مكتبة الملك عبدالعزيز تحرس التراث وتنفتح على العالم الرقمي

المكتبة تقدم إصدارات ثريّة تُشكّل سردية خصبة لوعي الإنسان العربي كما تنظم العديد من الفعاليات الرائدة.
الجمعة 2025/06/27
تثمين الإرث العربي ونشره

الرياض– عزّزتْ مكتبةُ الملك عبدالعزيز العامة في الرياض حضور المعرفة العربية والإسلامية بمختلف عناصرها، عبر برامجها الثقافية المتعددة التي تهدف إلى عصرنة التراث وإعادة إلقاء الضوء على مكوناته اللغوية والأدبية والفنية، وتوثيق تاريخية هذا التراث ليشكل سردية خصبة لوعي الإنسان العربي ولرؤاه الفكرية في عالم اليوم.

ووصلت المكتبة هذا الشهر إلى أكثر من 700 إصدار عبر برنامجها للنشر العلمي ما بين كتب عربية ومترجمة وكتب باللغات العالمية، وكتب للأطفال، حيث نزعت المكتبة في إستراتيجيتها الثقافية منذ تأسيسها إلى الاهتمام بالكتاب كمصدر أول للمعرفة، وركزت على إضاءة أهميته الكبيرة في تشكيل وعي القارئ عبر المشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، وعبر تسويق ثقافة القراءة بشكل مفتوح لمختلف القراء بالمجتمع من خلال استخدامها لحافلات مصادر التعلم التي نقلت المعرفة إلى القرى والبوادي والهجر والحدائق والمراكز العامة في مختلف أنحاء المملكة.

ومن أبرز ما قامت به مكتبة الملك عبدالعزيز العامة خلال مشوارها الثقافي المديد التركيز على القضايا التاريخية والثقافية للعالمين العربي والإسلامي إذ يشكل التراث العربي والمقدسات الإسلامية ركنًا أساسيًا من عملها، فقد اقتنت 8571 كتابًا عن التراث، وأكثر من 8000 مخطوط و35 ألف كتاب نادر، كما تمتلك المكتبة 700 خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام 1482، بعضها باللغات اللاتينية القديمة، وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت المكتبة على اقتناء أكثر من 8000 عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، من مختلف العصور الإسلامية.

وتحتفظ المكتبة بأهم مصادر ومراجع التراث الديني والفكري والأدبي، حيث أصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي توثق لجماليات التراث على أرض المملكة، كما أصدرت أكثر من 20 كتابا مصورا عن آثار المملكة وتقاليدها، تؤكد بالسرد والصورة على ملامح التطور بالمملكة، وإبراز تراثها وتاريخها وأماكنها وتتناول الآثار والفروسية والعادات الشعبية والفولكلورية.

وعلى صعيد المحتوى العربي والإسلامي تضم المكتبة أكثر من 9000 مادة متنوعة عن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى ومجموعة كبيرة من الوثائق الخاصة بالقضية الفلسطينية باللغتين العربية والإنجليزية، والمؤلفات النادرة التي ألفت عن فلسطين منذ مطالع القرن العشرين، كما أصدرت بشأن الأقصى كتابًا ضخمًا مصورًا عن كل الأماكن المقدسة والأماكن التراثية ومسجد قبة الصخرة ويتضمن مجموعة كبيرة من الوثائق والصور النادرة بعنوان “الأقصى”، إذ احتوى الكتاب على 360 صورة تتضمن جميع تفاصيل المسجد الأقصى.

واهتمت المكتبة منذ إنشائها بتوثيق تاريخ القدس وعقدت المؤتمرات والندوات، منها ندوة ومعرض مصور عن القدس في عام 1998، ومن بين الكتب النادرة التي تقتنيها المكتبة، والتي تعد مرجعًا مهمًّا للقضية الفلسطينية كتاب “مدينة القدس” تأليف سي.آر.كوندر، الصادر في لندن عام 1909، والذي يقدم خلاصة البحوث التاريخية والأثرية التي أجريت في القرن الـ19 وتتعلق بالتاريخ والمباني الأثرية لمدينة القدس عبر 4000 سنة.

وإيمانا من المكتبة بدور الترجمة في تفاعل الثقافات العالمية ومنها الثقافة العربية والإسلامية أطلقت جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة في أكتوبر 2006، وقد عقدت الجائزة دوراتها السابقة في عدد من عواصم العالم، وهي الرياض وبكين وطليطلة وساو باولو وجنيف وباريس والدار البيضاء وبرلين والقاهرة، وقد شاركت في مختلف دوراتها 80 دولة عربية وأجنبية، فيما وصل عدد الأعمال المرشحة فيها إلى أكثر من 1700، مترجمة إلى 45 لغة، وفاز بها 132 فائزًا.

ولأن السياحة الثقافية تشكل أحد مقومات القوة الناعمة السعودية، بدأت المكتبة في العمل على إستراتيجية لاستيعاب تنوع الزوار من مختلف الدول، وبدأت في استقبال السياح الأجانب في مختلف فروع المكتبة حيث زارت المكتبة وفود صينية وإيطالية وفرنسية وعربية، وزار المكتبة عدد كبير من رؤساء المتاحف، ومن العلماء والمتخصصين في علم اللغة.

pp

وشكل مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مطلع أبريل 2007 عملا ثقافيا بارزا، إذ وحد العمل المكتبي في 22 دولة، ويضم الفهرس 134 عضوا من المحيط إلى الخليج لمجموعة من المكتبات المختلفة منها الوطنية والأكاديمية والمتخصصة، وتنخرط فيه 114 مكتبة، بالإضافة إلى عضوية 11 ناشرا وتسعة أقسام تعليمية.

وقد تمكن الفهرس العربي الموحد من بناء أكبر قاعدة ببليوغرافية تحصر الإنتاج العربي. ويبلغ عدد تسجيلات الفهرسة المنقولة 3 ملايين تسجيل، وعدد تسجيلات المكتبة الرقمية 137000، فيما قدم 425 دورة قام فيها بتدريب 8300 متدرب، وقدم 7 مبادرات، وعقد 180 ندوة ضمن البرنامج المعرفي للفهرس حضرها أكثر من 65000 من المتابعين والباحثين.

وقدم الفهرس سبع مبادرات هي: الانفتاح على اللغات الأخرى، والمبدعون العرب، والفهارس الوطنية، والمكتبة الرقمية العربية، ومبادرة البيانات المترابطة، ومبادرة الوصول الحر، وريادة الأعمال.

وعلى صعيد مساهمة الفهرس في بناء الفهارس الوطنية العربية تم تدشين 11 بوابة لمكتبات الدول العربية، هي السعودية والإمارات والبحرين وعمان والأردن والسودان والمغرب والكويت والجزائر وموريتانيا وتونس، وسيستكمل الفهرس تدشين بقية بوابات مكتبات الدول العربية خلال الأعوام القادمة.

وتقدم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة إستراتيجيتها الثقافية بشكل نوعي ينعكس على برامجها وفعالياتها المتعددة من لقاءات ومنتديات ومعارض ومشاركات فعالة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، فيما توفر للدارسين والباحثين كل ما يمكن أن يحقق سبل البحث العلمي الدؤوب والمتميز، كما تعمل على إيلاء الجوانب التقنية وما ينتجه عصر الميديا من تحولات القدر الكبير من المعايشة الاتصالية وبرامج الرقمنة، والتطوير المتجدد في التواصل المحلي والعالمي بما يخدم الفضاء البحثي والتنويري المتميز.

13