وحشية مثيري الشغب تعود إلى أوروبا

الأربعاء 2016/06/15

ضربت مدينة مارسيليا الفرنسية موجة من الشغب بعد حالة احتقان كبيرة بين مشجعي منتخبي روسيا وإنكلترا، وأدت المواجهات إلى عدد من الجرحى بينهم إصابات وصفت بالخطيرة. وكانت كل الدلائل والمؤشرات تنبئ بخطورة المباراة. ويمكن اعتبار هذه المشاهد مخجلة وغير مقبولة لا سيما وأنها جاءت من قبل قلة من مثيري الشغب. فمن العار أن يشهد حدث مثل كأس أوروبا 2016 يتابعه الملايين من الأشخاص في العالم، أحداثا ناجمة عن تصرفات أفراد لا علاقة لهم بكرة القدم ولا علاقة لهم أيضا بمشجعيها الحقيقيين. لقد عادت وحشية مثيري الشغب إلى أوروبا.

وتورطت جماهير روسيا وإنكلترا في اشتباكات خلال الأيام التي سبقت المباراة ثم اندلع المزيد من أعمال الشغب عقب تسجيل روسيا هدف التعادل في شباك إنكلترا في الوقت بدل الضائع. وبدا أن الجماهير الروسية هاجمت المشجعين الإنكليز في المدرجات المجاورة وأجبرتهم على الفرار. وعلى الجانب الآخر يحقق “اليويفا” مع الاتحاد الروسي أيضا في ما يتعلق بمزاعم حول سلوك عنصري من جانب جماهير الفريق وإشعال ألعاب نارية. وعادت الذكريات السيئة المرتبطة بمثيري الشغب إلى مخيلة كل عشاق كرة القدم الأوروبية، لذلك بات الخوف يهيمن على كأس أوروبا. وأضحت فرنسا مستضيفة الحدث الرياضي مطالبة بالاستعداد واستنفار قواتها الأمنية أكثر في مواجهة هذه الأخطار والتهديدات وخصوصا الإرهابية منها. فبعد المواجهات بين مشجعي منتخبي روسيا وإنكلترا في مارسيليا جنوب فرنسا، تشهد باريس مباراة بين تركيا وكرواتيا من المحتمل أن تليها مواجهات وأعمال عنف.

وكان الاتحاد قد هدد العام 2000 بمعاقبة إنكلترا وفي 2012 بمعاقبة روسيا بعد أعمال عنف قام بها مشجعون من البلدين. لذلك لا بد على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) أن يبدأ تحقيقا ضد الاتحاد الروسي للعبة. كذلك لا بد على لجنة الانضباط أن تصدر حكمها في هذا الشأن في أسرع وقت ممكن. وبالتالي على روسيا أن تتخذ التدابير اللازمة لوضع حد لجماهيرها التي تصرفت بشكل يسيء إليها بصفتها الدولة المضيفة لكأس العالم المقبلة، وعليها أن تحافظ على صورتها على الخارطة العالمية.

وبعد مشاهدة الأحداث تتوجه أصابع الاتهام كذلك إلى المسؤولين عن التنظيم والإجراءات الأمنية، باعتبار أن مثل هذه المباريات التي تحمل طابعا عدائيا يجب أن تتخذ فيها إجراءات حاسمة وواقية عبر فصل المشجعين بواسطة الحواجز. وأبدت الحكومة الفرنسية دعمها للشرطة في مدينة مارسيليا بعد أيام من أعمال عنف شابت الأيام الأولى من بطولة أوروبا 2016، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن الوسائل والأساليب التي اعتمدتها الشرطة وأجهزة الأمن داخل الملاعب. ونشرت فرنسا أكثر من 90 ألفا من رجال الشرطة والجنود والأمن الخاص في أنحاء البلاد لتأمين البطولة في ظل تحذيرات من أجهزة مخابرات من هجمات محتملة على ملاعب ومناطق المشجعين أو على أهداف أخرى.

ويمكن القول إن وحشية مثيري الشغب ليست بجديدة عن القارة الأوروبية، ففي مونديال فرنسا 1998 وقبل مباراة ألمانيا ويوغوسلافيا في دور المجموعات، وقعت اشتباكات بين الجماهير الألمانية وقوات الشرطة الفرنسية. كما وقعت اشتباكات بين الجماهير الإنكليزية والسكان المحليين، إضافة إلى اشتباكات أخرى مع بعض الجماهير التونسية أيضا طوال عدة أيام متتالية. كذلك عاشت كأس أمم أوروبا في هولندا وبلجيكا 2000 على وقع هذه الأعمال، حيث بدأت الفوضى مبكرا في تلك البطولة، وذلك فور وصول الجماهير الإنكليزية إلى بروكسل، حيث وقعت مشاجرات في الشوارع. وقبل مباراة إنكلترا ضد ألمانيا في دور المجموعات وقعت اشتباكات ضخمة بين جماهير البلدين بمدينة شارلوروا البلجيكية.

بطولة أمم أوروبا بالبرتغال 2004 هي بدورها لم تخل من أعمال شغب مثيرة، وفازت اليونان بتلك البطولة وتصدر المشجعون الإنكليز مشهد العنف مرة أخرى بمدينة البوفيرا. وأيضا في كأس أمم أوروبا بالنمسا وسويسرا 2008، بعد أن أطاحت تركيا بكرواتيا في دور الثمانية، اندلعت الاشتباكات بين جماهير البلدين في شوارع فيينا. وتفاقمت خطورة المواجهات بعد أن اشتبكت جماهير كرواتيا مع نظريتها من البوسنة، بسبب احتفال الأخيرة بفوز الأتراك. هذا فضلا عن منافسات كأس أمم أوروبا ببولندا وأوكرانيا 2012، حيث وقعت اشتباكات عارمة بين المتشددين من الجماهير.

صحافي تونسي

23