الخصخصة في المغرب تدخل مرحلة اختبار شهية المستثمرين

المغرب يقتفي خطى دول عربية في بيع حصص في أصولها المتنوعة لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.
السبت 2025/06/28
التركيز منصب على إعادة هيكلة عدد من المؤسسات والشركات الحكومية

الرباط - يدخل برنامج الخصخصة المغربي مرحلة اختبار شهية المستثمرين بعدما قررت الحكومة بيع حصة في أحد أبرز شركات الدولة والتي تنشط في قطاع الطاقة والمعادن.

وصادقت الحكومة على مشروع قانون لتحويل المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن إلى شركة مساهمة، وتخطط لفتح رأسمالها تدريجياً للقطاع الخاص، في خطوة هي الأولى ضمن برنامج إصلاح يستهدف إعادة هيكلة عدد من المؤسسات والشركات الحكومية.

ويقتفي المغرب خطى دول عربية مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان ومصر في بيع حصص في أصولها المتنوعة، وتشمل الطاقة والتعدين وغيرها، لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.

والأمر الذي تستهدفه الحكومة ليس فقط السير في هذا الطريق لإثبات جدوى تحسين مناخ الأعمال، بل يتعلق الأمر بتضييق فجوة العجز المالي في الميزانية العامة.

وقالت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، في تصريح صحفي الخميس إن “تحويل المكتب إلى شركة مساهمة سيُمكّن من تحسين حوكمته، والرفع من الأداء والإيرادات، وتنويع مصادر التمويل، وتوليد القيمة، وزيادة قيمة الأصول الوطنية.”

والمكتب هو الجهاز الحكومي المعني بالاستكشاف المعدني والنفطي في البلاد، حيث يستثمر في إطار شراكات مع شركات القطاع الخاص للتنقيب واستكشاف وإنتاج المعادن والنفط والغاز.

ليلى بنعلي: الخطوة ستعزز كفاءة مكتب الهيدروكاربورات والمعادن
ليلى بنعلي: الخطوة ستعزز كفاءة مكتب الهيدروكاربورات والمعادن

وحققت المؤسسة الحكومية في عام 2023 ربحاً صافياً بنحو 118 مليون درهم (20.8 مليون دولار)، بانخفاض 45.5 في المئة على أساس سنوي. وتقدر أصولها بنحو 4.5 مليار درهم (450 مليون دولار)، وفقاً لأرقام وزارة الاقتصاد والمالية.

ويتيح تحويل المكتب فتح رأسماله تدريجياً أمام القطاع الخاص وتعزيز العائد على الاستثمار، وزيادة قيمة أصوله وإعادة توظيفها بكفاءة، بحسب تصريح بنعلي عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة الخميس.

ويشهد عدد من المؤسسات العمومية وبشكل متفاوت، اختلالات يتعلق بعضُها بمردوديتها المالية وتوازن ميزانياتها وتَعَمُّقِ مديونيتها، وبنظام حوكمتها ومراقبتها.

كما أنها تمر بفترة من اهتزاز مصداقية نماذجها الاقتصادية وتداخل مهام بعضها ببعض واعتماد العديد منها على إعانات الدولة، فضلا عن ضعف مناعتها في الوقاية من المخاطر.

وأنشأ المغرب في سنة 2022 الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة لدراسة إمكانية خصخصة 57 مؤسسة وشركة حكومية، إما عن طريق الإدراج في البورصة أو البيع لمستثمرين من القطاع الخاص سواء كانوا محليين أو دوليين.

وتعد خصخصة مكتب الهيدروكاربورات باكورة عمل الوكالة في هذا الصدد، الذي يتوقع أن يحقق للحكومة سيولة كافية لتمويل جهود الإصلاح الاقتصادي.

ووفق وزارة الاقتصاد فإن لائحة المنشآت المقرر خصخصتها تضم شركة مرسى ماروك للخدمات اللوجستية، التي تمتلك فيها الدولة 25 في المئة، وشركة اتصالات المغرب وفندق المامونية الشهير بمدينة مراكش.

ومن الأصول المزمع طرح حصص فيها أو بيعها بالكامل شركة تهدارت للطاقة الكهربائية وشركة الإنتاجات البيولوجية والصيدلية البيطرية والشركة الوطنية لتسويق البذور (سوناكوس).

ويتوقع أن يبلغ عجز ميزانية هذا العام نحو 6.4 مليار دولار، بانخفاض طفيف قدره 0.36 في المئة مقارنة بما هو متوقع للعام الماضي. وتستهدف الحكومة زيادة الإنفاق في الميزانية بنحو 13.01 في المئة ليصل إلى 73 مليار دولار، في حين تقدر إيرادات الدولة بنحو 65.7 مليار دولار بزيادة قدرها 14.49 في المئة على أساس سنوي.

ورغم التخطيط لفتح رأسمال مكتب الهيدروكاربورات للقطاع الخاص، تسعى الحكومة للاحتفاظ بحق أغلبية التصويت في الشركة الجديدة، بحسب ليلى بنعلي.

وأكدت أن الشركة سيصبح بإمكانها إنشاء فروع والمشاركة في رأسمال شركات أخرى، إضافة إلى إمكانية مزاولة أنشطة نقل وتخزين الغاز الطبيعي في مرحلة انتقالية.

 450

مليون دولار قيمة أصول المكتب الذي سيصبح شركة مساهمة، وفقاً لأرقام وزارة الاقتصاد

ويعتزم المكتب استثمار حوالي 90 مليون دولار خلال الفترة بين 2025 و2027، وتشمل بالأساس أنشطة معالجة ونقل الغاز الطبيعي والتنقيب عن المعادن.

ويتوقع أن يبدأ حقل تندرارا شمال شرق البلاد إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنهاية العام الجاري، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد، ويشارك المكتب في الحقل بنسبة تناهز 25 في المئة.

وفي نهاية العام الماضي، عمل المكتب إلى جانب 13 شركة خاصة في التنقيب على النفط والغاز على مساحة إجمالية تناهز 230 ألف كيلومتر مربع براً وبحراً. وبلغ إجمالي الاستثمارات المنجزة في 2024 أكثر من 100 مليون دولار، أغلبها من طرف القطاع الخاص.

ويعمل المكتب حالياً على تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط نيجيريا بالمغرب مروراً بـ11 دولة، والذي قد يكلّف أكثر من 25 مليار دولار، ويتوقع إطلاق أولى المناقصات لبدء تشييد المراحل الأولى من الأنبوب هذا العام.

وينتج المغرب حالياً 100 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقول صغيرة شارفت احتياطاتها على النفاد، في حين لم تسفر بعد عمليات التنقيب والاستشكاف على وجود حقول نفطية جديدة.

أما في ما يخص المعادن، فتنتج البلاد عدداً منها مثل الفضة والذهب والنحاس والكوبالت، إضافة إلى الفوسفات الذي تنتجه شركة الفوسفات (أو.سي.بي) المملوكة من الدولة.

واستقطب المغرب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1.64 مليار دولار في 2024، بزيادة نسبتها 55 في المئة عن العام السابق، بحسب بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).

وتظهر البيانات أن أعلى تدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر إلى المغرب خلال السنوات الخمس الماضية كانت في 2021 حين بلغت 2.27 مليار دولار، لتتراجع خلال العامين التاليين قبل أن تعاود الارتفاع العام الماضي.

10