عبدالعزيز التويجري: المغرب جسر عبور العرب نحو أفريقيا

أصيلة (المغرب) - تحدث عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في حوار مع “العرب”على هامش ندوة بعنوان”الوحدة الترابية والأمن الوطني: أي مآل لأفريقيا”، ضمن فعاليات منتدى أصيلة الثقافي الدولي الذي يقام حاليا في مدينة أصيلة في دورته الثامنة والثلاثين، عما تعيشه القارة الأفريقية من تهديدات أمنية ونزاعات حدودية، داعيا في الوقت ذاته إلى تكثيف الجهود لتجنب خطر تفتيت القارة وتمزيقها وجعلها أرضا واعدة.
وقال التويجري إن “القارة الأفريقية قارة غنية بثرواتها وبشعوبها وبثقافتها المتنوعة وبتجاربها القديمة الحديثة، وبهذا المنطلق ينتظر هذه القارة مستقبل مشرق إذا قام أبناؤها بما يجب عليهم القيام به من معالجة مشاكلهم الداخلية ورص صفوفهم في إطار خطة محكمة لتمكين الشعوب الأفريقية من النهوض والتقدم واستغلال هذه الثروات والخبرات المتراكمة”.
ويرى مراقبون أن حضور عدد من الشخصيات العربية إلى منتديات في المغرب يكون فيها أفارقة، يعد نقطة مهمة لتدعيم العلاقات والتواصل بين مختلف الفاعلين في المجال العربي والأفريقي، وقال التويجري في السياق إن منتدى أصيلة أصبح علامة متميزة والكثير من القادة المفكرين والسياسيين الأفارقة يحضرون كل عام، “وأعتقد أن بمشاركاتهم وبما يسمعونه من نظرائهم من دول العالم سيعرفون أن لقارتهم مكانة، ولهذا يجب أن توظف هذه القدرات توظيفا سليما لكي تنهض هذه القارة نهوضا حقيقيا يستحقه أبناؤها وأرى أنهم قادرون على ذلك، ويكفي ما كانت تعانيه القارة الأفريقية طويلا من الاستعمار والتهميش والنهب والنظر إليها على أنها قارة متخلفة”.
ودعا في السياق ذاته إلى ضرورة تكثيف الجهود من قبل دول العالم الإسلامي وبخاصة الدول العربية المقتدرة لدعم القارة الأفريقية ودولها لتجاوز أزماتها الأمنية والاقتصادية، قائلا “العالم يمر اليوم بضائقة اقتصادية وكل دول العالم تعاني من هذه الضائقة، لكن هذا ليس مبررا وأعتقد أنه يجب أن نضع في تصوراتنا وأمام نصب أعيننا أهمية القارة الأفريقية، وأهمية الدول العربية والإسلامية للقارة الأفريقية لأن التاريخ يحث على ذلك وهي ليست قضية عاطفية فحسب، بل هي قضية مصير وقضية علاقات متشابكة وقضية تاريخ مترابط”.
المنظمات العربية والإسلامية لا تنسى المسؤوليات الأخلاقية للمغرب بقيادة الملك محمد السادس في سعيه إلى المحافظة على السلم والأمن في العمق الأفريقي
وفي مستوى الدور المغربي في المجال الأمني والوقاية من الإرهاب والتكوين الديني، قال التويجري لـ”العرب” إن المنظمات العربية والإسلامية لا تنسى المسؤوليات الأخلاقية للدولة المغربية بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس في سعيها إلى المحافظة على السلم والأمن في العمق الأفريقي، لذلك لا بد من دعم دور المملكة من قبل دول أخرى من العالم العربي والإسلامي، لمواصلة المشاريع التنموية الشاملة في العديد من المجالات، وجهودها في محاربة الإرهاب والتطرف العنيف والجماعات الإرهابية التي بدأت تتغلغل في غرب أفريقيا وشمالها. وهي مسؤوليات خطيرة تقوم بها هذه الدولة، العضو في الأمم المتحدة والعضو في المنتظم الدولي بكل مؤسساته والعضو في منظمة التعاون الإسلامي وإسيسكو”.
وفي سياق الإشارة إلى أن عددا من الدول من خارج الإقليم العربي والأفريقي أًصبحت لها مطامع واضحة في أفريقيا، ومن بينها إسرائيل، أكد المدير العام للإيسيسكو أنه “لا يجب نسيان تحركات إسرائيل في الفترة الأخيرة للتغلغل في هذه القارة، ومحاولة إعادة التأثير الذي كان لها في السابق على البعض من دولها، وإذا لم تكن هناك جهود متكاملة ومتواصلة بالطبع هذا سيضر مصالح العالم العربي الإسلامي وبالقضية الفلسطينية بشكل خاص”.
واعتبر المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، أن “النزاع المفتعل حول الصحراء يحول دون تحقيق الأمن في شمال أفريقيا، لأنه نزاع غير مبرر، أفريقيا بشكل عام وشمالها بشكل خاص، هما اليوم في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى استقرار وتكامل وإلى علاقات أخوية لتجاوز مثل هذه القضايا التي لا مبرر لها، وأعتقد أن إضاعة الوقت والمال والجهد في مثل هذه النزاعات سيساهم بلا شك في الجهود التي تبذل في الحفاظ على الأمن والسلم في قارتنا، ودائما أقول إنه يجب على جميع دول الأعضاء في الإيسيسكو، أن تتعاون في ما بينها على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل على إيجاد حركة تنموية شاملة تساهم فيها جميع هذه الدول للنهوض بعالمنا العربي والإسلامي لكي يتمكن من الصمود في مجال التدافع في الساحة الدولية، بحيث أن الأقوياء هم الذين يحترمون اليوم وإذا بقينا متناحرين حول قضايا تافهة سيكلفنا خسارة احترام المجتمع الدولي”.
ودعا عبدالعزيز بن عثمان التويجري، إلى ربط جسور الحوار بين الشرق والغرب وإلى استغلال الفرصة لنشر القيم الإنسانية التي تجتمع حولها الأديان السماوية المتمثلة في احترام الكرامة الإنسانية، ومبادئ حقوق الإنسان، ونشر الحوار الإنساني والتسامح بين شعوب العالم، والتعريف بالإسلام والعالم الإسلامي وتعزيز الحوار بين الحضارات ليس في القارة الأفريقية فحسب بل في جميع قارات العالم.
وهذا حسب تعبير التويجري، يحتاج إلى الكثير من جهد وإلى تعاون العديد من المنظمات والهيئات في الغرب وفي العالم الإسلامي.