مسؤول في الديوان الملكي المغربي: دعم أفريقيا يجب أن يكون فعلا لا قولا

أصيلة - كان منتدى أصيلة الدولي الثقافي الذي تقام فعالياته حاليا بمدينة أصيلة شمال المغرب في ما بين 15 و28 يوليو الجاري، والذي يعرف حضورا قويا لعدد من الشخصيات الأدبية والفكرية والسياسية من العالم العربي ومن أوروبا، فرصة ليجدد فيها المغرب تشبثه بوحدته الترابية وبعمقه الأفريقي ودعوته إلى مواجهة كل التحديات الأمنية المحدقة بالقارة الأفريقية، خاصة وأن المنتدى تزامن مع انعقاد الدورة 27 لقمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الرواندية كيغالي.
وعلى هامش ندوة “الوحدة الترابية والأمن الوطني.. أي مآل لأفريقيا”، التي نظمها منتدى أصيلة، التقت “العرب” بيوسف العمراني، المكلف بمهمة في الديوان الملكي، والذي جدّد التأكيد على أن التوجه نحو الداخل الأفريقي هو في صلب اهتمامات المغرب. ودعا الدول الأفريقية إلى ضرورة تعزيز الإصلاحات التنموية الاقتصادية ووضع استراتيجيات لتعزيز الأمن وتعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة لمواجهة جميع المخاطر المحدقة بالدول الأفريقية.
وأكد العمراني أن المغرب نقطة التقاء بين القارتين الأفريقية والأوروبية، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة العمل المشترك بين هذه الدول من أجل تكريس الديمقراطية والحرية ومحاربة الفقر والفوارق الاجتماعية، التي تعتبر من الركائز الأساسية لمواجهة عدد من الأزمات التي تهدد القارة الأفريقية، مشيرا إلى أن “ضرورة تقاسم النمو والعمل، طبقا لمقاربتنا التضامنية، تنبثق من قناعتنا بأنها لا يمكن أن تكون فعلية إلا إذا كانت جماعية”.
وتابع حديثه “ننبذ المفاهيم القدرية المتعلقة بأفريقيا. ونعتقد، بالفعل، أن قارتنا تتوفر على الموارد اللازمة لتحقيق نموها والاستجابة لحاجيات سكانها”، مضيفا أنه “يتعين علينا نحن، بلدان الجنوب، إيجاد الوسائل من أجل إعادة انطلاقة إقليمية شاملة، عبر مجهود في الداخل وتشجيع أشكال التآزر في إطار مقاربة متعددة الأبعاد”.
يتعين علينا نحن، بلدان الجنوب، إيجاد الوسائل من أجل إعادة انطلاق إقليمية شاملة، عبر مجهود في الداخل وتشجيع أشكال التآزر في إطار مقاربة متعددة الأبعاد
تعاون جنوب جنوب
كان العاهل المغربي قد أكد في رسالته إلى رؤساء وقادة الدول الأفريقية في قمتهم الـ27 بكيغالي، على الروابط الأفريقية للمغرب، وعلى القيم الروحية والثقافية التي تجمع المغرب بالدول الأفريقية، بالإضافة إلى سياسة التعاون جنوب جنوب التي انتهجها المغرب والتي جعلته يحتل صدارة المستثمرين في أفريقيا الغربية.
ويرى العمراني أنه “لا يمكن تحقيق ذلك إلا بإحداث أرضيات مناسبة لتشجيع السلام والازدهار المشترك، مع السهر على احترام المبادئ الأساسية، من قبيل التسوية السلمية للنزاعات والوحدة الترابية للدول”. وقال إن “قارتنا اليوم في حاجة إلى تكثيف الجهود والعمل المشترك من أجل تحقيق الاندماج الإقليمي والإصلاحات التنموية في مجال التربية والديمقراطية والحوكمة الجيدة ومكافحة التغيرات المناخية، خاصة أن قدرات أفريقيا ومزاياها ومواردها الطاقية تعرقلها غالبا التحديات الأمنية وأحيانا السياسية التي تنضاف إليها المخاطر العابرة للأوطان والمناطق، والمتمثلة في الجريمة المنظمة والإرهاب والتهريب بمختلف أشكاله والتطرف الديني”.
وأشار المكلف بمهمة في الديوان الملكي إلى الدور المغربي في عمقه الأفريقي، قائلا بأن “السياسة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، تقوم على عدة اعتبارات أولها تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع دول الجوار، والتركيز على تقوية الاقتصاد الأفريقي لخلق فرص جديدة للمقاولات أمام الشباب، واستثمار الإمكانيات الطبيعية والبشرية، كما لا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن دعم التعليم وتنمية المرأة”.
|
وأضاف “لا ننس الجهود الروحية والدينية التي يبذلها المغرب، لاجتثاث جذور التطرف، سواء على الصعيد المحلي أو الأفريقي، عن طريق فتح الطريق لتكوين أئمة عدد من الدول الأفريقية، لتفتيت الخطاب الجهادي”، مؤكدا على أن “المغرب يحتل موقعا هاما في الخارطة الأفريقية، ويتميز بالتسامح والانفتاح على الآخر. وبالعمل المشترك بين الدول الأفريقية سننجح في تحقيق التنمية وتوفير الأمن والسلم والاستقرار لأبناء هذه القارة”.
طريق التنوع الثقافي
في ما يخص رؤية المغرب، أشار العمراني إلى أن بلاده اختارت السير في طريق التنوع الثقافي والروحي، مشيرا إلى أن تشبث المغرب بقيم الانفتاح والتسامح والحوار يمنحه تميزا خاصا في سياق إقليمي يسيطر عليه عدم اليقين والشروخ الحضارية ومخاطر الانكماش على الهوية.
وتوقف العمراني عند منتدى أصيلة، مشيرا إلى أن هذا الملتقى “يشكل فضاء دوليا للحوار مع الفاعلين السياسيين والدبلوماسيين والفاعلين المدنيين كما أنه يشكل فرصة للاستماع للرأي الآخر وهو ما يحتاجه الجميع في عالم بات الاضطراب سمته الأساسية”، ليخلص في نهاية حواره الخاطف مع “العرب” بالتأكيد على أن الرباط تواصل تطورها السياسي من خلال بناء دولة القانون والديمقراطية، ومؤسسات الدولة الحديثة، وبإبراز تشبثها غير المشروط بالمبادئ الديمقراطية، كما هو متعارف عليه دوليا، كما أن المغرب متشبث بهويته القائمة على الوحدة والتعددية والانفتاح، كما نص على ذلك دستور 2011، الذي يحدد المغرب باعتباره “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية”؛ مغرب يحرص على الحفاظ على هويته الوطنية، في كليتها وتنوعها، وهي واحدة لا تتجزأ، بإقامة وحدته بانصهار كل مكوناتها، العربية- الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية والغنية بروافدها الأفريقية والأندلسية والمتوسطية.