أحمد دخيل النقيب بين النصين الشعري والتشكيلي

"جمالية الكتابة في النص الشعري التشكيلي" جلسة نقدية لتجربة الفنان العراقي.
الاثنين 2024/10/14
تشكيل وشعر يتحركان في تناغم

اعتمد الفنان العراقي أحمد دخيل النقيب الخط عنصرا أساسيا في لوحاته، لكن ليس أي خط وإنما الخط الذي عبّر به شعراء عن أحاسيسهم وأفكارهم، فصار يعيد كتابتها بأسلوبه محيلا لوحاته إلى قصائد تشكيلية تمزج بين التعبير بالشكل والحرف وتأريخ بصري لقصائد أشهر الشعراء العراقيين والعرب.

بغداد- على قاعة مركز يوسف ذنون للدراسات والأبحاث التاريخية والفنية في محافظة نينوى الموصل، أقيمت محاضرة نقدية تحت عنوان “جمالية الكتابة في النص الشعري التشكيلي” تناقش تجربة الفنان الدكتور أحمد دخيل النقيب، قدمها الكاتب المسرحي والسينمائي فلاح النداوي، بعد كلمة ترحيب وتعريف بالفنان التشكيلي والمشاركين ألقاها مدير المركز أسامة يوسف ذنون.

بدأ فلاح النداوي مقرر الجلسة استذكار الفنان التشكيلي أحمد دخيل النقيب وتقديم تعريف موسع لحياة ومسيرة وزمالة الفنان المحتفى به والصلة بينهما ومراحل حياته وعلاقتهما المتواصلة، ثم عرض فيلما عن مسيرة النقيب وتجاربه أعده هاني السطاني.

بدأ الحوار والنقاش بين مقرر الجلسة والمحاضر، بعد ذلك تلت مداخلات من قبل الإعلامي أبوكرم، والفنان منير الطائي، والفنانة فريال العمري، والناشط صفوان قاسم، والباحث رافع السراج ومجموعة أخرى من الحضور المثقف، تبعها تقديم شهادة تقديرية خاصة من فناني ملتقى بعشيقة للفنون.

◄ تكريم للفنان عن مجمل مسيرته
تكريم للفنان عن مجمل مسيرته

ملخص ما جاء في هذه الجلسة أن تجربة الفنان النقيب، تعتمد على مفردات اللوحة، وهي: النقطة التي تساوي مجموع النقاط لتشكل الخط، ثم مجموعة الخطوط التي يتكون منها الشكل، ومن ثم مجموعة الأشكال التي يتكون منها الحجم، ولها لون، وملمس، لتكوين اللوحة مع الفضاء والفراغ والتوازن والموضوع، وهو أساس عمل تنفيذ اللوحة.

أما مفردات القصيدة فهي منسوجة من الحرف ثم الكلمة ثم الجملة، لتشكل بالتالي البيت الشعري، ثم تتكون القصيدة من مجموعة الأبيات وتحتوي القصيدة على الموضوع وتشبه لوحة الرسم، وكذلك اللغة والخيال والوزن والتفعيلة والبحور والقافية وهذه كلها أسس عملية في تكوين ولادة القصيدة الشعرية للشعر والرسم بعلاقة وثيقة، الأولى الكلمة، والثانية باللون والخط وعناصره المشتركة، وكما أطلق عليها الناقد د. أحمد جارالله الرسم والشعر “جيران”.

والتعامل مع الشعر له فلسفة واضحة وصعبة من حيث التحليل واستخدام المفردات لغرض إيصالها إلى المشاهد، ولها جهودها الخاصة من أجل قراءة النص الشعري في اللوحة التشكيلية، واستخدام الكتابة على اللوحة التشكيلية أصبح من مميزات لوحات الفنان النقيب التشكيلية ولها قيمتها الجمالية وحضورها البصري في جميع أعماله الفنية.

هي بالتأكيد ليست سهلة، وإنما تحتاج إلى إحساس وفكر وإدراك ووعي إلى جانب الدخول إلى المدركات الحسية والصراع “الديالكتيك” في عملية الوصول إلى الهدف المنشود من خلال اللوحة، والخط، والشكل، والحجم، وغيرها من عناصر اللوحة التشكيلية، فأصبح عنصر الكتابة مضافا إلى هذه المفردات لتكون الرمزية إضافة إلى العنصر الجمالي الذي يضع المشاهد في عملية ولوج إلى داخل العمل الفني وتستفزه للغوص في الأعماق، وهي ظاهرة غريبة لمشاهد في حالة تفكيك مفردات العمل الشعري وصياغتها تشكيليا، وهي بالتالي رسالة نقل معاناة الشاعر جمالا وحسا ومشاعر وتعبيرا لتحويل تجربته اللفظية إلى مادة بصرية وهذا تمرد في خيال الفنان واختزال الحدث من اللفظ إلى الملمس البصري.

◄ لكل قصيدة حكاية ليس من السهل تنفيذها بما يلائم مشاعر الشاعر لكن النقيب نجح في التوفيق بين القصيدة واللوحة
لكل قصيدة حكاية ليس من السهل تنفيذها بما يلائم مشاعر الشاعر لكن النقيب نجح في التوفيق بين القصيدة واللوحة

وبما أن الشعر والتشكيل يسيران في اتجاه واحد مع احتفاظ القصيدة على مكانتها والرسم على مكانته نقرأ النص تشكيليا. تم اعتماد التجسيد على المخيلة والرؤية للقصيدة وبذلك تحقق عنصر الإحساس والاختزال والوصول إلى الإبداع في خط واحد بين الشعر والرسم. لكل قصيدة حكاية أو محطة لشاعرها وليس بالسهل تنفيذها بما يلاءم مشاعر الشاعر وأحاسيسه، لكن الفنان أحمد النقيب نجح في التوفيق بين القصيدة واللوحة.

عملية قراءة القصيدة الشعرية تشكيليا ليست بالسهولة عند الفنان النقيب فقد اختار الصعب منها بالعمل الفني، رحلة جميلة في عالم الكلمة والقراءة للنص من خلال الوعي والثقافة وتحليل المفردات، والكتابة أصبحت عنصرا جماليا في العمل الفني لقراءة النص الشعري تشكيليا.

عند إزالة الكتابة يفقد العمل جمالا ومضمونا فالكتابة أصبحت ملازمة لهذا الأسلوب الذي يشتغل عليه أحمد دخيل النقيب.

وعن هذا الأسلوب المميز، يذكر النقيب “بدأت في العام 1982 برسم قصيدة الشاعر الكبير المصري أحمد عبدالمعطي حجازي بعنوان ‘موعد في الكتف’، ثم قصيدة الشاعر الموصلي الكبير معد الجبوري عام 1998، وقصيدة الشاعر الدكتور أحمد جارالله عام 2019. وفي العام 2020، بدأت المرحلة الكبيرة متزامنة مع جائحة كورونا بقصائد متنوعة لشعراء من العراق وخصوصا شعراء الموصل، الذين رسمت قصائدهم منذ العام 2023، ومنهم: ميسر الخشاب ووليد الصراف ومحمد صابر عبيد وفلاح النداوي والمرحوم القاص حسين رحيم ومروان ياسين الدليمي وهشام عبدالكريم ورعد فاضل وفيصل القصيري وخالد عند صالح وأمجد محمد سعيد وسعاد السامر وكرم الأعرجي والمرحوم معد الجبوري، فضلا عن قصائد أخرى رسمتها في العام 2024 لشعراء عرب وعراقيين”.

يذكر أن الفنان أحمد دخيل النقيب من مواليد عام 1957، لشغفه الكبير بفن الرسم التحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1975، وخلال دراسته في المعهد أظهر براعة نادرة في الرسم واستعمال اللون. في عام 1980 تخرج من معهد الفنون وحصل حينها على شهادة الدبلوم في الفنون التشكيلية بدرجة امتياز، عين معيدا في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1980، وفي العام نفسه نقل إلى معهد الفنون الجميلة نينوى المؤسس حديثا آنذاك.

أقام العديد من المعارض الشخصية وشارك في العديد من المعارض التي كانت تقيمها الجهات الرسمية وشبه الرسمية ونقابة الفنانين التشكيليين العراقيين في مختلف محافظات العراق، ومنها معرض الواسطي، معرض الفن العراقي المعاصر، معرض بغداد الدولي، معارض جمعية التشكيليين العراقيين، وغيرها من المعارض.

لوحة لوحة لوحة
لوحة لوحة لوحة

 

14