قطر تستثمر مليارات الدولارات للتقرب من ترامب

تستعد قطر لموجة جديدة من الاستثمار في الولايات المتحدة في مسعى لاسترضاء الرئيس المقبل دونالد ترامب، ودعم وعوده بإنعاش الاقتصاد وإعادة بناء البنية التحتية في بلاده. ويرى مراقبون أن الخطوة تهدف إلى تحسين علاقة الدوحة مع واشنطن، التي تدهورت في السنوات الأخيرة بسبب اتهامات لقطر بدعم فصائل إسلامية متطرفة.
الخميس 2016/12/15
استثمارات قطر تدير ظهرها لأوروبا بعد متاعب طويلة

لندن – قالت مصادر مطلعة إن رئيس صندوق الثروة السيادية القطري أبلغ مسؤولين أميركيين بأن الصندوق سيستثمر عشرة مليارات دولار في مشروعات البنية التحتية الأميركية في دعم واضح للخطط الاقتصادية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

ونسبت رويترز إلى مسؤول قطري تأكيده أن الشيخ عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار أبلغ الرسالة إلى مسؤولين، بينهم تشارلز بيفكين مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الاقتصادية.

ولم يتم تحديد إطار زمني للاستثمار. وامتنع الصندوق القطري وهو أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم وكذلك متحدث باسم السفارة الأميركية في قطر عن التعليق.

وكان الصندوق قد أعلن في فبراير 2015 إنه يعتزم استثمار 35 مليار دولار في مشروعات غير محددة في الولايات المتحدة في ما بين 2016 و2021. ولم يتضح ما إذا كانت العشرة مليارات دولار تشكل جزءا من ذلك المبلغ.

وجاءت تلك الاستثمارات السابقة بموجب مذكرة تفاهم بين غرفتي التجارة القطرية والأميركية، وقعت بين الطرفين عندما زار أمير قطر واشنطن.

وتوقعت مصادر أميركية، أن يضخ مستثمرون قطريون وشركات قطرية استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأميركي، إلى جانب حجم ما هو معلن، وأن تتنوع الاستثمارات الحكومية القطرية بين قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والاستثمار العقاري.

وكانت شركة ديار العقارية القطرية قد افتتحت استثماراتها في الولايات المتحدة بمشروع سيتي سنتر دي سي بكلفة 1.5 مليار دولار في العاصمة الأميركية.

وقال ترامب إن خططه الاقتصادية تتضمن دعما رئيسيا للاستثمار في البنية التحتية. وفي إحدى المناظرات الرئاسية مع هيلاري كلينتون قارن ترامب بين المطارات المتطورة في قطـر ودبي ومنشـآت أميـركية في حالة رثة.

ويقول مراسل رويترز في قطر توم فايين إن استثمارات قطر، التي توجد فيها أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، قد تحسن الروابط مع إدارة ترامب في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من الغموض، حيث تخشى دول عربية من استفادة غريمتها إيران من انحسار النفوذ الأميركي.

ويرى محللون أن توجه الاستثمارات القطرية للولايات المتحدة، يقابله تراجع الاستثمارات في دول أوروبية، بعد أن واجهت استثماراتها في أوروبا سلسلة من العقبات والفضائح والتحقيقات القضائية خاصة في فرنسا وبريطانيا.

توم فايين: استثمارات قطر قد تحسن الروابط مع ترامب في ظل غموض مستقبل المنطقة

ويؤكد محللون أن هناك قلقا لدى قطر للاستثمار في أوروبا وخصوصا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وضبابية مستقبلها الاقتصادي، والقلق على مدى استقرار الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا وما يشاع من احتمال تفكك الاتحاد في حال اندفعت دول أخرى إلى السير على طريق بريطانيا.

وكانت تقارير أميركية قـد حذرت من توسع الاستثمارات القطرية، التي امتدت لتقتحم الولايـات المتحـدة والأسـواق الأخـرى الناشئة، مشيرة إلى أنـه بـات للـدوحة أذرع مـالية في كـل أنحـاء العالم، وأن قوة قطر المالية قد توظـف للتـأثيـر على القـرارات السيـاسية في الـدول التي ضخت فيهـا استثمـارات ضخمة.

ولا يستبعد خبراء أن يكون ضخ الدوحة استثمارات بهذا الحجم في السوق الأميركية، محاولة لإعادة التوازن في العلاقات مع الحليف الأميركي، بعد فتور غير معلن، بسبب مواقف قطر الداعمة لشخصيات وجماعات تعتبرها واشنطن إرهابية.

وأشار مايكل ستيفنز رئيس المعهد الملكي المتحد لدراسات الدفاع والأمن، إلى شيوع رأي في أوساط التيار اليميني في الولايات المتحدة يعتبر أن قطر هي العدو رقم واحد، ولم تدافع قطر عن نفسها بالشكل الكافي في مواجهة هذه التهم.

غير أن آخرين اعتبروا هذا الرأي بعيدا عن واقع العلاقات الأميركية القطرية، حيث امتدت استثمارات قطر إلى الولايات المتحدة منذ سنوات، وأخذت تتوسع تدريجيا لتشمل أهم وأكبر القطاعات، مرجحين أن هذا التوسع المالي لا يخرج عن سياسة تبادل المصالح وتنفيذ الأجندات بالوكالة.

ويقول كريستوفر ديفدسون الخبير في سياسات الشرق الأوسط في جامعة درم في بريطانيا، إن قطر هي حليف مخلص للولايات المتحدة على الأقل منذ بداية ما يسمى بـ“الربيع العربي” في 2011.

وتنظـر أوساط أوروبيـة إلى الاستثمـارات القطرية الخارجية بعين الريبة، في ظـل اتهامات غربية للدوحة بتوظيفها سياسيا ولتنفيذ أجندات تصب في مجملها في اتجـاهـين: أولاهمـا تعـزيـز سيطـرتها ونفـوذها في الخارج، والثانية هي خدمة جماعات الإسلام السياسي في المنطقة العربية.

ويرى مراقبون أن استمرار الريبة الدولية في تحركات قطر، فرض على الدوحة ضبط إيقاع الاستثمارات الخارجية، لكن استمرارها في دعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفروعها في ليبيا وتونس، لا يزال يلقي بثقله على مناخ الثقة.

وتنشط قطر بلا هوادة في عمليات الاستحواذ على أصـول في جميـع أنحـاء العالم وشراء حصص في شركـات استراتيجية وقد انتـزعـت استثمـارات بـوتيرة سـريعـة، بينهـا حصص في شركات الطاقة الأوروبية وفـي كبـرى شـركات السيـارات والطيـران والبنـوك، وامتدت إلى بورصة ‏لندن وحي المال في العاصمة البريطانية، وسلسلة الفنادق والمتاجر الفاخرة في ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان.

ويقول سياسيون فرنسيون وبريطانيون، إن قطر لا تصنع سياسات اقتصادية وإنما تنفذ أجندات سياسية وتسعى إلى السيطرة المالية والتأثير على صناعة القرار السياسي والاقتصادي.

11