سطوع نجم الشباب في الأدب العربي وانحسار الأسماء الكبيرة

الاثنين 2014/12/15
هجوم على اختيار عصفور وزيرا للثقافة بسبب قراراته الإدارية

القاهرة- كثيرة هي الفاعليات والظواهر الثقافية التي تم إطلاقها وحدوثها في عام 2014 في القاهرة، وظل سؤال الثقافة وأحوالها على رأس الأسئلة التي يناقشها المثقفون في كل تجمّع لهم، في ظل اشتعال الساحة السياسية وظهور العديد من التطورات السياسية، التي أدت إلى سقوط نظام جماعة الإخوان والذي كان للمثقفين دور كبير في إسقاطه، وبروز نظام جديد لا زالت التحديات تواجهه في كيفية تعامله مع الثقافة والفنون، ومدى مساهمته في تطورهم من عدمه، خاصة بعد أن واجه المثقفون والفنانون حملات شرسة ضدهم من جماعات الإسلام السياسي في العام السابق 2013. "العرب" استطلعت آراء عدد من الكتاب والنقاد حول واقع حال الثقافة في مصر خلال العام الجاري، ما انجزته وما قصرت عن إنجازه وحول اتجاهات الثقافة وما أجرته من مراجعات هذا العام، وتطلعات المثقفين المصريين.

جاء اختيار وزير الثقافة المصري على رأس أبرز الأحداث والتحديات في عام 2014، حيث ثار اللغط على الساحة الثقافية المصرية بعد اختيار جابر عصفور لوزارة الثقافة في حكومة رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب الثانية، واعتبر العديد من المثقفين أن عودة عصفور إلى الثقافة تجعل أحوالها تبقى كما هي، مثلما كانت في العهود السابقة، ودونما حدوث أي تطور، وستساهم في إصابة المؤسسات الثقافية بمزيد من الترهّل والفساد.


قضايا شاغلة


احتدم الجدل في أوساط المثقفين حول جدوى وجود وزارة الثقافة، معتبرين أنها لا تقدم ما ينبغي عليها أن تقدمه

كانت هناك العديد من القضايا التي شغلت بال المثقفين في العام المنصرم والمتعلقة بحال الثقافة، وما ستؤول إليه أحوالها، وكانت قضية “الكتب الأكثر مبيعًا” على رأس الانشغالات، حيث رأى العديد من المثقفين أن حال الثقافة يسير إلى الأسوأ في ظل تصدر أعمال أدبية غير ناضجة بالقدر الكافي لقوائم الأكثر مبيعًا، وخفوت نجم أعمال أخرى تستحق القراءة بشكل أكبر، وأدباء يستحقون الترويج لأعمالهم بأكثر مما هو عليه الحال.

في عام 2014، سطع نجم “الأدباء الشباب”، وتصدر الكثير منهم المشهد الثقافي في مصر، محتلين أماكن غيرهم من الأدباء من أجيال الستينات وما قبلها، وسط انشغال كبير من المثقفين حول أسباب الظاهرة التي لها بعض الإيجابيات، وكثير من السلبيات، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات القراءة والإقبال على الأعمال الشبابية بشكل خاص، كوجه إيجابي لأدب الشباب الأكثر مبيعًا، حام القلق في الأوساط الثقافية حول افتقاد كثير من الأعمال المقروءة إلى العمق والمعايير الفنية اللازمة. وساهم في ازدياد الجدل والقلق في آن واحد، وصول إحدى روايات الأكثر مبيعًا إلى القائمة الطويلة للروايات المرشحة لنيل جائزة البوكر لعام 2014، هي رواية “الفيل الأزرق” للروائي الشاب أحمد مراد، والذي رأى كثير من النقاد أن الرواية تفتقد إلى الكثير من المقومات الفنية الضرورية في البناء الروائي.


وزارة الثقافة


الهجوم على اختيار عصفور عززه بعد ذلك عدد من القرارات الإدارية التي اعتبرها كثير من المثقفين “غير صائبة”، وقاموا بشنّ حملة هجوم واسعة على الوزير إثر تصريحاته بتقليص النشر في قصور الثقافة ليقتصر على النشر لكتّاب الأقاليم، وأن تصبح هيئة الكتاب هي المسؤولة عن نشر الكتب، فضلا عن اختصاص المشروع القومي للترجمة وحده بالكتب المترجمة، واعتبر بعضهم أن هذه القرارات هي العدوّ الأول للثقافة والتنوير.

في السياق ذاته، احتد الجدل في أوساط المثقفين حول جدوى وجود وزارة الثقافة من عدمه، معتبرين أنها لا تقدم للثقافة ما ينبغي عليها أن تقدمه، وأن الثقافة قوة ناعمة في الأصل، ومن غير المجدي أن تظل في يد الدولة، كما أن الوزارة تنفق أموالًا طائلة دون أي فائدة تعود على الثقافة، فضلًا على أنها تسبب التناحر بين المثقفين لأنها تُفضل بسلطتها بعض المثقفين على البعض الآخر.

ساهم المثقفون المصريون في إسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين وبروز نظام جديد

أثارت الدورة 36 من مهرجان القاهرة السينمائي في عام 2014 الكثير من الحديث في الأوساط الفنية والثقافية، فقد نجح المهرجان لهذا العام في عرض العديد من الأفلام الجيدة على مستوى العالم، وشهد إقبالًا جماهيريًا واسعًا، رغم وجود العديد من المعوقات على رأسها الحالة السياسية والأمنية في مصر، والتخبّطات الإدارية المعهودة في المهرجانات السابقة، وإن كانت هناك الكثير من الشكاوى من سوء التنظيم داخل المهرجان.

وفي سابقة جديدة، عقدت إدارة المهرجان حفلات توقيع ومناقشة لكتب صادرة به طوال أيام انعقاده، وكان هناك العديد من الكتب البارزة مثل كتاب “خالد السرجاني” للكاتب الصحفي إبراهيم منصور، “بركات: زعيم المحافظين في السينما المصرية”، للناقد السينمائي مجدي الطيب، “فطين عبد الوهاب: رائد الفيلم الكوميدي في مصر” للصحفي أشرف غريب، “حسين صدقي الملتزم” للصحفية ناهد صلاح، “السينما الكردية” للناقد إبراهيم حاج عبدي، “حوارات سينمائية” للناقد نبيل فرج.


معرض الكتاب


انعقدت الدورة 45 من معرض القاهرة الدولي للكتاب في 2014، وكانت دولة الكويت هي ضيف الشرف للمعرض في هذا العام، كما كان عميد الأدب العربي طه حسين هو شخصية العام في معرض 2014، حيث صدر عشرون كتابا له تطبعها الهيئة، مواكبة للاحتفال به، كما شاركت فيه 17 دولة عربية، و518 ناشرًا مصريًا، فضلًا عن دور النشر العربية والأجنبية الأخرى.

لم تكن جائزة البوكر للعام 2014 بمنأى عن الجدل المثار على الساحة الثقافية، وخاصة في مصر

وشهدت قاعات المعرض العديد من الفاعليات الثقافية الهامة، والعديد من الإصدارات الجديدة لمختلف دور النشر، وكان لدور النشر الشبابية انتشار واسع داخل قاعات المعرض، كما كانت الأعمال الأدبية الشبابية حاضرة بقوة في المعرض، وأثبتت المبيعات أن هناك إقبالا كبيرا على شراء الأعمال الأدبية التي يسطرها الشباب، والتي تصل إلى قوائم الأكثر مبيعًا في دور النشر.


جائزة البوكر


لم تكن جائزة البوكر للعام 2014 بمنأى عن الجدل المثار على الساحة الثقافية، وخاصة في مصر، حيث وصلت ثلاث روايات إلى القائمة الطويلة للروايات المرشحة لنيل جائزة البوكر، وهي “الإسكندرية في غيمة” لإبراهيم عبدالمجيد، و”منافي الرب” لأشرف الخمايسي، و”الفيل الأزرق” لأحمد مراد. واعتبر الكثير من المثقفين أن ترشيح ثلاث روايات مصرية لنيل جائزة البوكر هو أمرٌ مشرّف في حد ذاته.

كما أنه ساهم في زيادة الإقبال على متابعة هذه الأعمال وغيرها من أعمال الأدباء الوارد ذكرهم، في حين رأى البعض أن الروايات المرشحة لا تعبّر عن المشهد الثقافي المصري، وأن هناك العديد من الأسماء الهامة التي تم تجاهلها.


إحياء المسرح


شهد المسرح تراجعا في السنوات الأخيرة، دفعت الغيورين على تاريخه إلى محاولة التواجد وإعادة مكانته

شهد المسرح تراجعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، دفعت عددا من الغيورين على مكانته وتاريخه إلى محاولة التواجد وإعادة المكانة السابقة، ولو بمحاولات بسيطة، حيث قامت قناة ” إم بى سي مصر” بمبادرة لإحياء مسرح التليفزيون، من خلال فرقة “إم بى سي مصر المسرحية” التي بدأت أول عروضها المسرحية على مسرح نجيب الريحانى بوسط القاهرة. كما قام الفنان أشرف عبدالباقي بتأسيس فرقة “تياترو” بهدف إعادة الأسرة المصرية مرة أخرى إلى المسرح.


تضييقات


مخاوف عدة حول حرية الرأي والتعبير، وحرية الفن والثقافة، انتابت المثقفين في 2014، بعد القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب بمنع فيلم “حلاوة روح” الذي تقوم ببطولته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، من دور العرض المصرية، أعقبه مؤخرًا محاولات منع برنامج “الراقصة” من العرض على القنوات المصرية، وهو برنامج مسابقات في مجال الرقص، حيث رفض الكثير من المثقفين مبدأ المنع في حد ذاته، معتبرين أنه يقود إلى المزيد من التضييقات في حلقة لن تنتهي.

اقرأ أيضا

14