مبدعون إماراتيون: الثقافة سلاح فاعل في وجه التطرف

تساوى مفهوم الشهادة عند أبناء الإمارات من المثقفين والأدباء والفنانين، في تعبيره عن حب الوطن والدفاع عن شرف الإنسان فيه. حيث تحوّلت كتابات وتعليقات هؤلاء في الأيام الفائتة إثر استشهاد عدد من الجنود الإماراتيين في مأرب باليمن، إلى صفحات للرثاء والافتخار في الوقت نفسه. ففي حين عبّر البعض عن أسفهم الشديد لرحيل خيرة شباب البلد، اعتزّ آخرون ببسالتهم وتضحيتهم بأنفسهم في سبيل تحقيق العدالة.
الاثنين 2015/09/14
علي أبو الريش وحبيب غلوم: مفهوم الشهادة عند أبناء الإمارات من المثقفين والأدباء والفنانين يعبر عن حب الوطن والدفاع عن شرف الإنسان فيه

بداية وفي بيان صدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بهذه المناسبة الحزينة، صرّح حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة الاتحاد بالقول “اتحاد كتاب وأدباء الإمارات من جهته يرى نفسه مسؤولا مسؤولية مباشرة إزاء قضية وطنية بهذا الحجم، انطلاقا من قناعته بالدور الحيوي والجوهري والحاسم للكاتب والمثقف في الشأن الوطني، وضرورة أن تكون له كلمته ولا سيما في اللحظات المفصلية التي نعيش اليوم واحدة من أهمها وأخطرها”.

الثقافة والسلاح

يؤكد عدد من المثقفين الإماراتيين من خلال ردود أفعالهم، أن للثقافة في الوضع الراهن أثرها الكبير والقوي كالسلاح تماما. إذ يؤكد الأديب الإماراتي علي أبوالريش على أن للقلم دورا لا يقل عن دور السلاح الحي في مرحلة حرجة وصعبة كتلك التي يعيشها أهل المجتمع الإماراتي.

ويرى أبوالريش أن المطلوب من المثقف اليوم، أن يكون جنبا إلى جنب مع الجندي لمواجهة الخطر الخارجي المتمدد حتى خارج ساحة المعركة الحقيقية. فالحرب ليست حرب أسلحة فقط، إنما هي حرب معنويات وفكر وثقافة.

ويقول أبوالريش “نحن في الإمارات وبعد خسارتنا لـ45 جنديا من خيرة شباب الوطن، بحاجة إلى من يقف وقفة إصرار وثبات لتعزيز المواقف وتكريس الجهد الإنساني والمعنوي ضد عدوّ شرس يتعاطى الشعارات الرنانة والزائفة ويبتعد كل البعد عن المبادئ والأخلاق”.

ويضيف “أعتقد أن على المفكرين والأدباء والمثقفين أن يؤدّوا نفس دور الجنود، وعلى الحبر أن يكون أحمر كما لون الدم، وعلى القلم أن تكون فوهته مثل فوهة البندقية. إذ أننا نعيش حربا شرسة تمارس فيها أجندات شوفينية حاقدة على المنطقة وحدودها أبعد من حدود اليمن. ومنه على المثقف أن يقود الجماهير بالوعي والإدراك، مستهدفا الآباء والأمهات والأبناء”.

الحكومات تبحث عن المثقفين والإعلاميين الذين يمتلكون توازنا عقلانيا وفكريا ليتحدثوا إلى الشعب

إدراك الراهن

بدوره يبيّن الفنان والمخرج الإماراتي حبيب غلوم العطار، مدير إدارة الأنشطة الثقافية في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أنهم كمثقفين وفنانين معنيين بالهمّ الوطني لطالما أكّدوا ضرورة التركيز على الثقافة ضمن برامج التنمية الوطنية، ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، إنما في كامل العالم العربي كذلك.

ويوضح “الآن عندما نتكلّم عن المثقف إنما نحن بصدد الحديث عن الوعي والفهم ومحاربة الجهل. يجب أن نتسلّح بالفهم لندرك طبيعة ما نعيشه ونفهم كيفية تجاوز المحن والصعاب. فالثقافة مثلها مثل باقي مجالات الطب والطاقة والشؤون العسكرية والعمارة، فهي مهمة في استمرارية البشرية وبناء نهضتها وحضارتها، حتى أنها تكاد تكون العنصر الأهم في بناء الإنسان والأوطان”.

ويعبّر العطار بالقول “الوعي مهم للغاية في حب الوطن. وإن أزمتنا الحالية هي أزمة كبيرة على مجتمع إماراتي يعرف بسلميته. ومن المهم جدا تسليح الشباب بالمعرفة والعلم والوعي ليعرفوا لماذا يتقدّمون مضحين بأنفسهم دفاعا عن الأرض والعدالة. وأؤكّد أن هذه الأرواح الـ45 التي ارتقت إلى السموات، ستحصّن أرواح كل الإماراتيين في المستقبل”. ويتابع حبيب غلوم العطار “يستطيع الإنسان الواعي أن يحلّل ويفهم أصول الحياة. لذا فإن الحكومات تبحث عن المثقفين والإعلاميين الذين يمتلكون توازنا عقلانيا وفكريا ليتحدّثوا إلى الشعب ويشدّوا من عزيمته”.

لذلك ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من التعليقات والتغريدات التي كتبها مثقفون إماراتيون، للوقوف إلى جانب إخوتهم وأهلهم في هذه المصيبة الكبيرة، معتبرين الشهادة فخرا لهم.

14