تداعيات تهديدات البنك الدولي على لبنان
أطلق البنك الدولي تهديدا جديا بوقف المساعدات الدولية للبنان في حال لم يتم إقرار القوانين التي تنظم آلية المرور القانوني لهذه المساعدات في المجلس النيابي.
جرس الإنذار العالي النبرة دفع برئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى مخاطبة النواب بلهجة غير مألوفة، بلغت حدود التوسل إليهم من أجل التوافق على تمرير جلسة تشريعية لإقرار القوانين اللازمة، قبل أن يوضع هذا التهديد الخطير موضع التنفيذ.
ويحذر محللون من تداعيات كثيرة وخطيرة يمكن أن تصيب لبنان في حال تم تنفيذ قرار البنك الدولي.
ويرى المحلل الاقتصادي عبدالرحمن أياس أن التداعيات يمكن أن تطال كامل البنية التحديثية في وزارات معينة تعتمد على قروض ومساعدات المؤسسات المالية العالمية، لأن تحديث قواعد البيانات في عدد من الوزارات يرتبط غالبا بتمويل خارجي.
الأثر الجدي والأكثر خطورة في نظر أياس يتعلق بأن فقدان التمويل الخارجي سيدفع المصارف إلى المطالبة بفوائد أعلى على القروض التي تقدمها للدولة لسد فجوة العجز، وهو ما يمكن أن يجبر الدولة، في ظل عدم توفر أي بديل، على تحصيل قيمة الزيادة من خلال فرض ضرائب جديدة عالية.
وأضاف أن من شأن ذلك أن تكون له وطأة شديدة على الاقتصاد اللبناني، وخدمة الدين العام والقدرة الشرائية عند غالبية المواطنين بشكل عام.
ويمكن لأزمة مالية كبيرة بحسب أياس، أن تجعل من كان يرغب في شراء أدوات معينة أو مفروشات على سبيل المثال، أن يجد نفسه غير قادر على ذلك، أو ربما سيعمد إلى تقنين الشراء إلى حدود دنيا وقصره على الضروري والذي لا غنى عنه، ما سيؤثر تاليا بشكل حاد على أرباح التجار وعلى سير الحركة الاقتصادية بشكل كبير وعام.
وأكد المحلل الاقتصادي في حديث لـ”العرب” أن التداعيات الخطيرة يمكن أن تصل إلى درجة ثقة اللبنانيين حول قوة الليرة اللبنانية من خلال الإشارة لاحتياطي الذهب.
واعتبر أن مسألة التغطية الذهبية ليست سوى حالة نفسية وليست واقعا اقتصاديا، لأن قاعدة اعتماد الذهب كمرجع للعملات لم تعد قائمة منذ فترة طويلة.
ويبدو أن ما يدعم الليرة اللبنانية فعلا هو ارتباطها بالدولار الأميركي، ووجود احتياطيات جيدة بالدولار في المصرف المركزي.
ويعد هذا الارتباط بمثابة سر غير معلن، وهو قائم فعليا منذ عام 1992على الرغم من عدم الإعلان الرسمي عنه، في حين أن دولا كبرى مثل السعودية تعلن رسميا عن ربط عملتها بالدولار بشكل مباشر. وتكمن قيمة الذهب في أنه سلعة للتداول مثله مثل النفط، ولكن فكرة ربط العملة به لم تعد سائدة منذ فترة بحسب أياس.
ولا يرى أياس أن تهديدات البنك الدولي جدية أو خطيرة بالقدر الذي تناولتها فيه وسائل الإعلام المحلية، لأن المشاريع الممولة دوليا متوقفة أساسا منذ فترة طويلة، وعادة لا يقوم البنك الدولي بتنفيذ تهديداته مباشرة بل يعطي مهلة زمنية، ويراعي ظروف البلاد وطبيعتها.
ويرى معظم المراقبين والمحللين الاقتصاديين أن تحذير البنك الدولي بشكل عام لا يشكل تهديدا خطيرا يصل إلى حدود التسبب بوقوع انهيار واسع وشامل للاقتصاد اللبناني، كما تقول بعض القراءات الصحفية المتسرعة.
ويشير المحللون إلى أن لبنان سبق أن تعرض إلى التهديد بإجراء خفض في تصنيفه الائتماني من قبل مؤسسة ستاندرد أند بورز ووكالات أخرى للتصنيف الائتماني، وقد غيرت ستاندرد أند بورز في وقت لاحق نظرتها للاقتصاد اللبناني من مستقر إلى سلبي.
ويرى محللون أن ذلك الخفض في التصنيف يمكن أن يكون أكثر خطورة من تهديدات البنك الدولي لأن من شأنه أن يعيق حصول لبنان على قروض واستثمارات أجنبية جديدة.