نضال الشافعي: أخطط لفني بمعايير زمن "الأبيض والأسود"

رغم أنه ليس بطلا على الدوام أو فتى شاشة كبير بالمعنى التقليدي، فإن الفنان المصري نضال الشافعي من الممثلين الذين تركوا بصمتهم على كل عمل يشاركون فيه، ليعيد ذكريات الممثل “السنيد” النجم الذي كان موجودا في سينما الأبيض والأسود.
الجمعة 2016/03/25
فنان لا يتعجل النجومية

يتعامل الفنان المصري نضال الشافعي مع الفن باعتباره “قصة حب” وليس مجرد مهنة، لهذا يرفض استباق الزمن للوصول إلى أدوار البطولة المطلقة، عن قناعة بأن تلك الأدوار سوف تسعى إليه في وقت قريب، وأن ذلك أفضل كثيرا من أن يسعى هو إليها.

يعتز بتربيته الأساسية في المسرح، خاصة أنه خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، وقدم العديد من المسرحيات على مسرح الدولة، حقق نجاحه عبر التلفزيون والسينما، إلاّ أنه لا يزال يؤمن أنه في بداية مشواره، ودليله على ذلك أن هناك العديد من الأدوار التي يتمنى تقديمها، ولم تسنح له الفرصة لذلك حتى الآن.

انتشار بطيء

نضال الشافعي الذي صعد نجمه بعد عرض مسلسل “شطرنج 1 و2” من بطولته وميس حمدان، قال في مقابلة مع “العرب” إن نجاح أي عمل فني يعتمد على وجود سيناريو جيد مكتوب بحرفية، وإذا لم يكن متوفرا، فلن ينجح العمل مهما بلغت قدرات المخرج والممثلين، لذلك لا يجد غرابة في أن يصف السيناريو الجيد بأنه “هبة من الله”، مفسرا ذلك بأنه بات عملة نادرة، وإذا حصل عليه ممثل فكل ما يتبقى أن يهضم دوره جيدا، ليملأ الشخصية من لحمه ودمه.

بحثه عن السيناريو “المخدوم” جعله بطيء الانتشار مقارنة بفناني جيله، لكنه يبدو راضيا بحساباته الخاصة في هذا السياق، إذ يقول “حينما أقرأ سيناريو أترك نفسي للتفاعل مع الشخصية المرشح لتجسيدها، فإذا صدقتها وأحببتها كمشاهد قبل أن أكون فنانا أوافق على تجسيدها، واثقا بأنها ستلقى قبولا لدى الناس”.

الدراما المصرية تعيش مرحلة جيدة على مستوى الكم والكيف وإنتاج نجوم جدد في كل فروع الصناعة

هذه الطريقة في التعامل مع الفن هي القريبة إلى قلبه رغم أنها تجعله خارج الزمن بالمقاييس السائدة في الوسط الفني، وإنما تنتمي إلى المدرسة الكلاسيكية أو زمن الأبيض والأسود، حين كان كل شيء يتم بحساب من أجل احترام المشاهد وذكائه.

رغم ذلك لا يرى الشافعي أنه يدرس خطواته أو يرسم مستقبله الفني بالورقة والقلم “أترك الموضوع لإحساسي، فإذا عرضت عليّ ثلاثة أعمال أختار منها أكثر عمل أصدقه، ولا أخطط سوى للعمل الذي أصوره وليس بما سأفعله بعد ذلك، فأنا لا أشغل بالي بفكرة الانتشار أو جني المزيد من المال، لأنني ببساطة لست من هذا النوع من الفنانين”.

بشجاعة أدبية يحسد عليها لا يرى نضال الشافعي نفسه مؤهلا لتقييم السينما أو الدراما في الوطن العربي، رغم تفاؤله بمستقبلها استنادا لحالة “الزخم والثراء الفني والعناصر الفنية الجيدة على مستوى التمثيل والإخراج والإنتاج”.

بناء على ما سبق يرى أن الدراما المصرية على وجه الخصوص تعيش مرحلة جيدة على مستوى الكم والكيف وإنتاج نجوم جدد في كل فروع الصناعة، بخلاف الدراما العربية التي تأثرت بفعل الأزمات السياسية في بعض الدول.

حالة الوهج الفني المصري ستزيد مع الاستقرار السياسي الموجود حاليا، لتعود مصر كما كانت من قبل قبلة العرب الفنية، وتمنى الشافعي أن تزيد في الفترة المقبلة التجارب الإنتاجية العربية المشتركة، خاصة بعدما بدأت بعض الاتحادات الفنية العربية في الظهور مؤخرا، وبدأت الأعمال العربية تحل محل الدراما الأجنبية الدخيلة على المجتمعات العربية.

نضال الشافعي برر موقفه الرافض للدراما المستوردة، بقوله “لأنني ضد فكرة التبعية، خاصة أن محصلة هذه الدراما ثقافات وتقاليد وأعراف ليست لنا يغرسونها في نفوس الشباب والأطفال، فإن ذلك يقتضي أن نواجه هذا السيل من الهجوم الثقافي بأن تتوحد الثقافات العربية بإنتاج أعمال درامية أو سينمائية مشتركة، وأن تكون بنفس الجودة والقيمة لنقدم فيها قيمنا الأخلاقية الخاصة بنا” .

بشجاعة أدبية لا يرى الشافعي نفسه مؤهلا لتقييم السينما أو الدراما في الوطن العربي، رغم تفاؤله بمستقبلها

دراما ورسالة

تفاؤل نضال الشافعي بمستقبل السينما جعله يسبح ضد التيار العام الناقد لما وصل إليه حال الفن السابع من ترد قيمي وفني، لكن الشافعي يرد على المنتقدين ببساطة قائلا “إن اختلفنا أو اتفقنا على أفلام البلطجة وفكرتنا عن التناول الخاص لها، ستبقى في النهاية أزمة يعاني منها الشارع العربي، مثلها مثل المصطلحات اللغوية الغريبة، وكلها أشياء موجودة في مجتمعنا، لكن المشكلة تكمن في طريقة وكيفية عرضها”.

أرجع الشافعي نجاح بعض الطبقات الاجتماعية الدنيا في فرض ذوقها الفني بما يحفل به من مستوى أخلاقي مرفوض، إلى انتشار الجهل والفقر وعدم الوعي وقلة التعليم، واعتبرها قضية عربية لا بد أن تناقش، لأن الفن لا يجب أن يبقى بعيدا عن قضايا المجتمع، وإذا كان البعض ينتقد طريقة تعاطي الفن مع تلك القضايا حاليا، فعليه أولا أن يقدم رؤية أو فنا بديلا يناقش هذه الظواهر برُقيّ أكثر.

الشافعي الذي يصور حاليا دوره في الجزء الثالث من مسلسل “شطرنج”، كشف لـ”العرب” عن ارتباطه بالمشاركة في مسلسل درامي يجري تجهيزه للعرض في رمضان المقبل، رافضا الإفصاح عن أي تفاصيل إضافية.

الشافعي يؤمن بأن التمثيل رسالة ووظيفة مجتمعية، فالممثل هو الشخص الذي يجسد مشاعر معظم الناس، بأفراحهم وأحزانهم وجميع لحظاتهم الإنسانية، لذلك لا يعتقد أن الفنان يعمل لنفسه فقط، وإنما لا بد أن يكون قريبا من الناس ومشاكلهم حتى يمكنه التفكير في حصد النجاح.

17