انقلاب شامل في آفاق صناعة النفط العراقية

الاثنين 2014/12/15

بعد أكثر من عقد من السياسة النفطية المرتبكة المليئة بالصراعات، والوعود الفارغة التي كانت محل تندر العراقيين، تتجه صناعة النفط العراقية إلى انقلاب شامل يضعها على طريق قفزة هائلة في الإنتاج، رغم الظروف الاستثنائية التي لا يمكن مقارنتها بالظروف التي كانت متاحة للحكومات السابقة.

وتبدو الحكومة العراقية اليوم مندفعة لضمان تدفق أكبر كمية من الصادرات النفطية لتخفيف أزمتها المالية الخانقة، بسبب انحدار أسعار النفط وارتفاع فاتورة الحرب ضد تنظيم داعش. وهي تتجه بعد الاتفاق مع حكومة إقليم كردستان إلى قفزة غير مسبوقة في إنتاج النفط.

فقد تمكنت من إغلاق جميع أبواب الخلافات مع حكومة أربيل، بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق الملغومة، وسيمكنها ذلك من زيادة صادراتها بنحو 550 ألف برميل يوميا، بعد أن تضمن الاتفاق تصدير الإقليم 250 ألف برميل لحساب بغداد، إضافة إلى 300 ألف برميل من حقول كركوك، عبر أنبوب الإقليم.

صادرات العراق النفطية تبدو مرشحة لبلوغ أعلى مستوياتها على الإطلاق اعتبارا من بداية العام الحالي مع بدء زيادة الإنتاج في الكثير من حقول وسط وجنوب العراق، لتصل بسهولة إلى 3.3 مليون برميل يوميا.

بل إن الواقع الجديد الذي يوفره الاتفاق يمكن أن يزيل العقبات التي كانت مبثوثة في طريق علاقة الشركات الأجنبية بالحكومة العراقية في عهد المالكي، وسيمكنها ذلك من زيادة إنتاجها من حقول وسط وجنوب العراق وكذلك من حقول إقليم كردستان.

لم يعد أمام الشركات أي عقبة للإنتاج بأقصى طاقة ممكنة، خاصة أن طاقة موانئ جنوب العراق من خلال ميناءي البصرة والعمية وأربع منصات عائمة يمكنها أن تستقبل ما يصل إلى 6 مليون برميل يوميا، أي أكثر بكثير مما يستطيع إنتاجه.

الكثير من الشركات مثل أكسون موبيل الأميركية ولوك أويل الروسية وبريتش بتروليم البريطانية، كانت في أزمة مع حكومة المالكي بسبب ازدواج عملها في وسط وجنوب العراق وفي إقليم كردستان. وكانت تتلقى تحرشات وتهديدات المالكي بالاختيار بين أحد الطرفين.

وقد أزال الاتفاق بين أربيل وبغداد ذلك التناقض وأصبح بإمكانها الإنتاج دون عوائق في إقليم كردستان وفي وسط وجنوب العراق.

ومن المتوقع أن يؤدي تحسن عوائد النفط العراقية والانسجام والتنسيق بين أربيل وبغداد إلى ارتفاع زخم المعركة ضد تنظيم داعش، خاصة في ظل انقلاب واضح في طريقة التعامل مع سكان المحافظات التي تغلغلت فيها داعش.

وإذا ما تمكنت الحكومة من إعادة سيطرتها على عموم أراضي البلاد، فإن ذلك سيسمح بإعادة تشغيل أنبوب كركوك الممتد إلى تركيا عبر محافظة الموصل والذي تبلغ طاقته 600 ألف برميل يوميا.

كما سيفتح آفاقا أخرى لمشاريع نفطية كبيرة، خاصة مشروع حقل غاز عكاز العملاق في محافظة الأنبار التي تملك أيضا احتياطات كبيرة من النفط، لم يتم استكشافها حتى الآن، إضافة إلى عدد كبير من الحقول في محافظتي نينوى وصلاح الدين.

وتقف الاحتياطات العراقية المؤكدة منذ عقود عند نحو 120 مليار برميل بسبب عدم إجراء مسح شامل بالتقنيات الحديثة، وهناك مساحات شاسعة لم يتم التنقيب فيها إطلاقا، رغم أن النفط يتدفق بشكل طبيعي منها.

وتتباين التخمينات بشأن احتياطات العراق، حيث يذهب بعضها إلى العراق أن يملك أكثر من 200 مليار برميل أخرى من النفط، إضافة إلى احتياطات إقليم كردستان المقدرة بنحو 45 مليار برميل.

مصدر القلق الوحيد هو أن الاتفاق يحقق جميع أحلام الإقليم بامتلاك مقومات الاستقلال على الأرض على صعيد الأداء والتحكم الفعلي ويكرس هيمنته على موارد حقول كركوك، تحت غطاء الحكومة المركزية وشرعيتها.

ويقول محللون إن الاتفاق يجعل حكومة أربيل جاهزة لإعلان الاستقلال في اللحظة التي تختارها أو مع تفجر أي خلاف مع الحكومة المركزية.

ومن المرجح أن تتلقى حكومة أربيل عوائد صادرات نفط الإقليم وصادرات حقول كركوك الكبيرة، باعتبارها منشأ تلك الصادرات، وستقترب بذلك من الحصول مباشرة على حصتها في الموازنة دون مرور الأموال عبر بغداد.

11