الثورة الاقتصادية المصرية حجر زاوية لمستقبل المنطقة

الاثنين 2015/03/16

اتسعت العوامل التي تعزز الاعتقاد بأن مصر مقبلة على ثورة اقتصادية واسعة، وقد تسارعت وتيرة المراهنات في مؤتمر "مصر المستقبل" لتفوق جميع توقعات المراقبين.

ما حققه المؤتمر من مفاجآت واتفاقات وحجم الاستثمارات المتوقعة، لا تفسره الإصلاحات الاقتصادية التي أجرتها القاهرة مؤخرا ولا حجم الموارد والامكانات التي تتمتع بها البلاد، بل يجد تفسيرا إضافيا من تحالف القوى السياسية، التي أصبحت ترى في نجاح الاقتصاد المصري حجر الزاوية لإخراج المنطقة من أكبر مأزق في تاريخها الحديث.

المعجزات الاقتصادية يمكن تحقيقها بسهولة! إذ أن أي دولة نامية يمكنها تحقيق ثورة نمو اقتصادي كبيرة، بمجرد توفير عوامل الثقة للمستثمرين، والتي تتمثل في الاستقرار السياسي والأمني ووضوح التشريعات والقوانين ومكافحة الفساد.

والسبب هو أن رؤوس الأموال العالمية لا يمكنها مقاومة تحقيق أرباح أكبر بعشرات المرات عما يمكن أن تحققه في البلدان المتقدمة، التي تقتل فيها المنافسة ووفرة رؤوس الأموال هوامش الربح المتاحة.

فإنشاء مشروع عقاري في محور قناة السويس على سبيل المثال، في ظل موجة تفاؤل عارمة، يمكن أن يؤدي تتضاعف قيمته أكثر من مرة خلال فترة إنجاز المشروع.

ما تحتاجه الدولة المصرية هو تمتين وتسهيل التشريعات والقوانين والضوابط الاستثمارية، وإزالة العقبات البيروقراطية، إضافة تعزيز الأمن وسيادة القانون ودرجة الثقة في استقرار النظام السياسي، كي لا تنطفئ موجة تفاؤل الشركات والمستثمرين وسباقهم للبحث عن الفرص الاستثمارية في مصر.

حجم الرهان الخليجي على نهضة الاقتصاد المصري لم يسبق له مثيل، حيث أصبحت رهانا استراتيجيا لإحداث انعطافة تسهم في وقف انحدار المنطقة إلى الفوضى بسبب سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة في العراق وسوريا وتهديدها بالتوسع في بلدان أخرى مثل ليبيا وغيرها من بلدان المنطقة.

ويفسر ذلك التعهدات الكبيرة التي قدمتها الإمارات والسعودية والكويت التي أعلنت عن تعهدات لا تقف عن تقديم 12 مليار دولار كمساعدات جديدة تضاف إلى نحو 30 مليار دولار سبق أن قدمتها منذ يوليو 2013.

تلك المساعدات لا تمثل سوى الجانب الرسمي الحكومي، وهي تعطي الضوء الأخضر لشركات تلك الدول وخاصة الإماراتية لوضع استثمارات تفوق تلك الأرقام بكثير من خلال مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع بناء مليون وحدة سكنية وعشرات المشاريع الأخرى.

من أكبر صمامات أمان الثورة الاقتصادية المقبلة، هو انخراط الامارات في عملية تنفيذ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، باستخدام نموذجها الاداري الناجح للمشاريع الاقتصادية، من أجل عدم ترك فرص النجاح عرضة للأخطاء والاحتمالات.

فالإمارات تنفذ فعلا وبشكل مباشر، عددا كبيرا من المشاريع في إطار مساعداتها لمصر منذ أكثر من عام ونصف، وهي تمتد من مئات المدارس ومشاريع الطاقة والمياه والكهرباء والصرف الصحي وبرامج التدريب والتأهيل وبناء صوامع الحبوب وسلسلة طويلة من المشاريع الأخرى.

بل إن إحدى الدلالات الكبيرة، إعلان سلطنة عمان عن تقديم 500 مليار دولار، نصفها في شكل منحة ونصفها الآخر في شكل استثمارت، رغم أنها تعاني من أزمة مالية كبيرة. وكذلك هو الحال مع مشاركة البحرين، حيث يفسر ذلك حجم الرهان على ضرورة نجاح النهضة الاقتصادية المصرية كعامل أساسي لإحداث نقلة نوعية في مستقبل المنطقة.

الحديث يدور حول اتفاقات استثمارية ومذكرات تفاهم تصل الى 180 مليار دولار، لكن انطلاق تلك المشاريع بسلاسة ووفق جدول زمني محدد، قد يؤدي لاستقطاب استثمارات أخرى، لا تقف عند حدود ترليون دولار.

مقومات حدوث معجزة اقتصادية في مصر تبدو واضحة ومتينة ومن الصعب أن تتلكأ، إلا إذا أساءت الحكومة المصرية تأثيث التفاصيل الإدارية والتشريعية لتعزيز انطلاقتها بسلاسة كبيرة.

نهوض الاقتصاد المصري يمكن أن تبث روحا جديدة في أوصال المنطقة، لا تقف عند انطلاقة اقتصادية جديدة، بل تمتد تأثيراتها إلى تحريك الملفات الاقتصادية العالقة في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن وبلدان أخرى، بفعل عدوى الروح الجديدة التي ستبثها في المنطقة.

11