابلس - يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يبدو مستعجلا أكثر من أي وقت مضى على إرسال قوات إلى ليبيا لمؤازرة ميليشيات حكومة “الوفاق”، لوضع تفاهمات مع روسيا التي تدعم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.
وتقلق أطماع أردوغان المتزايدة للسيطرة على ليبيا أوروبا رغم تباين مواقف عدد من دولها من الأزمة الليبية، وهو ما أكدته زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجو دي مايو الثلاثاء إلى ليبيا حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج والمشير خليفة حفتر.
وقال دي مايو الأربعاء إنه وجه دعوة للمشير خليفة حفتر للقائه في روما قريبا لبحث سبل استئناف العملية السياسية.
وأكد أردوغان الأربعاء، أن بلاده ستعمل على تسريع التعاون مع ليبيا، وإنها مستعدة لمساعدتها في أيّ لحظة، ما عزّز التكهنات بقرب نشر قواته في البلاد بناء على اتفاقية يصفها مراقبون بأنها “منقوصة الشرعية” باعتبارها عقدت مع رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج دون التشاور مع بقية أعضاء المجلس الذين يقاطع بعضهم اجتماعاته في ما استقال أعضاء آخرون منه، بالإضافة إلى أن الاتفاق لم يحظ بموافقة البرلمان.
وأضاف أردوغان “سنعمل على تسريع التعاون بين تركيا وليبيا، وعبّرنا للجانب الليبي عن استعدادنا للمساعدة في أيّ لحظة إذا تطلب الأمر، بما في ذلك التعاون العسكري والأمني”.
وفي الـ27 من نوفمبر الماضي، وقع أردوغان ورئيس حكومة “الوفاق” فايز السراج، اتفاقيتين تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وصادق البرلمان التركي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وأحيلت له السبت مذكرة التعاون الأمني والعسكري للمصادقة عليها.
وأثار إعلان الكرملين الثلاثاء ترحيل المباحثات بين الرئيس فلاديمير بوتين وأردوغان حول الدعم العسكري التركي لحكومة “الوفاق”، إلى الشهر المقبل، قلق أردوغان الذي سارع بعد ساعات من بيان الكرملين للتباحث مع بوتين هاتفيا.
وعن فحوى المكالمة الهاتفية وما إذا كانت تطرقت إلى خطة تركيا لإرسال جنود إلى ليبيا، أشار أردوغان الأربعاء، إلى تكليف وفد يضم نائبي وزيري الخارجية والدفاع ومسؤولين من الاستخبارات والأمن القومي، بزيارة موسكو خلال فترة قصيرة.
وأوضح أن هذا الوفد سيناقش القضايا الإقليمية بشكل مفصل مع الجانب الروسي.
وبيّن أنه طلب من بوتين أن تكون المباحثات بناءة وتتوصل إلى نتيجة في فترة قصيرة، والأخير قال إنه سيصدر التعليمات اللازمة بنفس الشكل.
ويسعى أردوغان لنشر قواته في ليبيا في أقرب فرصة، لاسيما في ظل حديث الجيش الليبي عن قرب حسم المعركة لصالحه، ما من شأنه وضع حد للنفوذ التركي في ليبيا وسقوط اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تلقى معارضة من عدة دول في مقدمتها اليونان.
ويخوض الجيش منذ تسعة أشهر معركة لتحرير العاصمة من الميليشيات والمجموعات الإرهابية المتحالفة مع حكومة الوفاق، وازدادت وتيرة المعارك منذ إطلاق المشير خليفة حفتر الخميس الماضي، لإشارة الهجوم الحاسم على طرابلس.
إقرأ أيضاً:
ومنذ تلويح الرئيس التركي بإرسال قوات إلى ليبيا توقع مراقبون أن تبرز القضية الليبية كأداة جديدة محتملة لإفساد العلاقات بين موسكو وأنقرة، لاسيما مع نشر تقارير إعلامية غربية تؤكد مشاركة قوات روسية في القتال إلى جانب الجيش الليبي للسيطرة على العاصمة طرابلس وهو ما نفته موسكو مرارا.
وخلال مقابلة مع محطة تي.آر.تي التي تديرها الدولة، قارن أردوغان الأربعاء الماضي دعم روسيا لسوريا بدعمها لليبيا. وقال أردوغان “آمل ألا يدع الروس حفتر لتصبح هناك سوريا أخرى”.
ويبدو أن أردوغان يحاول استنساخ نفس التفاهمات التي تم التوصل إليها في سوريا مع موسكو رغم التناقضات، في ليبيا.
ويؤكد ديميتار بيشيف، الباحث الزميل في المجلس الأطلسي، أن هناك حدا للتعاون بين روسيا وتركيا، إذ أن البلدين شريكان في بعض الأحيان وخصمان في أحيان أخرى. وأشار إلى أن القوات الروسية تعمل في سوريا وفي شبه جزيرة القرم وفي أرمينيا، وكذلك في البحر الأسود.
وأضاف لـ”العرب”، “يتعين على تركيا التوفيق بين الكثير من الصراعات، وعلى الرغم من قدراتها البحرية، إلا أنها تقف موقف ضعف أمام روسيا… في مواجهة روسيا، يجب على تركيا أن تجد سبيلا لموازنة الأمر، أن تنخرط ولكن في نفس الوقت تملك خيارات أخرى. المواجهة ليست مطروحة بالتأكيد”.
وفي صورة ما نجح أردوغان في التوصل لصيغة تفاهم مع روسيا لنشر قواته في ليبيا، سيكون قد نجح في تخفيف الغضب الدولي بشأن الاتفاقيتين اللتين وقعهما مع السراج وأغضبتا الاتحاد الأوروبي خاصة.
وذكرت صحيفة “كوريري ديلا سيرا” الإيطالية الأربعاء، أن زيارة وزير الخارجية الايطالي لويجي دي مايو الخاطفة لغرب ليبيا وشرق يوم الثلاثاء نبعت، قبل كل شيء، من مخاوف التدخل العسكري التركي المحتمل في الصراع الدائر هناك ولدفع مسؤولي حكومة الوفاق لتجميد مذكرتي التعاون مع أنقرة حول الحدود البحرية والتعاون الأمني.
ونوهت الصحيفة إلى أن فرضية التدخل العسكري التركي تشكل مصدر قلق مشترك بين روما وباريس وبرلين، على الرغم من الكثير من الاختلافات في المواقف بشأن الأزمة الليبية.