أتراك ينتظرون حلقة "الأخ الأكبر طيب" من مسلسل سادات بكر

الحزب الحاكم وحلفاؤه ينجح في عرقلة محاولات المعارضة، لبدء تحقيقات برلمانية في مزاعم بكر.
الأربعاء 2021/06/09
الأكثر مشاهدة في تركيا

أنقرة - حققت مقاطع الفيديو الأسبوعية التي بثها زعيم المافيا التركية، المقيم في الخارج، سادات بكر أكثر من 75 مليون مشاهدة.

ووصف سادات بكر بالظاهرة، فيما وصف الاهتمام الذي حظيت به تسجيلاته على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا بـ”غير المتوقع”. وأصبحت مقاطع الفيديو التي ينشرها بكر تنافس المسلسلات التركية التي تحظى بشعبية واسعة في المنطقة.

وقالت وكالة أسوشيتد برس إن مقاطع الفيديو “أسرت الأمة التركية، وزادت في اختلال شعبية النظام، بقيادة حزب العدالة والتنمية، واكتسبت أبعادا سياسية دولية بنكهة فضائحية”.

وتحوّل سادات بكر (49 عامًا) إلى ظاهرة إعلامية/ سياسية، عندما “تحدث عن كل شيء” في مقاطع فيديو على يوتيوب مدتها 90 دقيقة تقريبًا، وضعت نقاطًا على حروف تصفية الحسابات داخل أجنحة النظام.

وصنعت مقاطع الفيديو مشهدا داخليا مأزوما في تركيا، وسّع دائرة الحديث عن فساد الدولة، ووضعت المسؤولين في موقف دفاعي، الأمر الذي زاد من مشاكل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو يكافح الانكماش الاقتصادي ووباء كورونا.

وقالت سيدة تركية تدعى جوليستان أتاس”لقد أضفت تسجيلات بكر إلى فئة المسلسلات التلفزيونية التي أشاهدها كل أسبوع، تمامًا مثل الحلقات التلفزيونية، أنتظرها بإثارة. في كل يوم أحد، نقوم بإعداد وجبة الإفطار عندما نستيقظ، ثم نشاهدها مع الأكل”.

وقال زوجها إن مقاطع فيديو بكر، مثل أفلام “العراب” و”سكارفيس”، تظل محفورة إلى الأبد في ذاكرة الناس. وأضاف “أحب أن أشاهد غسيل الملابس القذرة للدولة، وأرى كيف أن الأشخاص الذين يمارسون السياسة في تركيا وأيديهم على القرآن، يمكنهم في الوقت نفسه تهريب الكوكايين. هي معلومات مثيرة للاهتمام بالنسبة لي”.

واستهدفت مقاطع الفيديو التي نشرها بكر وزير الداخلية السابق محمد أغار ونجله تولغا، النائب عن الحزب الحاكم، والذي اتهم باغتصاب طالبة صحافية شابة من كازاخستان، والتستر على مقتلها وتسجيله كحالة انتحار. كما عرض سيطرة أغار على أحد مراسي السفن، واستخدامه في عمليات تهريب المخدرات.

سادات بكر قال إنه سيتحدث عن "الأخ الأكبر طيب" بعد اجتماعه مع الرئيس الأميركي جو بايدن في 14 يونيو

ووجهت مقاطع فيديو لاحقة، اتهامات لرجال أعمال وإعلاميين مقربين من الحكومة، وكذلك لنجل رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، بدعوى تورطه في تهريب المخدرات من فنزويلا.

لكن الهدف من أكثر هجمات بكر شراسة وسخرية، كان وزير الداخلية سليمان صويلو، الذي وصمه بإساءة استخدام السلطة والفساد، بينما كان يهدف إلى أن يصبح رئيسا لتركيا. وأنكر المتورطون اتهامات بكر.

وفي ادعاء متفجر ذي أبعاد دولية قال بكر إن مستشارا أمنيا سابقا لأردوغان، كان تورط بقيادة قوة شبه عسكرية أرسلت أسلحة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة في سوريا.

ووتجاهل أردوغان مقاطع الفيديو لأسابيع، لكنه كسر صمته في 26 مايو، عندما نفى مزاعم سابقة لزعيم المافيا باعتبارها مؤامرة ضد تركيا. وقال أردوغان “اسوف نفسد هذه الألعاب، هذه المؤامرات. لا ينبغي لأحد أن يشك في أننا سنحبط هذه العملية المراوغة. نحن نلاحق أعضاء العصابات الإجرامية في أي مكان في العالم يهربون إليه... لن نترك هؤلاء المجرمين وشأنهم حتى نعيدهم إلى بلادنا ونسلمهم للقضاء”.

ورد بيكر على أردوغان واقترح أن يكون “الرجل التركي القوي محور مقاطع الفيديو في المستقبل. وقال لاحقا إنه سيتحدث عن أردوغان بعد اجتماعه مع الرئيس الأميركي جو بايدن في 14 يونيو حتى “لا يضعف يده”. وفي آخر فيديو له الأحد، قال إن الكشف عنه سيجري باحترام ولن يضر بالدولة نفسها.

وتساءل “هل أن العثور علي وإحضاري (إلى تركيا) سيغير الواقع يا أخ طيب؟”. ودعا بكر الرئيس التركي للجلوس وجهًا لوجه، أمام جهاز كشف الكذب، وقال “لنضع أسلحتنا جانبًا، وليكن هناك محققان، وجهاز كشف الكذب، مع العلم أن أجهزة الكذب تخطأ بنسبة 1.5% ولكن مع علمي أنني أقول الحقيقة ومع نسبة خطأ جهاز كشف الكذب، إلا أنه إذ أثبت أنني أكذب، سأفرغ المسدس في رأسي”.

وأشار زعيم المافيا إلى أن أردوغان يعرف جيدًا أنه ليس خائنًا، وأنه “أعطاه القوة عندما لم يمتلكها”. ولم يستهدف بكر أردوغان بشكل مباشر حتى الآن، ولا يزال يتحدث عن الرئيس باحترام ويشير إليه بكلمة “الأخ الأكبر طيب”. كما يتحدث بتعاطف عن قادة المعارضة التركية.

وحول تهديد بكر بنشر فيديو يطال إردوغان شخصياً، رد مستشار أردوغان ياسين أقطاي بالقول إن سادات بكر يمكنه “الكذب والتقول كما يشاء” باعتباره رجل مافيا.

وصف أقطاي سادات بكر بـ“الفاسق” واتهمه بحياكة المؤامرات والكذب والسرقة واعتبر الاتهامات والمعلومات التي نشرها مؤخراً نوعاً من “الابتزاز” للحكومة التركية.

وفي غضون ذلك، استغلت أحزاب المعارضة هذه المزاعم؛ للمطالبة باستقالات الشخصيات المتورطة، وكذلك بإجراء التحقيقات البرلمانية والقضائية. وعرقل الحزب الحاكم وحلفاؤه محاولات المعارضة، لبدء تحقيقات برلمانية في مزاعم بكر.

Thumbnail

يذكر أن سادات بكر ليس رجل عصابة عادي، واسمه مألوف في تركيا، وكان حليفا للائتلاف الحاكم في تركيا، حتى أنه نظم مسيرات حاشدة لدعم الحكومة في فترة الانتخابات.

وقال جان سلجوقي، مدير منصة الاستطلاع والتحليل تقرير تركيا، عن بكر “يجب ألا ننسى أنه مجرم”، لكنه أوضح أن شعبية مقاطع الفيديو ترجع إلى الحاجة إلى معلومات.

وتابع “يبدو لي أن الناس يسألون هذه الأسئلة لأنهم لا يستطيعون الحصول على إجابات في مكان آخر. وهذا يخبرني أن هناك طلبًا متزايدًا في المجتمع التركي لمزيد من الشفافية”.

ويعرف بكر تماماً كيف يستفز خصومه، ففي إحدى فيديوهاته الموجهة إلى “أعدائه” يقول لهم “ستُهزمون بهذه الكاميرا وقاعدتها الثلاثية الأرجل”.

ويدرك بكر أن المركز الحقيقي للسلطة لا يكمن بالضرورة في الحكومة المنتخبة، فقد ابتكر الشعب التركي مصطلح “الدولة العميقة” للإشارة إلى صناع القرار الحقيقيين.

ويخاطب يكر مشاهديه، وخاصة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، بصفتهم المالكين الحقيقيين لتركيا الذين يتمتعون بسلطة المطالبة بالمساءلة والتغيير.

وتردد بكر، وهو قومي يدافع عن الوحدة بين الدول الناطقة بالتركية، على السجن منذ سن 17 سنة لتورطه في الجريمة المنظمة وغيرها من الجرائم.

وبعد إطلاق سراحه الأخير من السجن عام 2014، نظم مسيرات لدعم حزب العدالة والتنمية ووجه تهديدات لخصوم أردوغان. واجتذب حفل زفافه في 2015 من أوزغي بكر، التي كانت محاميته، مجموعة من المشاهير.

وفي أبريل، شُنت عملية ضد مجموعة بكر، أدت إلى اعتقال حوالي 60 من رفاقه.كما تعرّض منزله في اسطنبول للتفتيش. ويؤكد بكر أنه أُجبر على التحدث بعد أن تعرضت زوجته وابنتاه لسوء المعاملة والإذلال خلال مداهمة الشرطة.

وقال بكر في أحدث مقطع فيديو “يسألونني لماذا أفعل ذلك. أقسم أنني فعلت ذلك في البداية بدافع الغضب، كنت أتوقع اعتذارا... الآن، لا أعرف لماذا أفعل ذلك... أشعر بالرغبة في ذلك”. وتثير تسجيلات بكر، نقاشات مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا.

وأوضحت نتائج استطلاع رأي أجراه مركز أبحاث العمليات الاجتماعية أن 52.6 في المئة من المشاركين، يعتقدون أن تصريحات سادات بكر بخصوص بعض السياسيين صحيحة.

ووفقا لاستطلاع أجراه معهد استطلاعات الرأي التركي “ميتروبول”، فقد انخفضت نسبة تأييد حزب العدالة والتنمية بنسبة 33 في المئة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في يونيو 2018.

19