السينما المصرية ضحية خلطة "السبكي" وتقاعس المنتجين

بينما تعيش السينما المصرية حالة غير معقولة من الصخب والضوضاء في الفترة الأخيرة، اقتصر الأمر على مجموعة أفلام بعيدة جدا عن المأمول، سواء في العدد أو الجودة. هذا الواقع المتراجع برز بشكل واضح خلال عيد الأضحى الأخير، وذلك بعد أن استيقظ الجميع على الحقيقة التي كانت ماثلة أمامهم منذ أشهر، دون أن يلتفتوا إليها، وهي سيطرة عائلة واحدة على الإنتاج السينمائي "عائلة السبكي"، بما تفرضه على السوق من ذوق يغذي حالة الانحدار التي يشهدها المجتمع أخلاقيا وسلوكيا، بينما كان من المنتظر أن يكون للسينما دور في ترقيته، كما اعتادت أن تفعل من قبل. "العرب" حادثت بعض المختصين ونقاد السينما حول هذه الظاهرة التي باتت تقض مضجع الإنتاج كما وكيفا.
الثلاثاء 2015/10/20
دخل السينما المصرية تقلص مع تنامي القرصنة

بات واقع السينما المصرية في الفترة الأخيرة مثيرا للجدل، خاصة في ظل احتكار عائلة واحدة للإنتاج السينمائي، ونعني هنا عائلة السبكي، الأمر الذي جعل المهنيين يطرحون العديد من الأسئلة تلخصت حول أسباب ابتعاد المنتجين عن السوق حاليا، وتركها في أيدي عائلة السبكي، وإذا كان سبب الابتعاد الخسائر المالية، فلماذا لا يبتعد السبكي كذلك عن السوق، أم أنه يكسب بمفرده؟ وكيف يستطيع الكسب في سوق خاسرة؟ ولماذا يعجز الآخرون عن الوصول للربح؟

المنتج شريف مندور عضو غرفة صناعة السينما، فند في تصريحات لـ”العرب” أهم أسباب الخسائر الإنتاجية، قائلا أن مصادر دخل السينما قائمة على ثلاثة أشياء بالأساس، وهي التوزيع الداخلي ممثلا في شباك التذاكر المحلي، والتوزيع الخارجي، والقنوات الفضائية، لكن ما يحدث أن هناك ما يقرب من 75 محطة فضائية تقوم بقرصنة الأفلام.

وقال مندور: للأسف الحكومة المصرية وأجهزتها الرقابية لا تتخذ إجراء حازما تجاهها، بالإضافة إلى أن المواطن العربي بات يفضل عدم الذهاب للسينما، طالما أنه يستطيع مشاهدة الفيلم في التلفزيون، ما أدّى إلى سوء توزيع في دول المغرب والخليج العربي، التي كانت أحد المصادر الرئيسية لعوائد الأفلام، وجعل الاستمرار في الإنتاج مغامرة كبيرة.

واعترف مندور باقتصار الإنتاج حاليا على عائلة واحدة تستطيع تقديم أفلام تناسب ذوق المشاهدين المراهقين، الذين لا تعنيهم قصة الفيلم والقضايا التي يطرحها، بقدر ما يبحثون عن التوليفة المعتادة من “رقص وضرب”. على سبيل المثال، منتج مثل أحمد السبكى كان يقدم أفلاما تحمل قيمة فنية مثل “ساعة ونص”، و“واحد صحيح” لكنه توقف، وحتى عندما غامر منتج مثل وليد صبري بإنتاج فيلم لأربعة وجوه جديدة مثل أبطال “الجيل الرابع” الذي يعرض حاليا، لم يحقق الإيرادات التي تغطي تكلفة إنتاجه، رغم أننا طالبنا المنتج بضرورة طرح الفيلم في هذا الموسم لعدم وجود منافسين مع السبكي، حسبما أكده مندور.

موسم عيد الأضحى الأخير شهد 4 أفلام منها 2 لعائلة السبكي هما "أهواك" و"عيال حريفة" لعدد من نجوم الغناء والرقص

يذكر أن موسم عيد الأضحى الأخير شهد 4 أفلام منها 2 لعائلة السبكي هما “أهواك” الذي لعب بطولته المطرب تامر حسني وغادة عادل، و”عيال حريفة” لعدد من نجوم الغناء والرقص، إلى جانب فيلمين آخرين هما “4 ورقات كوتشينة” و“الجيل الرابع”، علاوة على فيلمين آخرين كان من المقرر طرحهما للمنتج أحمد السبكي وهما “الليلة الكبيرة” و“من ضهر راجل” لكن تأجل عرضهما دون معرفة الأسباب.

أما عن الأفلام التي يتم سحبها من دور العرض، أكد مندور عضو غرفة صناعة السينما المصرية أنه خلال الأسابيع القادمة سيتم تطبيق نظام يضمن لكل فيلم حدا أدنى من عدد المقاعد المباعة أسبوعيا، ويقاس ذلك على مدار خمسة أيام، بمعنى أنه إذا حقق الفيلم نسبة 25 بالمئة من عدد المقاعد المباعة لأصغر شاشة عرض، لا يمكن سحبه من الأسواق.

المنتج محمد العدل، كان أكثر تشاؤما فقد أكد أن الدولة غير معنية بالسينما، حيث اقتصر سوق الإنتاج على منتجين مثل آل السبكي الذين يدركون مقومات السوق جيدا، ويستطيعون تقديم نماذج سينمائية تحقق إيرادات ضخمة، مؤكدا أنه كمنتج لن يستطيع تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام، رغم قناعته بأنها السبيل الوحيد للاستمرار في الإنتاج.

وأضاف قائلا “ليس صحيحا ما يقال عن عدم وجود سيناريوهات جيدة، بل على العكس لدينا العديد من الكتاب المميزين، إضافة إلى المحترفين في مجال الإخراج والتصوير، لكن عندما نفتقد حماية الصناعة لن نستطيع الإنتاج”.

وأوضح العدل أيضا أنه بات من النادر في الوقت الحالي وجود منتج يتصدى للعملية الإنتاجية بمفرده، خوفا من الخسائر، وإنما يقدم 30 بالمئة فقط، إضافة إلى نسبة للموزع الداخلي، والخارجي الذي اختفى تماما، وكل ذلك أثّر في العملية الإنتاجية، لأن المنتج إذا شعر بعدم قدرته على الحصول على قيمة ما أنفقه، فلن يغامر.

أما عبدالجليل حسن المسؤول الإعلامي في الشركة العربية للإنتاج، فقد أشار إلى أزمة أخرى ممثلة في مسألة التصاريح والإجراءات الروتينية لبدء تصوير أي فيلم، حتى إنه من الممكن تعطيل العمل شهرين من أجل الحصول على موافقة جهات مختلفة على التصوير في مكان معين.

ودافع عبدالجليل عن النجوم المتهمين بالمغالاة في أجورهم، مؤكدا أن هناك فنانين بعينهم على استعداد للتنازل عن نسبة كبيرة مما كانوا يحصلون عليه سابقا، بهدف حبهم للعمل في السينما.

وخالف الناقد طارق الشناوي كل التحليلات حول أسباب الأزمة معتبرا أن الأزمة تتلخص ببساطة في أن منتجي السينما لا يحبونها، وقال “إذا كنا نعيـب على السبكي مرة، فإننا نعيـب على المنتجـين المتقاعسين عشرات المرات، فهو على الأقل ينتج بينما توقّف آخرون، وبعضهم اتجه للدراما، حيـث أصبح السـوق هناك أكثر أمنا”.

16