متى تسقط القطبية الثنائية للكرة الذهبية العالمية

فاضل الكثيرون في تحليلاتهم الفنية بين النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والعملاق الأرجنتيني ليونيل ميسي في الأمتار الأخيرة قبل الإعلان عن التتويج النهائي باللقب، ولكن لا أدري لماذا ظللت مرابطا على موقفي وحبيس أفكاري خاصة وأن الأسماء التي دخلت غمار المنافسة هذا العام ليست أقل شأنا من هذا الثنائي الذي سئم العالم توالي تتويجه وكأن اللقب أضحى معروفا مسبقا قبل موعده لمن سيؤول.
صحيح أن رصيد هذين النجمين حافل بالتتويجات، باعتبارها للأسف المقياس الحقيقي لتقييم مستوى اللاعبين وإسناد الجائزة، ولكنْ هناك كثيرين أظهروا قدرات خارقة وساهموا في وصول فرقهم أو منتخبات بلدانهم إلى مراكز متقدمة وأدوار نهائية على غرار النجم الفرنسي غريزمان أو الجزائري رياض محرز.
المتابع للمسار التاريخي لهذه الجائزة التي تسندها مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية يلاحظ أنها لم تحط الرحال أبدا لا في البلدان الخليجية ولا في القارة السمراء منذ 1956 تاريخ بدء إسنادها. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول المقاييس المعتمدة في اختيار الفائزين، ومحددات التصنيف المعتمدة من المجلة الراعية؟ أولَمْ تنجب المنتخبات العربية لاعبين أبطالا يضاهون نجومية لاعبي أوروبا؟ وغيرها من الأسئلة المحيرة التي ظلت تنبش أفكار كل العرب الغيورين على نجومهم في مختلف الأندية العربية والعالمية.
ودعما لتكسير النمطية التي طغت على الألقاب المسندة في الأعوام الأخيرة يأخذنا الحديث مرة أخرى مضطرين إلى البرتغال ومنها إلى “سانتياغو برنابيو” معقل العملاق الإسباني ريال مدريد أين سيسجّى اللقب الثرى لرابع مرة ولا أحد يعرف مرقده في قادم الأعوام؟
سعادة لا توصف
أعلنت مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية، الاثنين الماضي، عن فوز المهاجم البرتغالي كريستيانو رونالدو بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم لعام 2016. وخلف رونالدو (31 عاما) غريمه الأرجنتيني ليونيل ميسي ونال الجائزة للمرة الرابعة في مسيرته الاحترافية (بعد أعوام 2008 و2013 و2014) عقب عام رائع توّج خلاله بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا مع ناديه ريال مدريد الإسباني وكأس أوروبا مع منتخب بلاده للمرة الأولى في تاريخه. وتوّج رونالدو أيضا هدافا للمسابقة القارية العريقة برصيد 16 هدفا وظفر بها للمرة الثانية مع النادي الملكي بعد العام 2014 والثالثة في مشواره الاحترافي بعد الأولى مع مانشستر يونايتد الإنكليزي، كما نال لقب كأس السوبر الأوروبية مع ريال مدريد.
|
وأعرب رونالدو في حديث لصحيفة “ليكيب” التابعة لمجموعة “فرانس فوتبول” عن كونه “فخور وسعيد جدا” بالتتويج بالجائزة، وردّ باللغة الفرنسية “شكرا جزيلا”.
وقال النجم البرتغالي “شرف كبير بالنسبة إليّ التتويج بالكرة الذهبية الرابعة في مسيرتي الاحترافية. سعادتي مثل تتويجي بالجائزة للمرة الأولى، إنه حلم جديد تحقق، لم أكن أتصور أبدا في حياتي أن أنال جائزة الكرة الذهبية 4 مرات، أنا سعيد جدا”. وعادت جائزة الكرة الذهبية حصرا إلى كنف مجلة “فرانس فوتبول” بعد إنهاء الشراكة التي جمعتها بالاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” منذ 2010.
وقال رونالدو “أريد الاستمتاع بهذه اللحظة الآن، لأنه ليس من السهل الفوز بالكرة الذهبية”، ووجّه شكره لزملائه في ريال مدريد والمنتخب البرتغالي.
يعدّ تتويج البرتغالي كريستيانو رونالدو بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، انتصارا في إحدى جولات “الحرب الطاحنة” بين نجم ريال مدريد الإسباني وغريمه الأزلي في برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي.
مرت تسعة أعوام كاملة لم يتح فيها هذان النجمان لغيرهما فرصة رفع الجائزة المرموقة. فمنذ 2008، تناوب رونالدو وميسي على حمل لقب أفضل لاعب في العالم.
ومع تتويجه الجديد، بات البرتغالي يحمل اللقب للمرة الرابعة، أقل بمرة من غريمه الأرجنتيني. وكان آخر من أحرز الجائزة خارج هذا الثنائي، البرازيلي كاكا عام 2007 حين جمع بين جائزتي الكرة الذهبية من “فرانس فوتبول” وأفضل لاعب في العالم من الفيفا.
استحق رونالدو الجائزة في 2016 عن جدارة، خلال سنة قاد فيها ناديه إلى لقبه الحادي عشر في دوري أبطال أوروبا، ليدوّن بعد ذلك بأسابيع، اسم بلاده في السجل الذهبي لكأس أوروبا، للمرة الأولى على حساب المضيفة فرنسا.
ولم يخل رصيد ميسي (29 عاما) من الإنجازات، إذ أضاف لسجل برشلونة ثنائية الدوري والكأس، إلا أن كابوس الإخفاق الدولي لا يزال يلاحقه، فخسر مع الأرجنتين نهائي كوبا أميركا للعام الثاني على التوالي، وأمام الخصم نفسه تشيلي، وهو لم ينس بعد خيبة نهائي كأس العالم 2014 أمام ألمانيا. وتبقى للإنجازات مع المنتخبات نكهتها، فقد اعتبر رونالدو تتويج البرتغال بهدف في الوقت الإضافي بالقول “أسعد لحظة في حياتي”، رغم أنه تابعها من على دكة البدلاء بعد خروجه مصابا في الدقيقة 25.
على طريق اللقب التاريخي
رغم الإصابات التي أبعدته مرتين في ربيع وخريف 2016، نجح رونالدو في الوصول إلى عتبة 50 هدفا مع ريال ومنتخب بلاده للعام السادس (من يناير إلى ديسمبر)، مستفيدا من تحوله للعب كرأس حربة بدل مركز الجناح.
ومن الأهداف الخمسين، ثلاثة فقط في كأس أوروبا، إلا أنها كانت مصيرية لبلاده التي كانت في طريقها لتوديع البطولة القارية من الدور الأول بعدما تخلفت أمام المجر بثلاثة أهداف في الجولة الأخيرة، إلا أن رونالدو مرّر أوّلا كرة هدف التعادل الأول للويس ناني ثم سجل بنفسه هدفي التعادل الثاني والثالث (3-3).
ارتقى “القائد” إلى مستوى المسؤولية في الدور الثاني وكان صانع هدف ريكاردو كواريسما الذي منح الفوز على كرواتيا (1-0 بعد التمديد)، ثم حافظ على رباطة جأشه في ربع النهائي وسجل ركلة الترجيح الأولى ضد بولندا (1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي).
لكن “التمجيد” الأهم كان في نصف النهائي عندما تواجه مع زميله في النادي الملكي الويلزي غاريث بيل وخرج وبلاده منتصرين 2-0، بعدما سجل الهدف الأول في المباراة والثالث في البطولة من كرة رأسية صاروخية، ثم أدى دورا في الهدف الثاني الذي سجله ناني.
وكان الهدف الثالث لرونالدو في نهائيات فرنسا مهمّا جدا على الصعيد الشخصي، إذ عادل به رقم الفرنسي ميشال بلاتيني بتسجيله الهدف التاسع في النهائيات، وأصبح أيضا أول لاعب يسجل في 4 نهائيات مختلفة (منذ 2004). كما حطم الرقم القياسي في عدد المباريات في النهائيات حيث خاض 21 مباراة.
في 2016، تشابهت قصة رونالدو مع البرتغال وقصته مع ريال. والأخيرة لا تزال متواصلة مع 35 مباراة متتالية دون هزيمة، إذ تعود الخسارة الأخيرة لرونالدو ورفاقه في الريال إلى ذهاب الدور ربع النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا (0-2 أمام فولسبورغ الألماني).
إلا أن رونالدو قال كلمته في الإياب بتسجيله ثلاثية الفوز (3-0)، ممهدا الطريق نحو اللقب الحادي عشر في أبرز بطولة للأندية.
ورغم معاناته مع الإصابة، أبى إلا أن يترك لمسته بتسجيل الركلة الترجيحية الأخيرة لفريقه في النهائي ضد جاره اللدود أتلتيكو مدريد (1-1)، رافعا الكأس القارية الغالية للمرة الثالثة.
أما الأداء الشخصي الأبرز له في 2016، فكان الشهر الماضي عندما قاد فريقه إلى تجديد تفوقه على أتلتيكو في معقل الأخير “فيسنتي كالديرون” بتسجيله ثلاثية الفوز 3-0، ما ساهم في ابتعاد فريقه في الصدارة بفارق 6 نقاط عن غريمه الكاتالوني برشلونة.
ولخص فلورنتينو بيريز رئيس الريال موقع رونالدو في النادي بالقول “أنت رمز كبير لهذا النادي”، علما أنه أعرب في لقاء سابق مع وكالة فرانس برس، عن أمله في أن يمنح مهاجمه “رابع وخامس وسادس كرة ذهبية”.
إلا أن هذه الآمال قد تصطدم بالواقع الذي سبق له أن أظهر أن ميسي يصعب أن يتخلى عن الجائزة المرموقة لعامين متتاليين، وسيحاول جاهدا أن يعيدها إلى خزائنه في السنة المقبلة.
ترتيب مشرف للعرب
على غرار تتويج البرتغالي كريستيانو رونالدو بلقب الكرة الذهبية لأحسن لاعب في العالم لسنة 2016، نجح النجم الجزائري رياض محرز في أن يكون الأفضل أفريقيا لنفس العام، كما احتل المرتبة السابعة في الترتيب العام لمجلة “فرانس فوتبول”، وهو ترتيب بمثابة التتويج لكرة القدم العربية والأفريقية على السواء.
وخطا محرز لاعب ليستر سيتي الإنكليزي على درب الليبيري جورج وياه، أحد أساطير القارة السمراء، وذلك بعد تتويجه بجائزة “بي بي سي” لأفضل لاعب أفريقي. وكان محرز قد ساهم بصورة واضحة مع كتيبة المدرب الإيطالي المخضرم كلاوديو رانييري، في تحقيق معجزة الموسم الماضي بعد فوز ليستر سيتي بلقب البريميرليغ لأول مرة في تاريخه.
ولم يتخلف نادي لوهافر الفرنسي عن تقديم التهنئة للاعبه السابق الجزائري رياض محرز بعد حصوله على المركز السابع في قائمة أفضل لاعبي العالم عن عام 2016، وفقا لمجلة “فرانس فوتبول”.
وقال النادي عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الثلاثاء “فخورون بك يا محرز وبرحلتك”. ولعب محرز لنادي لوهافر لمدة 4 سنوات بين 2010 و2014، قبل أن ينتقل إلى ليستر، ويحقق لقب الدوري الإنكليزي للمرة الأولى في تاريخ “الثعالب”.
كاتب تونسي