وعود بالانتقام خلال تشييع إيران القادة العسكريين والعلماء النوويين

الضربات الإسرائيلية أفضت إلى تصفية رئيس هيئة الأركان المشتركة وقائد الحرس الثوري وقائد القوة الجوفضائية.
الأحد 2025/06/29
الحرس الثوري يفقد أبرز قادته

طهران - شارك الآلاف من الإيرانيين السبت في مراسم تشييع رسمية لستين من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين قتلوا في الحرب التي خاضتها إيران مع إسرائيل. وتجمّع الآلاف منذ فجر السبت في وسط طهران حول نعوش لفت بالأعلام الإيرانية حاملة صور القادة القتلى. وهتفوا “الموت لأميركا”، “الموت لإسرائيل”.

وانطلق الموكب من ساحة انقلاب (“الثورة” بالفارسية) وسط طهران متوجها إلى ساحة آزادي (“الحرية”) التي تبعد 11 كلم ويتوسطها برج ضخم يعد من أبرز معالم العاصمة. وشكر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الإيرانيين على مشاركتهم في هذه المراسم.

وقال في منشور على منصة إكس بعد حضوره مراسم التشييع “أشكركم، أيها المواطنون الأعزاء، من أعماق قلبي، لقد رافقتم شهداء الوطن بالحب، ووصل صوت وحدتنا إلى آذان العالم”. وأضاف “خدمة أمّة حرّة كهذه شرف لي. إلى الأبد، إيران”.

ولم يتم تأكيد حضور المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي المراسم. وعادة ما يؤمّ خامنئي صلاة الجنازة على الشخصيات الكبيرة في إيران. وظهر علي شمخاني أحد مستشاري خامنئي، بينما كان يتكئ على عصا بعدما أصيب في ضربة إسرائيلية. وأظهرت مشاهد نقلها التلفزيون مشاركة قائد فيلق القدس الموكل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني.

وفي الشوارع، تجمّع آلاف الأشخاص حاملين أعلاما إيرانية ولافتات كتب على بعضها “بوم بوم تل أبيب”، في إشارة إلى الصواريخ التي أطلقتها طهران على إسرائيل ردا على ضرباتها. وبدأت إسرائيل الحرب بهجوم مباغت فجر 13 يونيو استهدف مواقع عسكرية ونووية في إيران، وتخللته عمليات اغتيال باستهداف شقق في مبانٍ سكنية، معلنة عزمها على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، وهو ما تنفي طهران السعي إليه.

وكتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السبت على إنستغرام “قدم الإيرانيون دماءهم وليس أرضهم؛ لقد قدموا أحباءهم وليس شرفهم؛ لقد صمدوا أمام وابل من القنابل وزنه ألف طن، لكنهم لم يستسلموا،” مضيفا أن إيران لا تعرف كلمة “استسلام”.

◙ آلاف الأشخاص تجمّعوا حاملين أعلاما إيرانية ولافتات كتب على بعضها "بوم بوم تل أبيب"، في إشارة إلى الصواريخ التي أطلقتها طهران على إسرائيل

وكان محسن محمودي، وهو مسؤول ديني في محافظة طهران، أعلن الجمعة للتلفزيون الرسمي “غدا سيكون يوما تاريخيا لإيران الإسلامية ولتاريخ الثورة”. وأُغلق العديد من الإدارات والمتاجر السبت. وأسفرت الضربات الإسرائيلية الأولى عن مقتل قادة عسكريين أبرزهم رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة محمد باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي وأمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية في الحرس المسؤولة عن المسيّرات والقدرات الصاروخية.

وقتلت مع باقري زوجته وابنته فرشته الصحافية في وسيلة إعلام إيرانية. وضمت قائمة التشييع السبت ما لا يقل عن 30 من الضباط الكبار. ومن بين العلماء النوويين، تم تشييع محمد مهندي طهرانجي وزوجته. ويسري منذ الثلاثاء وقف لإطلاق النار أعلنه ترامب، بعد 12 يوما من بدء إسرائيل حملة جوية استهدفت على وجه الخصوص مواقع عسكرية ومنشآت نووية في إيران. وليل 21 إلى 22 يونيو، شنّت الولايات المتحدة كذلك ضربات على ثلاثة مواقع نووية رئيسية.

وردت الجمهورية الإسلامية على الضربات الإسرائيلية بإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو الدولة العبرية، بينما أطلقت صواريخ نحو قاعدة أميركية في قطر ردا على ضربات واشنطن. وتوعد ترامب الجمعة بأن تعاود الولايات المتحدة توجيه ضربات إلى إيران في حال قامت الأخيرة بتخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري، متهما خامنئي بالجحود.

وقال ترامب على منصته “تروث سوشيال”، “كنت أعرف بالضبط أين كان يختبئ، ولم أسمح لإسرائيل، أو القوات المسلحة الأميركية التي تعد الأعظم والأقوى في العالم، بإنهاء حياته”. وكان التلفزيون الإيراني بث الخميس كلمة لخامنئي أشاد فيها بـ”انتصار” الشعب الإيراني على “الكيان الصهيوني الزائف” وقلل من شأن الضربات الأميركية على منشآت نووية رئيسية. وندد وزير الخارجية الإيراني السبت بتصريحات ترامب “غير المقبولة” بحق خامنئي.

وكتب على إكس “إذا كانت لدى الرئيس ترامب رغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق، فعليه أن يضع جانبا نبرته المهينة وغير المقبولة تجاه المرشد الأعلى (…) وأن يكف عن إيذاء الملايين من مؤيديه المخلصين”. وخلال ولايته الرئاسية الأولى، انسحب ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي التاريخي الذي أبرمه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما مع إيران.

وهدف الاتفاق إلى جعل صنع إيران لقنبلة نووية أمرا مستحيلا عمليا، لكنه في الوقت نفسه سمح لها بمواصلة برنامج نووي مدني. لكن إيران التي تشدد على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط، كثفت أنشطة التخصيب بعد انسحاب ترامب من الاتفاق. وقال ترامب بعد الضربات الأميركية على منشآت إيران النووية إن المفاوضات بشأن اتفاق جديد من المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل. لكن طهران نفت استئناف المحادثات، وتعهد خامنئي في ظهوره الأول بعد وقف إطلاق النار بعدم الرضوخ لضغوط واشنطن التي تلقت “صفعة قاسية”.

3