تحركات حذرة لتنقية الأجواء بين مصر وتركيا

القاهرة – كشفت مصادر مطلعة أن وفدا مصريا يضم أربعة من كبار الخبراء الأمنيين غادر مطار القاهرة (الاثنين) متوجها لأنقرة لبحث عدد من الملفات والترتيبات الخاصة بإعادة العلاقات بين مصر وتركيا.
وأوضحت المصادر أن زيارة الوفد تعد خطوة أولى في طريق المباحثات حول عدد من الملفات الشائكة التي تقف عائقا أمام عودة العلاقات بين الطرفين.
وكان بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي لوح في تصريحات له الثلاثاء بأن العلاقات مع القاهرة ستبدأ على المستوى الوزاري، دون أن يحدد موعدا لذلك.
وبسؤاله عما إذا كان وزير تركي سيزور مصر أو أن أي لقاء سيعقد بين الجانبين، قال يلدريم “بصورة متبادلة وزراء مصر سوف يأتون، ووزراؤنا سيذهبون، رجال الأعمال قد يأتون، التبادل الثقافي ممكن، وربما يتم التوصل إلى إجراء اتصالات عسكرية متبادلة، كل شيء ممكن، لا مشكلة”.
ورغم استمرار الرفض التركي لعزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، شدد يلدريم “دعونا ننحّ الأمر جانبا، لأنه من ناحية أخرى الحياة مستمرة. نحن نعيش في نفس المنطقة. ونحن بحاجة إلى أنفسنا”.
وتبدي القاهرة تفاعلا مع توجه أنقرة الجديد وتصريحاتها المنفتحة تجاهها، ولكنها تبقى حذرة في تعاملها معها، خاصة أنها لا تزال إلى اليوم غير معترفة بالنظام المصري القائم.
الأزمة بين القاهرة وأنقرة كانت أحد أهم العوامل التي عطلت الاتفاق بين تركيا وإسرائيل أكثر من مرة
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان حصلت “العرب” على نسخة منه، "مع ترحيبنا بكل جهد يستهدف تحسين تركيا لعلاقاتها مع مصر، إلا أنه يجب أن يكون واضحا أن الاعتراف بشرعية إرادة الشعب المصري ممثلة في ثورة 30 يونيو وما نجم عنها من تولي مؤسسات شرعية مسؤولية إدارة البلاد، يحتم الاعتراف بها والانخراط في العمل معها كنقطة انطلاق لتطوير علاقة تركيا مع مصر”.
ولفت المتحدث باسم الخارجية المصرية إلى عدم ارتياح القاهرة لاستمرار التناقض في التصريحات التركية، والتأرجح ما بين إظهار الرغبة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر، وبين استمرار حالة عدم الاعتراف بشرعية ثورة 30 يونيو. وتتزامن إيحاءات تركيا برغبتها في الانفتاح على مصر مجددا، مع تطبيعها مع الجانب الإسرائيلي، وأيضا محاولاتها الجادة لإعادة العلاقة مع روسيا التي انقطعت منذ 7 أشهر على خلفية إسقاط أنقرة لطائرة حربية روسية في سماء سوريا.
وقد ذهب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حد تقديم اعتذار مكتوب لنظيره الروسي فلاديمير بوتين عن إسقاط هذه الطائرة، وكان ذلك أحد شروط موسكو لإعادة تطبيع العلاقات.
ويرجع محللون هذا التغير اللافت في السياسة الخارجية التركية إلى إحساس النظام بأن الخناق يضيق عليه في ظل الحرب التي يخوضها ضد حزب العمال الكردستاني وزيادة مخاطر الارتدادات الإرهابية على تركيا. وبالتالي فإن النظام لم يعد له من حل سوى تقليص حجم دائرة الخصوم حتى تكون له قدرة أكبر على المناورة كان قد فقدها خلال الفترة الماضية بسبب سياساته الهجومية.
ولفتت مصادر سياسية لـ“العرب” إلى أن العقبة الرئيسية في تطوير أي اتفاق بين القاهرة وأنقرة تكمن في أن حزب العدالة والتنمية التركي ملتزم بدعم جماعة الإخوان في مصر، وحدوث تفاهمات جديدة مع مصر مرتبط بالتخلي عن دعم الجماعة.
وأكد جهاد عبدالعليم الخبير بالمركز الديمقراطي العربي للدراسات السياسية لـ“العرب” أن “التغيير الحكومي الأخير في تركيا كان فرصة سانحة لإجراء بعض التعديلات الجديدة على توجهات أنقرة، ومحاولة استعادة الدفء مع عواصم مهمة”، في ظل الأزمات المحيطة بها والتي كلفتها الكثير.