آمال التغيير تسيطر على المصوتين في الانتخابات الرئاسية التونسية

التونسيون يراهنون على تغيير المنظومة الحاكمة التي عجزت طيلة السنوات الماضية عن إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
الاثنين 2019/09/16
تفاؤل بالقادم

يحلم الكثير من التونسيين المشاركين في الانتخابات الرئاسية بتغيير المنظومة الحاكمة التي عجزت طيلة السنوات الماضية عن إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يفتح الباب أمام صعود شخصيات جديدة من خارج “السيستام”.

تونس – سيطرت آمال التغيير على أغلب المشاركين في الانتخابات الرئاسية التونسية الثانية منذ إسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وسط نسبة إقبال ضعيفة على التصويت.

وتوافد التونسيون على مكاتب الاقتراع منذ الساعات الأولى من صباح الأحد لاختيار رئيس جديد للبلاد في انتخابات مبكرة بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في يوليو الماضي.

وقال مراد الرزقي (51 عاما) وهو موظف في القطاع العام بعد أن أدلى بصوته “أدليت بصوتي في 2011 و2014 بنفس مكتب الاقتراع، أحتفظ باختياري، لكن آمل أن يكون هناك تغيير ونفس آخر في الحكم، على أن يكون الرئيس الجديد الذي سيختاره التونسيون ملما بأوضاع البلاد الاقتصادية الصعبة وأوضاع معيشة المواطنين الصعبة”.

وقالت هاجر النفاتي (30 عاما) وهي تعمل بمركز نداء “أبحث عن التغيير ووجوه لم تتواجد في الحكم في السابق، نظامنا برلماني لهذا لن يكون هناك تأثير كبير للرئيس لكن الأهم إحداث تغيير”.

 وقال الناخب خير الدين عبدلي (19 عاما)، وهو طالب في التسويق “هذه المرة الأولى التي أشارك فيها في الاقتراع، الثابت أنني لست سعيدا بما هو سائد في الحكم الآن وأتطلع إلى التغيير”.

ويتنافس في الانتخابات 26 مرشحا، وهذه ثاني انتخابات رئاسية ديمقراطية تشهدها تونس في تاريخها وهي الانتخابات الرابعة منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011 بما في ذلك انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011 والرئاسية والتشريعية في 2014 والبلدية في 2018.

واتّسمت الانتخابات في تونس بعد “الثورة” بالاختلاف في توجّهات التصويت. وقد فاز بها الإسلاميّون الذين حملوا شعار الدّفاع عن مكاسب ثورة 2011، قبل أن يتغيّر المشهد وتظهر ثنائيّة قطبيّة بين الداعمين للإسلاميّين والمناهضين لهم في انتخابات 2014 التي فاز بها حزب “نداء تونس” العلماني.

الأزمات الاقتصاديّة وخاصّة في ما يتعلّق بنسبة التضخّم والبطالة دفعت كثيرا من التونسيين إلى كره السياسة

وطرح الصراع الانتخابي في 2019 معادلة جديدة تقوم على معطى جديد هو ظهور مرشّحين مناهضين للنظام الحالي، ما أفرز وجوها جديدة استفادت من التجاذبات السياسيّة، على غرار الأستاذ الجامعي المحافظ قيس سعيّد.

ويراقب الانتخابات الآلاف من الملاحظين بما فيهم مكلفون من قبل هيئة الانتخابات بالإضافة إلى منظمات غير حكومية ونقابية تونسية وأجنبية منها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والاتحاد الأوروبي ومركز “كارتر”.

ولم تتمكّن تونس منذ الثورة من تحقيق نقلة اقتصاديّة تُوازي ما تحقّق سياسيّا. فملفّ الأزمات الاقتصاديّة لا يزال مشكلة أمام الحكومات المتعاقبة، وبخاصّة في ما يتعلّق بنسبة التضخّم والبطالة المتواصلة التي دفعت شبابا كثيرين إلى كره السياسة والنفور منها.

وبلغ تأزّم الوضع الاقتصادي ذروته في حكومة يوسف الشاهد الأطول بقاء مقارنة بسابقاتها، ما دفع التونسيّين إلى الاحتجاج بشكل متواصل طيلة السنوات الأخيرة، مطالبين بمراجعة السياسيات الاقتصاديّة وتحسين القدرة الشرائيّة التي تدهورت. في الوقت نفسه، لوحظ تحسّن في الوضع الأمني.

وأدّى الفراغ الذي تركته السُلطة في مسألة معالجة الأزمات الاجتماعيّة، إلى ظهور مَن يطرح البديل والحلول ويعتمد في ذلك على الاقتراب أكثر من الطبقات الفقيرة. ومن خلال سَعيه إلى توزيع إعانات وزيارته المناطق الداخليّة في البلاد، بنى المرشّح ورجل الإعلام ومؤسّس قناة “نسمة” نبيل القروي مكانة لدى هذه الفئة سرعان ما تدعّمت وكوّنت له قاعدة انتخابيّة لافتة.

وقرّر القضاء التونسي توقيفه قبل عشرة أيّام من انطلاق الحملة الدعائيّة، على خلفيّة تُهم تتعلّق بتبيض أموال وتهرّب ضريبي، إثر شكوى رفعتها ضدّه منظّمة “أنا يقظ” غير الحكوميّة في العام 2017. فقرّر القروي الدّخول في إضراب عن الطعام من سجنه، بينما تولّت زوجته سلوى سماوي وعدد من قيادات حزبه “قلب تونس” مواصلة حملته.

واشتدّ التنافس بين المرشّحين، خصوصا الذين يتحدّرون من العائلة السياسيّة الوسطيّة والليبراليّة. ورأت مجموعة الأزمات الدوليّة في تقرير الخميس أنّ “حدّة الصراع الانتخابي تكشف عن حيويّة ديمقراطيّة”. لكن في المقابل هناك “خطر الانحراف عن المسار” بسبب “أزمة الثقة” لدى التونسيين تجاه المؤسّسات وشراسة التنافس.

ويؤكّد الكاتب الصحافي زياد كريشان أنّ “تونس لن تنقذ ولن تغرق في 2019”. ويضيف “جرّب التونسيّون الإسلاميّين ثم الوسطيّين، وربّما يخوضون مغامرات أخرى (…) أرى أنّ مكوّنات ومبادئ الديمقراطيّة لن تتغيّر”.

ويمنح الدستور التونسي صلاحيات تتعلق بالأمن الوطني والدفاع والسياسة الخارجية للرئيس.

وتُغلق مراكز الاقتراع في الساعة 17.00 ت غ في كلّ الولايات، باستثناء 245 مركزا التي ستُغلق قبل ساعتين لدواع أمنيّة بسبب وقوعها على الحدود الغربيّة. ويتولّى سبعون ألف رجل أمن تأمين مكاتب الاقتراع ومراكز الفرز، على ما أعلنت وزارة الداخليّة السبت.

وتشهد تونس انتخابات تشريعيّة في السادس من أكتوبر المقبل، ويُرجّح أن تكون قبل الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة في حال عدم فوز مرشّح من الدورة الأولى. وبالتالي ستتأثر النتائج النهائيّة للانتخابات الرئاسيّة حتما بنتائج التشريعية.

اقرأ أيضا:

كبار السن يحتفون بالاستثناء التونسي والشباب يجاهلونه

4