"ولاد رزق" فيلم تائه بين قيمة الاتحاد وسطوة "البلطجة"

بين الانتصار لقيمة "الاتحاد قوة" التي درسناها جميعا في مناهج اللغة العربية قديما، وإعلاء قيمة البلطجة والإباحية، يخرج المشاهدون وهم حائرون: فلأي من القيمتين انحاز فيلم "ولاد رزق" أحدث أفلام النجم أحمد عز والمخرج طارق العريان؟
الثلاثاء 2015/07/28
بطولة ذكورية لنجوم مصر من الشباب

“ولاد رزق” للمخرج طارق العريان هو أحد أفلام عيد الفطر الذي يعتبر موسما استثنائيا لصناع الفن السابع لطرح أفلامهم الجديدة، وربما جعلته المناسبة يحمل الكثير من سيئات أفلام العيد، مثل مشاهد العنف المبالغ فيها، والإيحاءات الجنسية المخجلة.

ربما تجتذب توليفة الفيلم فئات ليست قليلة من محبي أفلام الأكشن بما تحويه من ألفاظ ومشاهد خارجة خصوصا في موسم العيد، لكن تبقى القيمة مفقودة وسط حبكة درامية ضعيفة لا ترضي أو تشبع المشاهد.

فإن كانت “البلطجة” قضية خطيرة وهذا واقع لا يمكن إنكاره، لكن المعالجة الدرامية لها في الفيلم افتقدت الأجواء التي ليست فقط لا تقود إلى حل، إنما قد تخلق حالة من التعاطف مع من يسيرون ضد القانون.

الفيلم غلبت عليه البطولة الذكورية، حيث شارك فيه إلى جانب النجم أحمد عز، كل من عمرو يوسف، أحمد الفيشاوي، أحمد داوود، وكريم قاسم مع إطلالات نسائية خاطفة في مشاهد قليلة، لكل من نسرين أمين، وندا موسى.

من أمتار بعيدة، تخطفك كاميرا المخرج طارق العريان بلقطة متميزة تبدأ بها الأحداث، وهي صورة من أعلى لقاع العشوائيات في رصد للبيئة التي خرج منها الأشقاء الأربعة: رضا وربيع ورجب ورمضان، قبل أن تنتقل إلى مشهد تال يرصد هجوما لقوات الشرطة على منزلهم. أحداث الفيلم تدور في فلك الأخ الأكبر أحمد عز أو رضا الذي يجمع حوله أشقاءه الثلاثة بعد وفاة والده، لتبدأ رحلتهم مع العنف والبلطجة.

لا شك أن الاستهلال الذي بدأ به الفيلم خلق لدى المشاهد شغفا كبيرا للاقتراب من “حدوتة ولاد رزق”، خصوصا مع تصاعد نداءات جارهم عاطف الذي يجسد دوره أحمد الفيشاوي، الذي قام بإبلاغ الشرطة عنهم متمنيا القبض عليهم لإشباع رغبته في الانتقام منهم.

ومع ذلك سريعا ما يزول الشغف بعد أن تكشف المشاهد الأولى للفيلم حكايات عن مغامرات “ولاد رزق” النسائية، تضمنت مشاهد “فجة” وألفاظا خارجة عن اللياقة والالتزام، تدين جهاز الرقابة على المصنفات الفنية الذي أعلن منذ أشهر قليلة أنه سيقوم بتطبيق “التصنيف العمري” على الأفلام المطروحة، لكنه تجاهل ذلك في هذا الفيلم رغم أنه وفقا لكل التصنيفات يصعب أن تقدم أسرة على الدخول لمشاهدته في مناسبة مثل العيد مع أطفالها أو بناتها.

نموذج ضابط الشرطة الفاسد يستهوي المخرج طارق العريان، فبعد أن قدمه في فيلم "تيتو" ظهر مجددا في أحداث "ولاد رزق"

إذا كان من حق المؤلف صلاح الجهيني أن يختار القضية التي يناقشها عمله كما حدث في الفيلم، فعابه اللجوء إلى النمطية والسطحية في معالجتها، وهو ما ظهر في تناوله لفكرة “البلطجة” ومواجهة الحياة بمبدأ القوة والعنف، ليس فقط في مشاهد اقتحام “ولاد رزق” للأماكن التي يقومون بسرقتها، لكن حتى في ممارستهم للحب.

نموذج ضابط الشرطة الفاسد يبدو أنه يستهوي المخرج طارق العريان، فبعد أن قدمه قبل سنوات في فيلم “تيتو” وجسده الراحل خالد صالح، ظهر مجددا في أحداث “ولاد رزق” من خلال الضابط رؤوف حمزاوي الذي يستولي على “المخدرات” التي تمت مصادرتها خلال محاولة تهريبها من الأشقاء.

الشارة المضيئة أو ما يمكن أن ندرجه كهدف وحيد لـ”ولاد رزق”، إبراز قيمة الترابط الأخوي، حتى وإن كان هناك اختلاف في وجهات النظر، فرغم الفرقة التي أبعدت الأخ الأكبر عن أشقائه الصغار، إلاّ أنهم اجتمعوا مجددا مع نهاية الأحداث خلال محاولتهم إنقاذ شقيقهم الأصغر، وهو ما حمل إلى جانب القيمة الإنسانية مشاهد درامية أكثر متعة مما ورد في النصف الأول من الفيلم.

بعكس النماذج العديدة التي أساءت لصورة المرأة مثل مشاهد فتيات الليل، تجسد حنان (حبيبة رضا) صورة “بنت البلد الجدعة” التي ترفض الارتباط به قبل أن يعلن توبته، كما تظهر شخصية رباب الفتاة التي تقف إلى جانب الشقيق المتمرد عمرو يوسف أو ربيع وتحافظ على حبها له حتى وهي تتابع نزواته التي يحدث بعضها أمام عينيها.

فيلم “ولاد رزق” يقف في مرتبة لا تزيد من نجومية مخرجه العريان، حتى أن مناطق الأكشن التي بحث عنها العمل جاءت باهتة للغاية، عكس الإطلالات الناجحة السابقة للمخرج في هذا المجال، ورغم أن القصة لم تأت بجديد، لكن الفيلم نجح في تقديم أبطاله بشكل متميز، فهناك من تمرد على وسامته مثل أحمد عز، وعمرو يوسف، وآخرون استطاعوا تحدّي قدراتهم الفنية لتقديم أدوار متجددة ومختلفة مثل أحمد الفيشاوي وأحمد داوود.

بين هذا وذاك يمكن ملاحظة الكيمياء الإيجابية بين الأبطال التي تظهر في تجانس أدوارهم ومشاهدهم، فلا نلحظ أحدهم يسعى إلى النيل من مساحة الآخر رغم تفاوت نجوميتهم وسنوات العمل بينهم بين القديم والجديد والصاعد.

16