أرباح أرامكو السعودية تتراجع بسبب تداعيات كورونا

قادت جائحة كورونا أكبر شركة نفطية في العالم أرامكو السعودية إلى تسجيل خسائر قياسية في ظل انهيار أسعار النفط جراء كورونا وإغلاق الاقتصادات، حيث تقلصت هوامش الربح في أعمال التكرير والبتروكيمياويات فضلا عن الضبابية التي تكتنف انتعاش الطلب في وقت تواصل فيه الجائحة الضغط على الطلب.
الرياض - اشتدت ضغوط كورونا على شركة النفط السعودية أرامكو التي باتت تحصي خسائر قياسية حيث تشهد السوق تقلبات زادت حدتها الإغلاقات الاقتصادية التي تعسر مهام انعاش الطلب ما يفاقم مخاوف كبرى الشركات النفطية.
وأعلنت شركة أرامكو النفطية السعودية الثلاثاء عن تراجع أرباحها بنسبة 44.6 في المئة في الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، في وقت تواجه المملكة تبعات فايروس كورونا المستجد وانخفاض الطلب على الخام.
وحقّقت الشركة العملاقة أرباحا صافية بقيمة 11.79 مليار دولار في الربع الثالث من العام، مقارنة بأرباح بقيمة 21.3 مليار دولار في الربع ذاته من سنة 2019، لتصل بذلك أرباحها إلى 35.2 مليار دولار هذا العام في تراجع بنسبة 48.6 في المئة عن العام الماضي.
وتؤكّد هذه النتائج أنّ سوق النفط لا يزال بعيدا عن الانتعاش بشكل كامل في ظل استمرار عمليات الإغلاق المرتبطة بفايروس كورونا المستجد حيث تشهد العديد من الدول موجة جديدة من الإصابات والوفيات.
وقالت أرامكو في بيان نشرته سوق المال السعودية “تداول” على موقعها إنّ النتائج تعكس “بشكل أساسي تأثير انخفاض أسعار النفط الخام وحجم المبيعات، وضعف هوامش الربح في أعمال التكرير والكيميائيات”.
وأظهرت نتائج أرامكو في الفترة من يوليو إلى سبتمبر تحسنا مقارنة بالربع الثاني عندما سجّلت أرباحا بقيمة 6.57 مليار دولار.
وقال أمين الناصر رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين “بدأنا نشاهد بوادر أولية لتعافي الطلب على الطاقة خلال الربع الثالث إزاء تحسن الأنشطة الاقتصادية، على الرغم من التحديات التي تواجه أسواق الطاقة العالمية”.
وأضاف “سنستمر في اعتماد نهج منضبط ومرن لتخصيص رأس المال في مواجهة تقلّبات السوق. ونحن واثقون في قدرة أرامكو السعودية على القيادة في الأوقات الصعبة وتحقيق أهدافها”.
وذكر الناصر أنّ أرامكو ملتزمة بتوزيع أرباح على المساهمين بقيمة 18.75 مليار دولار عن الربع الثالث، وهو مبلغ يتجاوز الأرباح المعلنة.
منذ بدء إنتاجها النفطي في العام 1938 عندما تم اكتشاف الذهب الأسود بكميات تجارية من “بئر الخير”، حقّقت شركة النفط العملاقة ثروات تفوق الخيال للمملكة الصحراوية.
لكن الشركة واجهت منذ إدراجها في السوق المحلية العام الماضي تحدّيات كبرى في الأسواق العالمية مع خسارة الخام نحو ثلثي قيمته.
وكانت أرامكو أُدرجت في البورصة السعودية في ديسمبر بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.
وتعهدت الشركة قبل الاكتتاب بدفع أرباح بقيمة 75 مليار دولار عام 2020.
وقال طارق فضل الله الرئيس التنفيذي لوحدة الشرق الأوسط في مؤسسة “نومورا لإدارة الأصول” إنّ “توزيعات أرباح أرامكو الآن أكبر بكثير من دخلها”.
وأضاف “هذه ليست مشكلة إذا انتعش النفط العام المقبل، لكنها ستكون مشكلة كبيرة إذا لم يحدث ذلك”.
تساعد توزيعات الأرباح من أرامكو التي يُنظر إليها على أنها الممول الأكبر للمملكة، الحكومة السعودية على إدارة عجز ميزانيتها الآخذ في الاتساع.
44.6
في المئة نسبة تراجع أرباح أرامكو خلال الربع الثالث من العام بمقارنة سنوية
وسجلت العديد من شركات النفط حول العالم تراجعات ضخمة في أرباحها وحتى خسائر، ومن بينها “اكسبو موبيل” و”شيفرون”.لكن الناصر أكّد بالمقابل أن نتائج أرامكو تعكس “مرونتها”.
ويقول محلّلون إن شركات الطاقة تستعد لموجات جديدة من الإصابات بفايروس كورونا والتي قد تقوّض مساعي الانتعاش الاقتصادي العالمي والطلب على النفط في جميع أنحاء العالم.
وأفادت وكالة بلومبرغ المالية في يونيو أن الشركة خفضت إنفاقها الرأسمالي هذا العام وألغت أيضًا المئات من الوظائف مع سعيها لخفض التكاليف.
وتضررت السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بشدة من الضربة المزدوجة جراء انخفاض الأسعار والتراجعات الحادة في الإنتاج.
ومن المتوقع أن يؤدي الانخفاض الحاد في إيرادات الخام إلى عرقلة خطط ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان الطموحة لتنويع اقتصاد المملكة المرتهن للنفط.
ويرى خبراء أن الموجة الوبائية الثانية وضعت منظمة أوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط) تحت ضغوط فائض المعروض والخفض معا، ما عسر معادلة ضبط توازن السوق في ظل إغلاق الاقتصادات والمد المعاكس من العراق وليبيا اللذَين ضاعفا الصادرات في تحدّ جديد يربك جهود ترتيب فوضى النفط.
وارتفع إنتاج نفط أوبك للشهر الرابع في أكتوبر، وفقا لنتائج مسح أجرته رويترز، وذلك بفعل إعادة تشغيل المزيد من المنشآت الليبية وزيادة الصادرات العراقية، مما أبطل أثر الالتزام الكامل من سائر الأعضاء باتفاق خفض المعروض الذي تقوده المنظمة.
وبحسب المسح، ضخت منظمة البلدان المصدرة للبترول المؤلفة من 13 عضوا 24.59 مليون برميل يوميا في المتوسط على مدار شهر أكتوبر، بزيادة 210 آلاف برميل يوميا عن سبتمبر وفي تعزيز جديد من أدنى مستوى في ثلاثة عقود المسجل في يونيو.
وتتراجع أسعار النفط تحت وطأة زيادة في معروض أوبك وضربة جديدة للطلب بسبب تنامي الإصابات بفايروس كورونا، ليفقد الخام 8 في المئة في أكتوبر مقتربا من حوالي 37 دولارا للبرميل. ويقول بعض المحللين إن هذا الانخفاض يضغط على أوبك وحلفائها في ما يعرف بمجموعة أوبك+، لتأجيل زيادة المعروض المقررة في يناير 2021.
ووسط تزايد إصابات كوفيد – 19 في أوروبا، فرضت فرنسا لزوم المنازل ابتداء من الجمعة إلا للأنشطة الضرورية، في حين ستغلق ألمانيا الحانات والمطاعم والمسارح من الثاني من نوفمبر إلى نهاية الشهر.