أحزاب تونسية تشكك في وعود الفخفاخ

السياسي التونسي صحبي بن فرج يستبعد في تصريح لـ"العرب" أن تكون للفخفاخ القدرة على تطبيق وعوده الإصلاحية.
الخميس 2020/02/27
التحديات تعصف بحكومة الفخفاخ

تونس – شككت أحزاب تونسية معارضة، في وعود رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ خلال عرضه على البرلمان، الأربعاء، برنامجه الحكومي وخططه الإصلاحية لإنقاذ البلاد من براثن أزمة اقتصادية خانقة.

ولخّص الفخفاخ أولويات حكومته التي وصفها بـ”حكومة الوضوح وإعادة الثقة للتونسيين” في ثماني نقاط أساسية، وهي مقاومة الجريمة والعبث بالقانون، ومقاومة غلاء الأسعار، وتوفير متطلبات العيش الكريم، والتصدي للمحتكرين، وإنعاش الاقتصاد، وتشجيع الاستثمار، وحماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتفكيك منظومة الفساد.

ومن بين الأولويات أيضا، تعبئة الموارد المالية الضرورية للدولة لسنة 2020، والمحافظة على قيمة العملة الوطنية والحدّ من نسبة التضخم، والاهتمام بملف الحوض المنجمي والفوسفات، وتسوية ملفات شغل عالقة تتعلق بفئات عمال الحضائر والأساتذة والمعلمين النواب.

وقال الفخفاخ إنه ضمّن برنامج عمل حكومته سبعة مشاريع وطنية كبرى، تتمثّل في برنامج هيكلي لإصلاح الدولة واستكمال بناء اللامركزية وإصلاح منظومة التربية والتعليم والصحة العموميين، وتحقيق التحوّل الرقمي والنقلة الطاقية وإصلاح المنظومة الفلاحية وإدماج طوعي ومعزّز لتونس داخل القارة الأفريقية.

بقدر ما تضم حكومة الفخفاخ من تنوع حزبي يعكس التنوع السياسي في البرلمان، بقدر ما يُخشى من عودة التجاذبات

وتابع رئيس الحكومة المكلّف “في جلسة لاحقة أمام البرلمان سنقدّم تفاصيل أكبر حول الخطوط العريضة لبرنامجنا والمشاريع التي عرضناها اليوم (الأربعاء)”. وشدّد على أنه “في التسع سنوات الماضية لم يحصل الإصلاح الاجتماعي الذي كان من المفروض أن يحصل بل زاد الوضع سوءا حيث تفشى الفساد وتدهورت قطاعات الصحة والنقل والتعليم”.

ولم تبد أحزاب ثقتها في قدرة الفخفاخ على الإيفاء بوعوده، ففيما وصفها البعض مثل حزب ائتلاف الكرامة بـ”الوعود الانتخابية” شككت أحزاب أخرى في قدرتها على النجاح في الخروج من الضائقة الاقتصادية.

ورأت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، التي اختارت موقع المعارضة أن الفخفاخ لا يستطيع إنقاذ البلاد بعقلية تسببت في انهيار التوازنات المالية في البلاد.

وتابعت موسي “خطاب الفخفاخ لم يخرج عن اللغة الخشبية والعموميات والوعود الوهمية على الرغم من أنه يعلم أن موازنة 2020 غير قادرة على تحققها”. وتتساءل مصادر سياسية تونسية عما اذا كان حكومة الفخفاخ ستعمر طويلا، وسط الخلاف بين الأحزاب السياسية داخل البرلمان.

واستبعد السياسي التونسي صحبي بن فرج في تصريح لـ”العرب” أن تكون للفخفاخ القدرة على تطبيق وعوده الإصلاحية. وعزا ذلك إلى تركيبة حكومته المتناقضة واختلاف الرؤى بين أحزاب الائتلاف الحكومي. وتوقع بن فرج أن تكون حكومة الفخفاخ بمثابة حكومة تصريف أعمال متواصلة. وأوضح بقوله “التحالف الحكومي هش ومليء بالتناقضات ولن يساعد حكومة الفخفاخ على الاستمرارية”.

وإلياس الفخفاخ الذي كلفه الرئيس قيس سعيد بتشكيل الحكومة الشهر الماضي، جمع أحزابا من مختلف الأطياف السياسية في حكومته ولكنها ما زالت تختلف حول عدة سياسات اقتصادية، على غرار اختلافاتها الأيديولوجية.

واختارت أحزاب وازنة مثل “قلب تونس” صاحب الكتلة الثانية في البرلمان الاصطفاف في المعارضة، ما يعني ضعف الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ.

وقرّر قلب تونس عدم منح الثقة للحكومة المقترحة، مجددا تأكيده على انضمامه إلى صفوف المعارضة. وعلّل الحزب قبوله بتشكيلة الفخفاخ بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، والذي يتطلب حكومة في أقرب الآجال، وكذلك بالوضع الإقليمي وخصوصا التصعيد العسكري في ليبيا وتداعياته على تونس.

وبقدر ما تضم حكومة الفخفاخ من تنوع حزبي يعكس التنوع السياسي والأيديولوجي في البرلمان، بقدر ما يُخشى من عودة التجاذبات السياسية وانتقالها من البرلمان إلى المجالس الوزارية، خصوصا وأن أمام التشكيلة الوزارية تحديات اقتصادية واجتماعية شكلت معضلة لم تتمكن الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ ثورة 2011 من حلها أو حتى التخفيف من حدتها.

وبيّن الفخفاخ في كلمته أمام البرلمان أنه “سننطلق في تعبئة الموارد المالية سواء في الأسواق العالمية أو من المؤسسات الدولية المالية وسنتعهد بإيقاف التداين الذي عوض أن يوجه للاستثمار والمشاريع، يوجه للاستهلاك”.

 لكن تبدو المهمة عسيرة مع تسجيل نسبة بطالة في حدود 14.9 في المئة وتضخم يبلغ 5.9 في المئة، في حين لم يتجاوز إجمالي النمو الاقتصادي 1 في المئة في 2019 في مجتمع يبلغ عدد سكانه 11.8 مليون شخص.

وكان محافظ البنك المركزي، مروان العباسي، قال هذا الشهر أمام البرلمان إن “صندوق النقد كان يؤيد انزلاق الدينار لدعم الصادرات لكن رؤيتنا كانت مختلفة ونرى أن هبوط الدينار سيرفع التضخم”.

ويحذر خبراء من أن استمرار هذه المؤشرات قد يقود إلى احتجاجات اجتماعية خصوصا داخل المناطق التي تشكو من تهميش تنموي منذ عقود، ما يجعل الحكومة في مواجهة مطالب الشارع بدلا من الدخول مباشرة في إنجازات تستجيب بها لتلك المطالب.

كما أن الاستقرار السياسي عبر تشكيل حكومة يمثل مؤشرا مهما بالنسبة للمانحين الدوليين لتونس، الديمقراطية الفتية التي تسعى عبر القروض إلى تجاوز تعثر الاقتصاد. ومن المتوقع أن تحصل البلاد في أبريل على آخر دفعة مساعدات اقتصادية من صندوق النقد الدولي (بدأت عام 2016)، على أن تبدأ بتسديدها في 2020.

وعلى غرار الوضع الاقتصادي، لم يستقر الوضع الأمني في البلاد بعد، إذ لا تزال السلطات تدعو إلى اليقظة من هجمات مسلحين متمركزين في المناطق الغربية والحدودية مع الجزائر نفذوا هجمات سابقا.

4