آبي أحمد من جائزة نوبل إلى جرائم الحرب في تيغراي: هل استعجلت نوبل؟

الجائزة لم تؤثر في الانتماء القبلي لرئيس الوزراء الإثيوبي ورغبته في السلطة.
السبت 2021/03/27
تهنئة نوبل فقدت بريقها

أديس أبابا – تثير التقارير الأممية عن انتهاكات الجيش الإثيوبي المدعوم من قوات إريترية في إقليم تغراي التساؤل بشأن ما إذا كانت لجنة جائزة نوبل قد استعجلت عندما منحت رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد جائزة السلام؟

وقالت الأمم المتحدة إن خمس عيادات طبية في إقليم تيغراي سجلت أكثر من 500 حالة اغتصاب، منبهة إلى أنه نظرا إلى الوصمة المرتبطة بالأمر ونقص الخدمات الصحية فإن من المرجح أن يكون العدد الفعلي للحالات أعلى من ذلك بكثير.

وأكد العشرات من الشهود في تيغراي أن الجنود الإريتريين، الذين يقاتلون إلى جانب القوات الإثيوبية، كانوا يقتلون المدنيين بانتظام وارتكبوا عمليات اغتصاب جماعي وعذبوا النساء ونهبوا البيوت والمحاصيل.

وتعتمد إثيوبيا نظاما فيدراليا، وتيغراي واحدة من الولايات العشر في الاتحاد الإثيوبي. تبلغ مساحتها حوالي 50.000 كيلومتر مربع وهو ما يوازي 4.5 في المئة من مساحة البلاد. وتتقاسم تيغراي الحدود مع إريتريا وجنوب السودان.

وبدأ الحديث عن عدم أحقية رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في جائزة نوبل للسلام، التي حصل عليها سنة 2019 تكريما لجهوده في إنهاء الصراع مع إريتريا، منذ أن أعلن في نوفمبر الماضي إطلاق حملة عسكرية بهدف استبدال السلطات المحلية التابعة لـ”جبهة تحرير شعب تيغراي” بـ”هيئات شرعية”، في خطوة تتضارب مع ما أوحى به من أنه رجل سلام ينبذ العنف ويدعو إلى حل الأزمات بشكل سلمي.

ويتعارض قرار الحرب في تيغراي مع أطروحة الدكتوراه التي حصل عليها آبي أحمد وتمحورت حول حل النزاعات، حيث كتب “لا يجب محاربة العنف فقط بأدوات رد الفعل”. وأضاف أنه يجب لحل التوترات والاضطرابات الإقليمية أن تتمّ معالجة أسبابها الهيكلية المتمثلة في “التعصب والتهميش الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي”.

وفي حين يرى البعض أن آبي أحمد خدع العالم يعتقد آخرون أنه ليس سوى مثال آخر لعدم موضوعية المشرفين على منح جائزة نوبل للسلام التي تحولت إلى مصدر إحباط كلما ثبت عدم أحقية الشخص الذي نالها.

عبدالرحمن أبوخريس: آبي أحمد سيواجه المجتمع الدولي بعد أن حظي باحترامه

وقالت هبة البشبيشي، أستاذة العلوم السياسية بمركز الدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة، إن “آبي أحمد نال جائزة نوبل نتيجة قدرته على وقف الصراع مع إريتريا، غير أن ذلك لم يمنع النزعة القبلية داخله من ارتكاب جرائم حرب بحق معارضيه في إقليم تيغراي”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن “ما حدث في تيغراي يعبر عن شخصية آبي القبلية التي تتغذى فيها روح الانتقام من أعدائه، وسيطرت على رغبته في الثأر لقومية الأمهرة وتجمع قبائل الجنوب التي ينتمي إليها، من قومية تيغراي التي مارست جرائم عديدة ضد القبائل المعارضة أثناء هيمنتها على السلطة الاتحادية في البلاد”.

وأوضحت أن “المجتمع الدولي خُدع بشخصية آبي أحمد ومنح له جائزة نوبل بناء على موقف سياسي وإنساني محدد دون أن يراعي إمكانية تجدد الصراعات الداخلية التي تندلع بين الحين والآخر على مر التاريخ”، متوقعة أن “يكون مصيره كباقي مجرمي الحرب في القارة وغير مستبعد أن تتم محاكمته دوليا أمام المحكمة الجنائية”.

وأكد عبدالرحمن أبوخريس، أستاذ السياسة الخارجية في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السودانية، أن “المجتمع الدولي والقائمين على نوبل تسرعوا في منحه الجائزة، لأنها تمنح للشخصيات التي أثبتت إصرارها على مواقفها الإنسانية والسياسية التي تبنتها واستطاعت أن تحقق تغييرا على المستويين الداخلي والخارجي”.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “تمسك آبي أحمد بالسلطة ورغبته في المكوث أطول فترة ممكنة جعلاه لا يدرس جيّدا تقديرات الحرب التي شنها ضد إقليم تيغراي، ووجد أنه لا مجال للوصول إلى حلول سياسية تمكنه من البقاء في منصبه بعد أن عمد إلى تأجيل الانتخابات وتورط في الحل العسكري لتحقيق غاياته”.

وأشار إلى أن “الرجل تناسى حصوله على جائزة دولية رفيعة في سبيل الحفاظ على مستقبله السياسي، غير أنه خسر ما جمعه من مكاسب على مدار السنوات الماضية وأضحى الآن في أزمة كبيرة جعلته في مواجهة المجتمع الدولي بعد أن حظي باحترامه، وهو ما ستكون له انعكاسات على مستوى قدرة إثيوبيا على إدارة ملفي سد النهضة والحدود مع السودان”.

ويعد آبي أحمد ثالث شخصية معاصرة يحوم حولها الجدل بشأن حصولها على جائزة نوبل بعد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي حصل على الجائزة سنة 2009 وزعيمة ميانمار أون سان سو تشي التي تلقت الجائزة سنة 1991.

وطالت الانتقادات نيل أوباما الجائزة ليس فقط لأن بلاده تقود حينئذ حربين في كل من العراق وأفغانستان بل أيضا لأنه لم يمض على تقلده منصب الرئاسة في البيت الأبيض أكثر من 9 أشهر لم يقدم فيها أي إنجازات للسلام.

وقال منتقدون حينئذ إن اختيار اللجنة لأوباما كان سياسيا لكونه أول رئيس أسود للولايات المتحدة وهو ما يتعارض مع وصية مؤسس الجائزة ألفريد نوبل التي تنص على أنه “يجب على الجائزة أن تُمنح لأكثر أو أفضل عمل من أجل القضاء على الأسلحة أو الحد منها، وتحقيق الأخوة بين الشعوب والسلام”.

ورفضت لجنة جائزة نوبل سنة 2018 سحب الجائزة من زعيمة ميانمار بعد نشر تقرير للأمم المتحدة أفاد بأن جيش ميانمار ارتكبت عمليات إبادة جماعية بحق مسلمي الروهينغا.

1