خامنئي يعود بعد الاختباء 12 يوما: انتصرنا وقصف العديد صفعة لأميركا

طهران – قال المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي الخميس في أول تصريحات ينقلها التلفزيون له منذ التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل إن إيران انتصرت في الحرب، وإن استهداف قاعدة العديد في قطر صفعة كبيرة للولايات المتحدة، في رد ضمني على ما قيل إن قصف القاعدة كان مرتبا بشكل مسبق ليتيح لإيران ردا يحفظ ماء الوجه ودون إثارة رد فعل من الأميركيين والقطريين.
ويستغل الإيرانيون في دعاية النصر ما يجري من تسريبات متناقضة بشأن الضربات الموجهة إلى المواقع النووية وحديث عن أن طهران نجحت في تهريب اليورانيوم المخصب.
ولأول مرة يظهر خامنئي منذ بدء الحرب بعد اختباء لأكثر من 12 يوما في خطوة يقول مراقبون إن الهدف منها كان تفويت الفرصة على إسرائيل حتى لا تتولى اغتياله كما حصل مع أعداد كبيرة من القادة العسكريين والمشتغلين في البرنامج النووي.
الهدف من ظهور خامنئي بعد نهاية الحرب والحديث عن النصر هو استيعاب الوضع حتى لا يتحول اهتمام الإيرانيين إلى الخسائر
وقال خامنئي البالغ من العمر 86 عاما إن أيّ هجوم على إيران سيكون له “ثمن باهظ،” ولفت إلى أن إيران استهدفت أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، وهي قاعدة العديد في قطر، بعد انضمام واشنطن إلى الضربات الإسرائيلية.
وأضاف “الجمهورية الإسلامية وجهت بدورها صفعة قوية على وجه أميركا… فقد استهدفت واحدة من أهم قواعد أميركا في المنطقة.”
ويرى مراقبون أن الهدف من ظهور خامنئي بعد نهاية الحرب والحديث عن النصر هو استيعاب الوضع حتى لا يتحول اهتمام الإيرانيين إلى الخسائر التي لحقت بالبلد خاصة أن إسرائيل نجحت في تحقيق اختراق استخباري نوعي أفضى إلى اتخاذ قرار واحد بتصفية الصف الأول من القادة، وهو أمر لا يمكن البحث له عن مبررات ويحتاج إلى تدخل مباشر من المرشد الأعلى لصرف نظر الرأي العام عنه.
لكن الأمر هذه المرة لا يتعلق بهجوم خاطف وضرب منشأة أو اثنتين أو تصفية ضيف كما حصل مع زعيم حماس إسماعيل هنية. الأمر أعمق بكثير لأن إيران تلقت ضربات قاصمة في مجالات مختلفة لا يمكن أن يغطي عليها إطلاق صواريخ على تل أبيب فشلت القبة الحديدة في التصدي لها.
وبث التلفزيون الرسمي تصريحاته التي كانت مسجلة. وكما كان الحال بالنسبة إلى أحدث تصريحاته، والتي صدرت قبل أكثر من أسبوع خلال القصف الإسرائيلي الذي استمر 12 يوما، تحدث خامنئي من مكان مغلق لم يتم الكشف عنه وخلفه ستارة بنية اللون والعلم الإيراني وصورة سلفه روح الله الخميني.
وفي حديث عن استهداف القاعدة الأميركية بقطر قال خامئني “أن تتمكن الجمهورية الإسلامية من الوصول إلى المراكز الأميركية المهمة في المنطقة، وتقوم باتخاذ إجراء ضدها متى شاءت، فهذه ليست حادثة بسيطة بل واقعة كبرى، ويمكن تكرارها في المستقبل.”
واعتبر المرشد أن الولايات المتحدة “لم تحقق أيّ إنجاز” بعد مهاجمتها مواقع نووية إيرانية، لكنها دخلت الحرب “لإنقاذ” إسرائيل بعد أن اخترقت الصواريخ الإيرانية منظومة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات.
وبدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب منزعجا من تكذيب روايته حول القضاء على النووي الإيراني وحديث وسائل إعلام عن أن الضربات الجوية ضد إيران لم “تدمّر” قدراتها النووية.
وفي منشور له على حسابه بمنصة “تروث سوشيال”، الخميس، هاجم ترامب وسائل الإعلام الأميركية التي قالت إن الولايات المتحدة لم تستهدف “المكونات الأساسية” للبرنامج النووي الإيراني، وطالب تلك الوسائل بالاعتذار.
وذكر ترامب في مطلع الأسبوع أن الولايات المتحدة “محت” البرنامج النووي الإيراني بقنابل تزن 30 ألف رطل. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة إن تصريحاته تتناقض على ما يبدو مع تقييم مبدئي لإحدى وكالات المخابرات التابعة لإدارته.
لأول مرة يظهر خامنئي منذ بدء الحرب بعد اختباء لأكثر من 12 يوما في خطوة يقول مراقبون إن الهدف منها كان تفويت الفرصة على إسرائيل حتى لا تتولى اغتياله
وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث الخميس إنه لم ترده معلومات مخابرات عن أن إيران نقلت أيا من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب لحمايته من الضربات الأميركية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني مطلع الأسبوع.
وشنت قاذفات الجيش الأميركي هجمات على ثلاث منشآت نووية إيرانية خلال مطلع الأسبوع بأكثر من 12 قنبلة خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل. وتجري مراقبة نتائج الهجمات عن كثب لمعرفة إلى أيّ مدى يمكن أن تكون الضربات قد عرقلت البرنامج النووي الإيراني.
وقال هيجسيث في مؤتمر صحفي اتسم كثيرا بالتعليقات اللاذعة “لم يردني في إطار معلومات المخابرات التي اطلعت عليها ما يفيد بأن أشياء لم تكن في المكان المفترض وجودها فيه، سواء تم نقلها أم لا.”
وقال العديد من الخبراء بعد الهجمات إن إيران ربما نقلت مخزونا من اليورانيوم عالي التخصيب القريب من الدرجة اللازمة لصنع أسلحة من منشأة فوردو قبل الهجوم عليها صباح الأحد، وربما تخفيه مع مكونات نووية أخرى في مواقع غير معروفة لإسرائيل والولايات المتحدة ومفتشي الأمم المتحدة.
وأظهرت صور أقمار صناعية من شركة ماكسار تكنولوجيز “نشاطا غير معتاد” في فوردو يومي الخميس والجمعة ووجود عدد كبير من المركبات تنتظر أمام مدخل المنشأة. وقال مصدر إيراني كبير لرويترز يوم الأحد إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المئة، الذي يقارب الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة، نقل إلى موقع لم يُكشف عنه قبل الهجوم الأميركي.
وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز نقلا عن عواصم أوروبية أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لا يزال سليما إلى حد كبير لأن مخزونها لم يتركز في فوردو.
وجاءت تعليقات هيجسيث التي نفى فيها تلك المزاعم في مؤتمر صحفي اتهم خلاله وسائل الإعلام بالتقليل من نجاح الهجمات الأميركية على البرنامج النووي الإيراني، وذلك عقب تقييم مبدئي مسرب من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية يشير إلى أن الهجمات قد تعطل إيران بضعة أشهر فقط.
اقرأ أيضا:
- دور عماني فاعل في إحياء المفاوضات بين واشنطن وطهران
- عقيدة ترامب العسكرية: السلام من خلال القوة
- المرشد على المحك: كيف غيّرت الضربات الإسرائيلية - الأميركية توازنات السلطة في إيران
- الحرب بين إيران وإسرائيل تقوض أجندات تركيا
- الأمن الخليجي: إستراتيجيات الردع وسبل الاستقرار الإقليمي
- اصطياد العقول النووية في إيران، في المعنى والمضمون والتداعيات
- إيران بين هدنة معلقة وجولة أخيرة
- إعادة تدوير الحروب في شرق منكوب