التباس التشريعات يفرغ إدارة الصحف القومية المصرية

يناقش البرلمان المصري اقتراح تعديل تشريعي محدود يمنح رئيس الجمهورية حق إصدار قرار بتشكيل مجلس أعلى للصحافة، لسدّ ثغرة قانونية تعرقل تعيين رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية، التي ستكون شاغرة بنهاية يونيو.
الثلاثاء 2016/06/14
مشاكل الصحافة المصرية مستمرة في ظل انقسام الصحافيين

القاهرة - يحاول البرلمان المصري سد ثغرة قانونية تتعلق بتعيين رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية، وعددها 54 مطبوعة ستكون شاغرة بحلول 28 يونيو الجاري، باقتراح تعديل تشريعي محدود يمنح رئيس الجمهورية حق إصدار قرار بتشكيل مجلس أعلى للصحافة، في ظل انعدام وجود الجهة التي يحق لها تعيين قيادات جديدة أو تكليف القيادات الحالية بمواصلة العمل.

وأعرب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن استيائه من أداء الإعلام في أكثر من مناسبة، وأرجع في حديث تلفزيوني مؤخرا، سبب تدهور الأداء الإعلامي إلى عدم وجود قيادة، وهو ما يخلق حالة من الفوضى الإعلامية.

ويعتبر بعض المختصين أن قرار إلغاء وزارة الإعلام ساهم في تفاقم المشكلة، حيث ألغت مصر منصب وزير الإعلام عقب ثورة 30 يونيو 2013، فيما نص الدستور المصري على تشكيل ثلاث هيئات مستقلة تتولى إدارة شؤون الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع والإلكتروني.

أولى هذه الهيئات، المجلس الأعلى للإعلام ويتولى وضع السياسات العامة والإشراف على انضباط الأداء المهني، والهيئة الوطنية للإعلام التي تتولى الإشراف على القطاع المرئي والمسموع، والهيئة الوطنية للصحافة التي تتولى الأشراف على الصحافة المكتوبة والرقمية. ورغم مرور ثلاث سنوات على إقرار الدستور، لم يصدر تشريع قانوني بشأن تشكيل الهيئات واختصاصاتها، مما تسبب في فراغ تشريعي وفوضى نجم عنهما تدن في مستوى الخطاب الإعلامي.

وتعاني المؤسسات الصحافية والإعلامية عامة حالة ركود في ظل غياب القوانين الحاكمة لعملها، وتصاعدت مؤخرا نبرة احتجاجات العاملين على مستوى أداء القيادات الحالية.

وتعدّ الهيئة الوحيدة القائمة هي المجلس الأعلى للصحافة، المشكلة بموجب مرسوم قانون صدر منذ حوالي ثلاث سنوات، بمهام محددة، تمثلت في الإشراف على شؤون الصحافة القومية وتعيين قيادات لها، لكن القانون حصر حق التعيين في مرة واحدة، ومن ثم استنفذ المجلس الحالي صلاحية التعيين.

واقترح الصحافي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب المصري تعديل المادة 68 من القانون 96 لسنة 1996 المنظم لشؤون الصحافة، بمنح رئيس الجمهورية الحق في إصدار قرار بتشكيل المجلس الأعلى للصحافة على أن تنقل له صلاحيات مجلس الشورى في ما يتعلق بإدارة شؤون الصحافة.

وقال بكري لـ”العرب” إنه تمكن من جمع توقيعات من 320 نائبا بالموافقة على المقترح، وستناقشه لجنة الثقافة والإعلام الثلاثاء ليحال على الجلسة العامة.

عبدالمحسن سلامة: التعديل التشريعي الذي يناقشه البرلمان ضرورة ملحة لعلاج الثغرة القانونية

وأوضح بكري أن المقترح ينقل صلاحيات مجلس الشورى إلى المجلس الأعلى للصحافة، الذي يستهدف التعديل تشكيله بصورة مؤقتة، إلى حين إصدار التشريعات الإعلامية المكملة للدستور وإنشاء الهيئات التي نص عليها.

إلا أن الوسط الإعلامي المصري ينقسم حول المقترح، فهناك عدد من رؤساء مجالس الإدارات بالمؤسسات الصحافية القومية والبعض من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين يرون أنه الأولى بمجلس النواب الإسراع بإقرار مشروع قانون الإعلام الموحد لتشكيل الهيئات المنصوص عليها دستوريا، بدلا من إصدار قانون ينشئ مجلسا مؤقتا ينتج عنه تعيين قيادات إدارية وتحريرية مؤقتة، خاصة أن مشروع القانون معدّ ومقرّر من الحكومة وجاهز للعرض على البرلمان.

كما وجهت اتهامات للقائمين على إعداد مشروع قانون الإعلام الموحد من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين وأعضاء بالمجلس الأعلى للصحافة، بالانفراد بصياغة المقترحات بما يضمن بقاء سيطرتهم على الإعلام المصري، وحرية اختيار عدد من قيادات الهيئات الجديدة بما يعني بالتبعية التحكم في اختيار القيادات القادمة، الأمر الذي جعل الحكومة والبرلمان يتمهلان في عرض القانون ودراسته بشكل واف، بما يستحيل إقراره قبل 30 يونيو.

وساهمت الأزمة التي اشتعلت مؤخرا بين مجلس نقابة الصحافيين والحكومة، بضرورة التريث في إصدار قانون التشريعات الإعلامية.

وأكد مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين سابقا لـ”العرب”، أن مشروع التعديل القانوني المطروح على البرلمان هام جدا، وبمقتضاه سيكون هناك تشكيل جديد للمجلس الأعلى للصحافة، الذي يتولى وضع ضوابط اختيار قيادات جديدة للمؤسسات، وإبداء الرأي في التشريعات الإعلامية المكملة للدستور.

ويرى آخرون أن الصيغة التي وضعتها مجموعة يقال إنها تسيطر على مقاليد الأمور في النقابة تبدو غير موضوعية، لأنها غلبت التوجهات السياسية على المصالح الوطنية.

وقال عبدالمحسن سلامة عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام في تصريح لـ”العرب” إن التعديل التشريعي الذي يناقشه البرلمان، ضرورة ملحة لعلاج الثغرة القانونية التي ستؤدي إلى خلو مقاعد رؤساء التحرير ومجالس الإدارات مع نهاية الشهر الجاري.

ونفى وجود تناقض بين تشكيل مجلس أعلى جديد ومواصلة مناقشة التشريعات الإعلامية المكملة للدستور. وأيّد حاتم زكريا عضو مجلس نقابة الصحافيين في تصريح لـ”العرب” التعديل التشريعي الذي سيناقشه البرلمان، لأنه سيحل مأزقا قانونيا خطيرا.

18