الجزائر تكثف جهودها لتطويق ظاهرة إدمان الشباب للمخدرات

المركز الوطني لإنقاذ الشباب من آفة المخدرات يوفر فرصة ثانية للمدمين الراغبين في الاندماج مرة أخرى في المجتمع.
السبت 2025/06/28
مركز لعلاج إدمان المخدرات في الجزائر

الجزائر ـ تعمل الحكومة الجزائرية على تكثيف الجهود لتطويق ظاهرة إدمان المخدرات خصوصا في صفوف الشباب.

ويعمل الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها على إبرام مذكرات تفاهم مع عدة هيئات وطنية، الغاية منها تعزيز آليات التعاون لمكافحة هذه الآفة.

وتشير دراسة أجراها الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان إلى أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين جزائري، 3 في المئة من بينهم نساء، يستهلكون ويتعاطون المخدرات، بما في ذلك الأدوية ذات التأثير العقلي، إذ يبلغ عدد المدمنين على المواد المهلوسة في مراكز العلاج أكثر من 700 ألف شخص، في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى مليون شخص، والفئة الأكثر استخداما لهذه السموم تتراوح أعمارها بين 20 و30 سنة.

حرص المشرع الجزائري منذ سنوات على تشديد العقوبات على المساهمين في استهلاك  المخدرات، فقد نص في المادة 13 من القانون المتعلق بمكافحة المخدرات على سبيل المثال على عقوبة تصل حتى 10 سنوات حبسا نافذا ضد مروجي هذه السموم، وهي جزء واحد في سلسلة من العقوبات المسلطة على مستهلكي المخدرات ومروجيها.

ونص مشروع القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية ومكافحة استعمالها والاتجار غير المشروع بها، على جملة من الأهداف الرئيسية، أبرزها: حماية الأمن القومي من المخاطر المرتبطة بهذه الآفة، معالجة الاختلالات المجتمعية الناجمة عنها بصفة عميقة ورادعة، وتعزيز الوعي المجتمعي عبر آليات فعالة للوقاية والتحسيس، فضلا عن حماية الصحة العمومية، وتحصين المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية، وتحسين التنسيق بين مختلف القطاعات، بالإضافة إلى تطوير آليات التعاون الدولي.

من العوامل المساعدة في انتشار المخدرات الوصمة المجتمعية، إذ غالبا ما ينظر إلى المتعاطي على أنه فاشل أخلاقيا أو ضعيف

كما تم إدراج آليات جديدة تهدف إلى تحصين الإدارات والهيئات والمؤسسات العمومية، وكذلك المؤسسات ذات الطابع العام أو المفتوحة للجمهور، فضلا عن المؤسسات الخاصة، وذلك من خلال اشتراط تقديم تحاليل طبية تثبت عدم تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية ضمن ملفات الترشح لمسابقات التوظيف في هذه الجهات.

كما ينص القانون الجديد على إمكانية إدراج تحاليل الكشف عن المؤشرات المبكرة لتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية ضمن الفحوصات الصحية الدورية التي يخضع لها التلاميذ في المؤسسات التربوية والتعليمية والتكوينية، وذلك بعد الحصول على موافقة أوليائهم الشرعيين أو عند الاقتضاء، بموافقة قاضي الأحداث المختص. وفي حال أظهرت النتائج وجود حالات تعاط، يُلزم المعني بالخضوع لتدابير علاجية، دون أن تُتخذ ضده أي إجراءات قضائية، كما لا يمكن استخدام نتائج التحاليل إلا في الإطار المنصوص عليه في هذا القانون.

وعلى هامش فعاليات إحياء اليوم الدولي لمكافحة المخدرات، وقع الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها على ثلاث مذكرات تفاهم مع كل من وزارة الشباب والمجلس الأعلى للشباب وكذلك المرصد الوطني للمجتمع المدني والهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.

وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز آليات التعاون والتنسيق بين الديوان والمؤسسات التي تتقاطع برامجها مع أهدافه.

ففيما يتصل بمحور الوقاية من تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية شددت التوصيات على أهمية “تعزيز الوقاية والتوعية داخل الأسرة وفي الأوساط التربوية والدينية” مع “تفعيل دور المجتمع المدني”.

وضمن محور التكفل وعلاج المدمنين وإعادة إدماجهم، أوصى المشاركون بـ”تعزيز مراكز العلاج وإنشاء أربعة مراكز جهوية لعلاج الإدمان، مع العمل على زيادة عدد المختصين العاملين في مجال علاج الإدمان.”

أسباب انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في الجزائر تعود إلى عوامل عديدة، وربّما يكون أهمّها التفاوت الاجتماعي والاقتصادي

وفي سياق مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية دعا المتدخلون إلى “تشديد تجريم الأفعال المرتبطة بهذه السموم مع إقرار عقوبات رادعة، وتعزيز التنسيق بين الجهات القضائية والمصالح الأمنية المختصة، إلى جانب تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، بإبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم إقليمية ودولية”.

تعود أسباب انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في الجزائر إلى عوامل عديدة، وربّما يكون أهمّها التفاوت الاجتماعي والاقتصادي، إذ إن معدلات البطالة العالية والفقر والوصول المحدود إلى الخدمات التعليمية والصحية، كل ذلك يسهم في الشعور باليأس والتهميش بين بعض فئات السكان، مما يجعلهم أكثر عرضةً لسوء استخدام المواد الكيميائية كوسيلة للهروب أو آلية تكيف.

ومن العوامل المساعدة أيضا في انتشار المخدرات الوصمة المجتمعية، إذ غالبا ما يُنظر إلى متعاطي المتخدرات على أنه فاشل أخلاقيا أو ضعيف، وهذه الوصمة تشكل حاجزا أمام من يسعون إلى العلاج، فهم يخشون من سيطرة مجتمعاتهم أو رفضها ونبذها لهم، ويُعد التغلب على التوجهات الاجتماعية وتعزيز الفهم والتعاطف أمرا بالغ الأهمية لكسر هذه الحواجز وتشجيع الأفراد على طلب المساعدة التي يحتاجونها.

وقد تساهم محاولة الحفاظ على الروابط الأسرية في بعض الحالات في تعزيز سلوك الإدمان، إذ قد يتردّد أفراد العائلة في مواجهة المشكلة أو طلب المساعدة من أحد أفراد العائلة الذين نجحوا في محاربة إدمانهم، وذلك نظرًا للخوف من تلويث سمعة العائلة، يعد التعامل مع القيم وتعزيز الحوار المفتوح داخل العائلات والمجتمعات أمرا ضروريا لتعزيز بيئة داعمة للأفراد الذين يكافحون الإدمان.

في هذا الإطار كانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت حملة واسعة في الجامعات والمساجد والفضاءات التربوية والعامة، ضدّ الاتجار واستهلاك المخدرات، والتوعوية حول مخاطرها. تضمّنت الحملة لقاءات توعوية في المدارس والجامعات، وخطبا توعوية من قبل أئمة المساجد.

ويعد المركز الوطني لإنقاذ الشباب من آفة المخدرات بوشاوي 2 (الجزائر العاصمة)، أحد المراكز الرائدة وطنيا ووجهة للشباب الراغب في العلاج من الادمان، من خلال تطبيقه لتقنيات حديثة حققت نسبا هامة في استشفاء المدمنين على المخدرات.

ويوفر هذا المركز الذي يتربع على مساحة 2000 متر مربع بغابة بوشاوي ويعرف إقبالا كبيرا من قبل الشباب الراغب في العلاج من الإدمان على المخدرات (القنب الهندي والحبوب المهلوسة)، فرصة ثانية للمدمين الراغبين في الاندماج مرة أخرى في المجتمع، حسب ما كشف عنه عبدالكريم عبيدات رئيس المنظمة الوطنية لرعاية الشباب.

15