إسطنبول مقصد سياحي إقليمي للرحلات البحرية الخليجية

تشهد إسطنبول تناميا ملحوظًا كوجهة سياحية مفضلة للرحلات البحرية القادمة من دول الخليج، بفضل موقعها الجغرافي المميز وتنوعها الثقافي والخدماتي، ما يجعلها مركز جذب إقليميا للسياحة البحرية الراقية، والتي تراهن عليها الحكومة التركية لتحقيق المزيد من المكاسب.
إسطنبول - تعول تركيا على الرحلات البحرية التي أصبحت موضع تركيز كبير منذ سنوات مع ذروة الموسم في الصيف، وخاصة من ميناء إسطنبول الجديد الذي يواجه منذ سنوات انتقادات بسبب أخطاره البيئية، لتحقيق مكاسب أكبر من نشاط قطاعها السياحي.
ويعلق المسؤولون آمالا على تعزيز الانفتاح الاقتصادي مع دول الخليج من بوابة صناعة السياحة، في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط والعالم توترات تتطلب تكثيف التعاون والشراكات لمواجهة التحديات.
في المقابل يسعى الخليجيون، وخاصة السعودية، إلى تنويع روافدهم السياحية عبر الرحلات البحرية التي باتت أحد المرتكزات الرئيسية للمفاهيم الجديدة لهذه الصناعة على المستويين الإقليمي والدولي.
ويؤكد المدير التنفيذي للتسويق بشركة كروز السعودية تركي قاري أن إسطنبول لا تُعد فقط وجهة مهمة لسياحة الرحلات البحرية بل أصبحت مركزًا إقليميًا متميزًا.
وتعمل كروز السعودية على تطوير الوجهات السياحية بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة بهدف تطوير مسارات الرحلات السياحية، وتوفير تجربة استثنائية للزوار، بما يجعلها تضع أقدامها في طريق المنافسة العالمية.
وأوضح قاري في تصريحات لوكالة الأناضول الخميس أن العديد من الزوار من تركيا وأوروبا وأيضا دول الخليج يخططون لزيارة المدينة وسائر الوجهات التركية الأخرى.
وأرويا كروز أول علامة عربية للرحلات البحرية تم تطويرها ضمن رؤية السعودية 2030 تحت مظلة صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية).
وستبدأ الشركة بتنظيم رحلات من ميناء غالاطة بورت بإسطنبول بدءا من نهاية يونيو الحالي، وتشمل رحلاتها الممتدة لست أو سبع ليالٍ كلًّا من تركيا واليونان ومصر.
وتسعى أرويا كروز للرحلات البحرية، التي تمزج بين التراث الثقافي السعودي والمعايير الحديثة، إلى تقديم تجربة فريدة للضيوف على مدار العام، إلى جانب إحداث نقلة نوعية في هذا المجال عالميًا.
وهذه الخطوة إحدى المبادرات الإستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز مكانة السعودية على خارطة السياحة البحرية العالمية، عبر مسارات تشمل البحر الأحمر وشرق البحر المتوسط.
وتتوقف هذه المسارات في كل من بودروم وقاش ومرمريس في تركيا وميكونوس ورودوس وكريت وأثينا في اليونان والإسكندرية في مصر.
وشهد ميناء غالاطة بورت في إسطنبول تنظيم فاعلية ترويجية بحضور مسؤولين من وكالة الترويج السياحي في تركيا، وإدارة الميناء، ومسؤولي أرويا كروز، تخللها تسليم دروع تقديرية.
ويهدف الميناء العصري، الذي يضم محطّة مقامة تحت الأرض ومطعما يديره طاه شهير ومركز تسوق مترامي الأطراف، إلى استقبال نحو 25 مليون زائر و1.5 مليون من ركاب سفن الرحلات السياحية سنويا. وقال قاري إن “اختيار غالاطة بورت ميناءً رئيسيا لرحلاتنا كان قرارًا موفقًا، لم نكن لنجد موقعًا أفضل من إسطنبول للانطلاق.”
وذكر أن هدف الشركة يتمثل في تنشيط السياحة الداخلية سواء بالنسبة إلى الأتراك أو الزوار القادمين من السعودية، إلى جانب تقديم مساهمة اقتصادية لقطاع السياحة، مضيفًا “نخطط للعمل مع فرق محلية في إسطنبول وفي وجهات تركية أخرى لتعزيز السياحة.”
25
مليون سائح سنويا هدف تركيا المستقبلي من خلال بوابة الميناء العصري في مدينة إسطنبول
وأشار إلى أن نحو ألفي راكب وصلوا مؤخرًا إلى إسطنبول على متن سفينة أرويا، معربًا عن ثقته بأنهم سيقضون عطلة صيفية ممتعة في المدينة.
وتستقبل الشركة السعودية حجوزات متزايدًة من القادمين من دول الخليج مثل الإمارات وسلطنة عُمان والكويت وقطر، إضافة إلى تركيا، استعدادًا لانطلاق الموسم السياحي الذي سيبدأ فعليا غدا السبت.
وأكد قاري على أهمية إسطنبول كمركز مهم لسياحة الرحلات البحرية، مشيرًا إلى أن الشركة مرّت قبل وصولها إلى المدينة بوجهات سياحية مميزة مثل بودروم وقاش. وتابع المدير التنفيذي للتسويق “مجرد الوصول إلى إسطنبول والانطلاق منها نحو وجهات جديدة هو بحد ذاته تجربة مثيرة.”
وأوضح قاري أن برنامج الرحلات يتضمن مسارات تمتد 6 و7 ليالٍ، قائلًا “يسعدنا استقبال الضيوف من تركيا ومختلف دول العالم، والانطلاق في رحلات محلية وإقليمية وعالمية تنطلق من إسطنبول.”
وستشكّل كروز السعودية خلال السنوات المقبلة جسرا إستراتيجيا بين العمليات البحرية والبرية وعمليات الموانئ السياحية المزمع تطويرها في العديد من المدن السعودية، لتضمن تقديم تجربة سياحية متكاملة تتماشى مع أهداف قطاع السياحة في البلاد.
وبالنسبة إلى تركيا، فإن الأمر أكثر من مجرد استقبال الزوار، بل تتمثل طموحاتها في جعل الرحلات البحرية الخليجية أكثر زخما ودون انقطاع سواء في الصيف أو في الشتاء.
وخلال 2024 نما عدد سياح تركيا ليبلغ 52.63 مليون زائر متجاوزا الرقم القياسي السابق البالغ 49.2 مليون زائر في 2023 مع إيرادات بلغت 61.1 مليار دولار بزيادة قدرها 8.3 في المئة على أساس سنوي.
وقال عضو مجلس إدارة ميناء غالاطة بورت إسطنبول، أردم تاواس، إن “أعداد السفن السياحية القادمة إلى تركيا بدأت بالازدياد، ما يسهم في تسهيل تحقيق أهداف القطاع السياحي في البلاد.”
وأشار إلى أن تركيا باعتبارها الدولة الوحيدة التي تمتلك موانئ على كل من البحرين الأسود والمتوسط، توفر كل ما يبحث عنه السائح في مختلف الموانئ، مضيفًا “غالاطة بورت باتت محطة سياحية رئيسية، لا تقتصر على السفن، بل لكل زائر يرغب في تجربة متكاملة.”
وأوضح أن المنافسة شديدة بين موانئ المتوسط، مشددًا على ضرورة تقديم حوافز حكومية إضافية مثل تخفيضات في الرسوم وتسهيلات لتعزيز موقع تركيا في هذه السوق الحيوية.
ونوّه تاواس إلى أن اختيار أرويا كروز لإسطنبول كميناء رئيسي على حساب موانئ أخرى بارزة في المتوسط، يُعد مصدر فخر. وأردف قائلا “في العام الماضي ارتفع عدد المسافرين الذين يستخدمون إسطنبول كميناء انطلاق بنسبة 134 في المئة.” وأوضح أن عدد الركاب الذين ستستقبلهم إسطنبول هذا العام سيبلغ نحو 600 ألف، بينهم 90 ألفًا من ركاب أرويا كروز وحدها.
وختم تاواس بالإشارة إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة للسياحة البحرية، قائلًا “السائح الذي ينطلق من ميناء رئيسي ينفق يوميًا ما بين 400 إلى 450 دولارًا، أي أكثر بنحو 6 إلى 7 أضعاف مقارنة بالسائح العادي، وهو ما يعزز مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد.”