الإفراج عن أبرز المعارضين لقانون التظاهر في مصر

القاهرة- مثل إطلاق سراح علاء عبدالفتاح ورفيقيه بارقة أمل لدى النشطاء الحقوقيين والسياسيين في مصر لتعديل قانون التظاهر المثير للجدل، والذي يراه البعض تكبيلا للحريات وقمعا للأصوات المعارضة.
قررت محكمة جنايات القاهرة، أمس الاثنين، إخلاء سبيل عدد من النشطاء السياسيين، أبرزهم علاء عبدالفتاح، ووائل محمود محمد متولي، ومحمد عبدالرحمن بكفالة مالية قدرها 5000 جنيه مصري (700 دولار).
كما قررت المحكمة أيضا التنحي عن النظر في إعادة محاكمة الناشط عبدالفتاح و24 متهما آخرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”أحداث مجلس الشورى” لاستشعارها الحرج.
وأحالت المحكمة التي عقدت بمعهد أمناء الشرطة في منطقة حلوان بالقاهرة، برئاسة المستشار محمد علي الفقي، الفيديو الخاص بعلاء عبدالفتاح والذي تمّ عرضه في الجلسة الماضية إلى النائب العام للتحقيق وسط حفاوة وتصفيق من جانب المؤيدين للنشطاء الموجودين بقاعة المحكمة.
وكانت النيابة العامة قد عرضت، في الجلسة السابقة للمحاكمة، مقطع فيديو لزوجة عبدالفتاح وهي ترقص داخل منزل الزوجية، فاعترض الدفاع، مؤكدا أن ذلك انتهاك للحرية والحياة الشخصية، دون أية علاقة للمقطع بالقضية، كما اعترض الدفاع على التحفظ على جهاز الكمبيوتر الخاص بالمتهم، والذي عثر به على المقطع، رغم أن أمر النيابة كان بضبط وإحضار المتهم فقط دون تفتيش أو التحفظ على مقتنيات.
وقال محمود بلال عضو هيئة الدفاع عن المتهمين لـ”العرب”: “إن القضية تضمّ 25 متهما، 22 منهم أخلي سبيلهم من قبل، وبهذا القرار يصبح جميع المتهمين على ذمة القضية مخلى سبيلهم، وبتنحي المحكمة، تعاد القضية إلى دائرة جديدة للنظر في القضية من البداية وكأن الحكم السابق لم يصدر".
الرئيس السيسي أوكل تعديل القانون إلى وزير العدالة الانتقالية
يذكر أن المحكمة ذاتها قد قضت غيابيا قبل نحو ثلاثة أشهر على الناشط علاء عبدالفتاح بالسجن 15 عاما وبغرامة قدرها مئة ألف جنيه (حوالي 14 ألف دولار)، ووضعه تحت المراقبة لمدة 5 سنوات، بعد أن أسندت النيابة العامة له تهم الاعتداء على المقدم عماد طاحون، مفتش مباحث غرب القاهرة، وسرقة جهازه اللاسلكي والتعدّي عليه بالضرب، وتنظيم مظاهرة دون ترخيص أمام مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان والذي ألغاه الدستور الجديد)، وإثارة الشغب والتعدّي على أفراد الشرطة وقطع الطريق والتجمهر وإتلاف الممتلكات العامة.
وعندما قام “علاء” بتسليم نفسه، جرت أعادة محاكمته، مع الإبقاء عليه قيد الحجز، وبحكم إخلاء السبيل الذي صدر أمس، سوف تتمّ إعادة المحاكمة والمتهم (علاء) خارج السجن.
وأرجع عضو هيئة الدفاع سبب تنحي المحكمة إلى “التزامها بالأعراف القضائية، حيث أصبحت خصما للمتهم علاء عبدالفتاح، الذي وجه إليها خطابا في الجلسة السابقة مطالبا إياها باحترام الأعراف القضائية والتنحي لوجود خصومة، إلى جانب اختصامه للمحكمة والنيابة لانتهاك حياته الخاصة بعرض فيديو يتعلق بحياة أسرية ليس لها علاقة بالقضية المنظورة".
|
واللافت أن إخلاء سبيل النشطاء الثلاثة أمس، يأتي في ظل تنامي الأصوات المعارضة لقانون تنظيم التظاهر، الذي حوكم النشطاء بموجبه، واتهامهم باختراقه.
وقد تصاعدت حدّة المطالبات السياسية بتعديله خلال الأيام الماضية، ودخل 13 صحفيا أخيرا في إضراب مفتوح عن الطعام، بمقر نقابة الصحفيين، بينهم خالد البلشي عضو مجلس النقابة، لإسقاط القانون الذي يصفونه بالمقيد للحريات، والمطالبة بالإفراج عن السجناء، وهو ما حدث أمس.
وقد علمت “العرب” من مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية في مصر ومجلس الوزارء، أن الحكومة تدرس مقترحات بتعديل قانون تنظيم التظاهر، استجابة لمطالب قوى سياسية مختلفة، في محاولة لتهدئة النشطاء، الذين اعتبروا هذا القانون يستهدفهم بالأساس.
وكان جورج إسحاق، مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أكد، في وقت سابق، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أبدى استجابة لتعديل قانون التظاهر خلال لقائه مع رئيس المجلس محمد فائق.
وذكر إسحاق في تصريحات صحفية أن “الرئيس أوكل تعديل القانون إلى وزير العدالة الانتقالية، المستشار إبراهيم الهنيدي، لوضعه أمام اللجنة التشريعية المعنية بمراجعة مجموعة من القوانين خلال الفترة القادمة وعلى رأسها قانون التظاهر”.
ولفت المسؤول بالمجلس القومي لحقوق الإنسان أن المجلس لم يدعُ إلى إلغاء قانون التظاهر، قائلا: “دعونا إلى تعديل بعض مواد القانون ونسعى إلى فك حالة الاحتقان في المجتمع المصري وبناء الدولة المصرية وإني متفائل بتعديل القانون، وأرجو إسراع وزير العدالة الانتقالية بتحقيق ذلك".
للإشارة فإن تزايد المطالب بإلغاء قانون التظاهر أو تعديله جاءت على خلفية وفاة المحامي والحقوقي البارز أحمد سيف الإسلام حمد، في 29 أغسطس الماضي، حين كان نجلاه علاء وسناء في السجن، وقد أفرجت وزارة الداخلية عنهما بشكل مؤقت لتشييع جثمان والديهما وتلقي العزاء. وقانون التظاهر تمت المصادقة عليه في عهد الرئيس عدلي منصور، للتصدي لفوى الإخوان آنذاك،.