المجر تتزعم التحذيرات الأوروبية من ارتباط الهجرة بالتطرف

رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، يتزعم التحذيرات الأوروبية من وجود ترابط وثيق بين ظاهرتي اللجوء والإرهاب، فيما يؤكد تقرير أميركي حديث مخاوف حقيقية في ذهن الأوروبيين من وجود صلة وثيقة بين الظاهرتين بما سمح لليمين الشعبوي بتحقيق صعود سريع.
الجمعة 2016/07/22
مشاريع إرهابيين في أعين اليمين الشعبوي

واصل رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، هجومه المتكرر على اللاجئين، مصرا على ربط التطرف بتدفق اللاجئين.

وقال أوربان إن هناك صلة واضحة بين الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا والهجمات الإرهابية في القارة.

وأضاف أوربان للصحافيين بعد اجتماع لمجموعة زعماء دول وسط أوروبا في وارسو “هذا واضح مثل وضوح أن اثنين زائد اثنين يساوي أربعة، مثل وضوح النهار. هناك صلة واضحة”. وأكد “إذا أنكر أحد هذه الصلة فإنه في الواقع يضر بأمن المواطنين الأوروبيين”.

وفي الشهر الماضي وافقت المجر، عضو الاتحاد الأوروبي، على قانون يتيح للشرطة أن تطرد مهاجرين بشكل غير مشروع يتم اعتقالهم داخل المنطقة الحدودية الجنوبية مع صربيا والتي يبلغ طولها ثمانية كيلومترات والمسورة بأسلاك شائكة.

وقصرت المجر العدد اليومي المسموح بدخوله منطقة العبور إلى ثلاثين بحد أقصى. وخلق ذلك حالة من الاختناق أجبرت اللاجئين على بناء مخيمات مؤقتة قرب مناطق العبور بين البلدين.

وتقع المجر على طريق المهاجرين التي تبدأ باليونان، وقد عبرها 400 ألف مهاجر في 2015، لكن عدد هؤلاء تضاءل منذ إقامة السياج الشائك وتراجع تدفق المهاجرين انطلاقا من تركيا. غير أن الآلاف من طالبي اللجوء لا يزالون يحاولون عبور هذا البلد انطلاقا من صربيا.

وفي غمرة التعاطف الدولي العام الماضي مع أزمة المهاجرين ولا سيما السوريين منهم خرج الرئيس المجري، فيكتور أوربان، للعالم بتحذيرات، لاقت استهجانا كبيرا في ذلك الوقت، تفيد بأن الثقافة الإسلامية التي يحملها المهاجرون معهم ستجتاح القارة الأوروبية ما يشي بتهديد مباشر لثقافات القارة العجوز.

وتتالت بعد تلك التصريحات إجراءات مجرية قاسية في وجه اللاجئين بدأت بتشييد حواجز شائكة على الحدود مع صربيا وانتهت بأعمال عنف أمني قوي قوبل باستهجان كبرى المنظمات الإنسانية.

وعلى الرغم من أن التصريحات الرسمية الصادرة عن الحكومات، والتي تربط بين الهجرة والتطرف، اقتصرت إلى حد الآن على المجر وبعض دول أوروبا الشرقية فإن المزاج الشعبي في القارة يميل نحو تأييد هذه الأحكام.

فقد كشف تقرير نشره معهد “بيو ريسيرتش” الأميركي الشهر الحالي أن غالبية الأوروبيين يعتبرون أن تدفق اللاجئين إلى قارتهم يزيد من مخاطر وقوع اعتداءات وتبدي شريحة كبيرة منهم مخاوف من انعكاسات موجة الهجرة على الوظائف في بلدانها.

وتؤكد التقارير الأممية في مجال حقوق الإنسان، أن المنظومة القانونية المجرية في ما يخص طالبي اللجوء تعتبر منظومة “مخالفة للاتفاقات الدولية في هذا المجال”.

فيكتور أوربان: إذا أنكر أحد صلة الهجرة بالتطرف فإنه يضر بأمن الأوروبيين

ويقول التقرير إنه في ثمان من البلدان العشرة التي شملها، يرى نصف الرأي العام، على الأقل، أن وصول طالبي اللجوء “يزيد من المخاطر الإرهابية”.

وتم تسجيل أكثر من مليون لاجئ في أوروبا عام 2015، معظمهم سوريون وأفغان وعراقيون.

وتؤكد أرقام التقرير أن المخاوف تزداد أكثر في دول أوروبا الشرقية حيث بلغت نسبة المتخوفين من اللاجئين رقما قياسيا في المجر (76 بالمئة) وبولندا (71 بالمئة)، على الرغم من كونهما بلدين استقبلا عددا قليلا نسبيا من المهاجرين مقارنة بدول أخرى في القارة كألمانيا والنمسا.

وفي ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد من المهاجرين، فإن 61 بالمئة من المواطنين أبدوا هذه المخاوف، فيما بلغت النسبة 60 بالمئة في إيطاليا و52 بالمئة في بريطانيا.

وأوضح معهد “بيو ريسيترش” بصورة عامة أن “أزمة اللاجئين والخطر الإرهابي مترابطان بوضوح في ذهن العديد من الأوروبيين”، مشيرا إلى أن “الارتفاع الكبير المسجل مؤخرا في عدد اللاجئين في أوروبا احتل الحيز الأكبر في الخطاب المعادي للمهاجرين الذي تتبناه أحزاب اليمين المتطرف على امتداد القارة”.

وتستثمر أحزاب اليمين الشعبوية في أوروبا حالات الاستياء الشعبية الواسعة من الاعتداءات الإرهابية التي ضربت مؤخرا كلا من بلجيكا وفرنسا وألمانيا لترويج خطاباتها المناوئة للمهاجرين على أوسع نطاق، غير أن صيحات الفزع هذه لم تقتصر على الأحزاب الشعبوية فحسب، إذا وأمام ارتفاع منسوب الضربات الجهادية في قلب أوروبا بدأت وكالات الأمن في القارة بدق ناقوس الخطر من احتمال اندساس متطرفين في صفوف اللاجئين القادمين من مناطق الصراع بالشرق الأوسط. وتتوالى التصريحات المستمرة للقادة الأمنيين والعسكريين الذين يحذرون من تسلل إرهابيين إلى التراب الأوروبي رفقة جحافل اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس شتولتنبرغ في تصريحات صحافية سابقة له عند سؤاله عن مآلات تدفق المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا بالحجم الكبير في الآونة الأخيرة “إن خطر دفع تنظيمات مثل الدولة الإسلامية ببعض المتشددين إلى التسلل إلى أوروبا بين صفوف موجة المهاجرين يتطلب يقظة استثنائية من كل الأجهزة الأمنية والاستخبارية وحتى العسكرية”.

وأضاف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن “الدخول مع اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي أمر خطير للغاية، إذ لا يمكن للسلطات التي تستقبل هؤلاء التثبت من انتماء الأشخاص الوافدين إلى تنظيمات إرهابية، فالأمر يتطلب قدرات استخبارية عالية جدا، أو مستحيلة”.

وعلى الرغم من الهجوم الكاسح الذي تتعرض إليه الحكومة الألمانية من قبل حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي على خلفية الهجوم الإرهابي الأخير الذي نفذه لاجئ داخل قطار في ولاية بافاريا، الاثنين الماضي، فإن برلين تصر، إلى حد اللحظة، على عدم الربط بين سياسات الأبواب المفتوحة تجاه المهاجرين والتطرف.

وقال وزير الداخلية الألماني، توماس دي مايتسيره، الأربعاء، “إن ألمانيا ستتعرض على الأرجح للمزيد من هجمات الإسلاميين”، لكنه هون من قدر أي صلة بين سياسة الباب المفتوح التي تتبعها حكومته مع اللاجئين والهجوم الذي نفذه لاجئ أفغاني داخل قطار.

وأكد دي مايتسيره “لا يمكن القول إنه لا توجد صلة بين اللاجئين والإرهاب، لكن الخطر كان مرتفعا في السابق ولا يزال مرتفعا بغض النظر عن التساؤلات بشأن اللاجئين”.

5