أفلام "للكبار فقط": تشدد رقابي يفتقد أدوات التنفيذ

رغم اتفاق الكثير من النقاد على أن عددا من الأفلام المصرية المنتجة في السنوات الأخيرة، خاصة أفلام السبكي، تحمل مشاهد مثيرة مجانية دون دواع درامية ولا تناسب العرض على مختلف الأعمار، فإنهم رفضوا بالإجماع تصنيفات الرقابة.
فكرة التصنيف ظهرت في العالم للتعامل مع الأفلام التي تناقش مواضيع أكبر من درجة ثقافة مشاهد في عمر ما، أو أخرى تتعلق بالجنس أو الدين، أما الأفكار السياسية فالسينما العالمية غير مهتمة بها من الأساس.
الناقد السينمائي نادر عدلي وصف التصنيف العمري بأنه “لعبة جديدة” من جهاز الرقابة، الذي اتخذ من القرار شمّاعة لشغل أذهان المشاهدين، لا سيما أن جميع الأعمال التي طرحت وحملت هذا التصنيف لم تحمل فكرة محترمة أو نقدا جريئا لأي شيء.
وقال لـ”العرب” “أغلب دور العرض غير ملتزمة بتطبيق هذا القرار، ولا يوجد من يطالب المشاهد بالكشف عن هوية بطاقته الشخصية، وحتى الآن لا توجد أفلام في مصر تستحق هذا التصنيف”.
وينتظر عدلي ليرى كيف ستتعامل الرقابة مع فيلمين عرضا في مهرجانات دولية هما “آخر أيام المدينة” للمخرج تامر السعيد، والذي سبق عرضه في عدة مهرجانات، و”اشتباك” الذي عرض في مهرجان “كان” الفرنسي الأخير.
بعض النقاد برروا موقف الرقابة بمحاولة الخروج من الأزمة المجتمعية التي اندلعت قبل عامين مع عرض فيلم “حلاوة روح” للمطربة هيفاء وهبي، ما اضطر الحكومة المصرية للتدخل لمنع عرض الفيلم، أو بالأحرى سحبه من دور العرض.
ومع ذلك، من الصعوبة أن يطبق قرار التصنيف العمري للأفلام بحذافيره، لأن الرقابة لا تملك الجرأة لمنع فيلم من العرض، حال رفض صناعه تطبيق القرار، فهي من البداية أجازت تصوير الفيلم ولا تستطيع رد المبالغ التي تكلفها إنتاجه.
قرار التصنيف أثار بعض القلق في أروقة المنتجين السينمائيين، فهناك جمهور غير قليل يقل عن سن الـ18 الذي تشترطه الرقابة لبعض الأفلام، وقد حذف المنتج محمد السبكي أحد المشاهد من فيلم له قبل ثلاثة أشهر، بناء على طلب الرقابة حتى لا يدرج نفسه تحت هذا الشعار، ويفقد نسبة كبيرة من جمهوره.
|
شهد موسم الربيع تزايدا في استخدام التصنيف العمري، إذ أنه من بين ثمانية أفلام عرضت اشترطت الرقابة أن تكون ثلاثة منها “للكبار فقط”، هي أفلام “اللي اختشوا ماتوا”، و“قبل زحمة الصيف”، و”حرام الجسد” وهو أكبر عدد أفلام مصنف في موسم عرض واحد.
دارت تساؤلات عمّا إذا كانت دور العرض السينمائية ستلتزم بتفعيل القرار، خصوصا في مواسم الأعياد التي تشهد زخما جماهيريا على أفلام عائلة السبكي.
وأثيرت كذلك علامات استفهام عمّا إذا كان القرار يزيل الحرج عن المنتجين لتقديم أفلام تحمل مواضيع أكثر جرأة، لكن الأهم أن الأفلام الثلاثة المشار إليها لم تكن تستحق التصنيف لأن مواضيعها لا تحمل المخاوف المتوقعة منها.
أكدت الناقدة ماجدة موريس أن هناك الكثير من الأعمال تعرضت للظلم مثل فيلم المخرج محمد خان “قبل زحمة الصيف” الذي تعرض لمظلمة كبيرة من وسائل الإعلام، بحجة أن فيلمه يستعرض ألبسة البحر فقط أو ما شابه دون أن يحمل مضمونا.
تساءلت موريس عن الآلية التي تطبق بها الرقابة القرار، وهل تتولى شرطة المصنفات تطبيقه حتى في حفلات منتصف الليل التي تتحايل فيها العائلات باصطحاب الأطفال معها، مشيرة إلى أنها كانت تتمنى أن تسافر بعثة من الجهاز إلى الخارج لترى كيفية التطبيق.
وحول عبارة “تحت الإشراف العائلي” التي تضعها بعض دور العرض رأت أنها مضحكة، فلا يوجد في القانون ما يحمل هذا المضمون، وربما يكون ذلك تحايلا من صناع الأفلام للخروج من مأزق التصنيف العمري، الأمر الذي يستلزم مراجعة الرقابة فيه.
الناقد كمال رمزي كان قاسيا في حكمه على الأمر، قائلا لـ”العرب” “المجتمع يعاني مجموعة أمراض نفسية، فهو مدّع وكاذب، ولو كان يملك الثقة في نفسه وفي أفراده وما يحملونه من قيم أخلاقية وذوق فني لما اهتز من أي شيء، لأن المجتمعات المهمّشة هي التي تخشى مثل هذه الأمور”.
وأوضح رمزي أنه لا يوجد منتج الآن يجرؤ على تقديم أفلام مثل “امرأة على الطريق” أو “رنة خلخال” التي قدمت قبل سنوات، ومع هذا ترتفع الأصوات المناهضة للكثير من الأفلام التي تأخذ حجما من التهليل أكبر من مضمونها، مثلما حدث من قبل في أزمة فيلم “حلاوة روح”.