لستُ أنا ولكنّها الرّيح

الأحد 2015/12/13
قصائد المضي وراء الظلال

نشيد أوّل

لستُ الذي رتقَ الأشياءَ

مِنَ الجهةِ الخطأِ،

ولكنّهُ الذي قرفصَ

كالجنينِ

في أحشائي.

" لستُ أنا،

ولكنّها الرّيحُ

التي تعصفُ فِيَّ".

لستُ أنا،

ولكنّهُ الهباءُ

الذي

يلفظُ

اسمي ...

تطريز بين السماء والأرض

وتعرفينَ كيفَ ترسمينَ بالحنّاءِ أشجارًا، وكيفَ تجعلينها عامرةً بالفصول. وتعرفينَ أيضًا: رقصةَ الأرنبِ البريِّ، ودورانَ المهرّجِ على نفسهِ. أوجاعَ المياهِ الفوّارةِ، والشّفةَ المرشوفةَ حُبًّا.

ظلَّ المخبوءِ ندواةً، والعطرَ الذي على مهلهِ يسعى. وتعرفينَ كيفَ تخمشينَ التفّاحةَ، وكيفَ تدسّينَ السمَّ في العسلِ. وتعرفينَ كيفَ تصعدينَ بالأسماكِ في معارجها، وكيفَ تهبطينَ في وديانها.
وتعرفينَ الصّحيحَ والمُعتلَّ والمبنيَّ للمجهولِ وما تكسّرَ في الجموعِ. وتعرفينَ اللّيالي الألفَ وما بعدها، وأربعاءَ الرّمادِ وخميسَ الحقول.
وتعرفينَ كيفَ تسقطُ الظلالُ، وكيفَ تشهقُ في القميصِ وردةُ الصبّار، وكيفَ يقطفها عاشقٌ عجول.

ذهب الليل

ورفعتُ السّرجَ

مسحولًا مِن ذهبِ الليلِ

ومَلتوتًا

بالحيِّ المَيْتِ

وملتوتًا

بالميّتِ الحَيّْ.

لم أرتقْ ثوبَكِ الخلّاقَ

ولكنَّ يديّْ

كمنظرِ نارٍ

نازلةٍ في الريحِ

تعدُّ الأضلاعَ

وتضربُ بالأبواقِ عَليّْ . . .

طبيعة صامتة

الذينَ رحلوا صوبَ التّلالِ

يعرفونَ جيدًا

أنّ الموتَ في انتظارهم.

وضعوا أطفالهم

في العرباتِ

ثمّ نحروا ثيرانهم.

كرسيّ وحيد
لم تكُنِ الصورةُ إلّا باهتةً.

كأنّه ألبومُ حياةٍ قديم.

كانت قد تكدّست خلفَهُ

أشلاءُ كراسٍ،

على بعضها

في الزاوية.

ولكنّهُ—

في تجاويفهِ،

وحضنهِ الواسعِ،

وأقدامهِ التي في كلّ اتّجاهٍ،

طيفُ ذكرايَ

أنا

الذي

يتّكئُ

على طرفِ الصورةِ،

وحيدًا،

كألبومٍ قديم.

السلمون الأحمر

يطيرُ السّلمونُ الأحمرُ.

يطيرُ،

ثمّ يزحفُ

على رغوةِ الماء.

عائدًا

إلى حضنِ أُمّهِ.

ويطيرُ،

رغمَ أنفِ الجاذبيّةِ،

والدبِّ الذي يتربّصُ.

الحوت الأحدب

بعد صومهِ الكبيرِ،

في الشّمال،

يرقص الحوتُ الأحدبُ.

لا شيءَ على الماءِ

غيرُ ذيلهِ السّندانِ.

يرقصُ، ثمّ يلتّفُ

على نفسهِ،

وحيداً،

في الفقاعة الكبيرةِ،

بين أسماكِ الرّنجةِ

التي تتهاوى

في جوفهِ العظيم.

السّمكة السيف

السمكةُ السّيفُ.

على المنضدة.

وحدهُ، البحرُ،

يهدرُ في خياشمِ

صيّادها السكّير.

ذباب أزرق
عندَ منحدراتِ نهرِ الصّحراء

غيمةٌ من ذبابٍ أزرق.

مرّةً تلوَ أخرى

تتقافزُ

السّحالي المسطّحةُ

كأنّ الشمسَ

في بطونها.

القاطور الصغير

يُخفي في الماءِ المُوحلِ

خَطْمَهُ.

عميقًا تخوّضُ

قدمُ الصيّادِ

في الطّحالبِ

التي تصعدُ

حتّى الرّكبتين.

ذو القلنسوة البيضاء

الكاسرُ

ذو القلنسوةِ البيضاء،

يجثمُ على شجرةٍ ميّتة.

ذو القدمينِ المُرقّطتين،

نسرُ مدينةِ هوميروس،

يعرفُ جيّدًا

أنَّ الموتَ في انتظارهِ

عندَ مقالعِ الرُّماة.

لوحة في الجدار

يصيخُ السَّمْعَ

إلى أساورَ

تتجندلُ في العتمة.

الرّيحُ في الزجاجةِ

والثّعلبُ في القفص.

السلمندر

السّلمندرُ

موشومٌ

تحتَ السرّةِ.

يا لذيلهِ

معقوفًا

صوبَ المنحدَر.

عصفور
عصفورٌ تعرّى من ظلّهِ

وطارْ

عاليًا

في الجدارْ.

عصفورٌ أبلَهْ

لم يُدركْ أنّ الظلَّ يموتُ

وأنَّهْ

يحفرُ في العتمةِ

قبرَهْ.

ستائر

في الرّذاذِ

الذي يشقُّ الممرَّ

تنامُ يداكِ على بعضهما.

آنَ مرّتْ عيني عليكِ

أَسدلتِ الستائرُ

نفسَها.

آثار أقدام

آثارُ أقدامٍ

موشومةٍ بالحنّاءِ

مِن أسفلِ الظَّهرِ

حتّى معارجِ الكتفينْ.

ما زالَ محجوبًا

في الغلالةِ

ذيلُ القطِ

الذي يحجبُ النّهدينْ.

شاعر من الأردن

13