تحديث شبكة سكك الحديد يكتسب زخما في العراق

الاستثمارات في المشروع خطوة أساسية نحو تعزيز الربط التجاري على الصعيدين المحلي والإقليمي.
الخميس 2025/06/26
لا يزال أمامكم طريق طويل وشاق

اكتسبت خطط العراق لتحديث قطاع النقل بالقطارات المزيد من الزخم مع دخول مشروع تطوير البنية التحتية لشبكة سكك الحديد مرحلة جديدة بعد التزام البنك الدولي بتقديم تمويل يقترب من مليار دولار لمعاضدة جهود الحكومة في الارتقاء بالتجارة والسفر.

بغداد - تلقى العراق دفعة لتنفيذه مشاريعه التنموية الطموحة مع موافقة البنك الدولي على تمويل بقيمة 930 مليون دولار لتحسين أداء شبكة سكك الحديد وتعزيز التجارة الداخلية وتوليد فرص عمل وتنويع الاقتصاد.

ويهدف المشروع إلى تطوير البنية التحتية وخدمات سكك الحديد بين ميناء أم قصر جنوب العراق والموصل شماله، مما يقلل من وقت السفر، ويزيد من حجم الشحنات، ويوفر للمستخدمين وصولا أفضل إلى الخدمات المستدامة للنقل.

وتضرر جزء كبير من البنى التحتية للشبكة الحديدية المستخدمة لأغراض تجارية ومدنية التي تعاني في الأساس من التقادم منذ الغزو الأميركي في عام 2003، والذي انتهى بالإطاحة بحكم صدام حسين. وبدت معالم دمار الشبكة واضحة في مدينة الموصل بعد سيطرة تنظيم داعش المتطرف عليها في صيف 2014 قبل طرده منها في العام 2017.

ومنذ سنوات تبذل السلطات العراقية جهودا باتجاه تحديث وتوسعة شبكة سكك الحديد أملا في تحقيق مشروعها الطموح لدعم البنية التحتية للنقل وتأهيل الخدمات المرتبطة بها، في محاولة لدفع السياحة وإنعاش المبادلات التجارية.

وفي العام الذي سبق تفشي الأزمة الصحية العالمية، أعلنت الحكومة أنها تقترب من إنجاز جزء كبير من شبكة سكك الحديد، بعد أن تعرض قسم كبير منها للتدمير والإهمال جراء الحروب المتعاقبة والحصار على مدى عقود.

والآن يشهد الشرق الأوسط انتعاشا في نشاط سكك الحديد الإقليمية، ما يعزز طرق التجارة داخل المنطقة ومع آسيا وأوروبا لدعم التواصل ودفع عجلة النمو الاقتصادي.

ومن بين هذه المبادرات الإقليمية طريق تنمية العراق الذي أُعلن عنه في مايو 2023، والذي يهدف إلى تحويل البلد النفطي إلى مركز نقل محوري من خلال ربط منطقة الخليج بالحدود التركية، وصولا إلى أوروبا.

جان كريستوف: تأهيل الشبكة حيوي لتحويل البلد إلى مركز نقل إقليمي
جان كريستوف: تأهيل الشبكة حيوي لتحويل البلد إلى مركز نقل إقليمي

وتبدو خطط طريق التنمية جريئة، إذ يتجاوز كونه مجرد تطوير للبنية التحتية القديمة، فهو يهدف إلى الاستفادة من موقع البلد الإستراتيجي بصفته ممرا تجاريا مستقبليا لمعالجة العديد من القضايا الملحة، كالبطالة والفساد، لكنه مليء بالمطبات.

ويتمثل هذا الطريق في مشروع خط سكة حديد وطريق سريع بقيمة 17 مليار دولار، يمتد من ميناء جديد في الفاو جنوب العراق إلى تركيا، بهدف ربط آسيا وأوروبا.

وبمجرد تعزيز الربط مع الموانئ والبنية التحتية القائمة، يمكن لمشروع إعادة تأهيل شبكة سكك الحديد المحلية أن يزيد بشكل كبير من حجم التجارة داخل العراق وداخل المنطقة.

وفي ظل معاناة القطاع من محدودية الربط، وإهمال الصيانة، ونقص التمويل، تُعد الاستثمارات في الشبكة الحالية خطوة أولى أساسية نحو تعزيز الربط على الصعيدين المحلي والإقليمي.

وصرح جان كريستوف كاريه، مدير قسم الشرق الأوسط في البنك الدولي، “مع انتقال العراق من مرحلة إعادة الإعمار إلى التنمية، يمكن أن يُحفز تعزيز التجارة والربط النمو، ويوفر فرص عمل، ويُقلل من الاعتماد على النفط.”

وأضاف في بيان “يُعد مشروع إعادة تأهيل سكك الحديد حيويا لتحويل العراق إلى مركز نقل إقليمي، ويُساعد في تحقيق أهدافه المتمثلة في تحسين الربط والتنويع الاقتصادي والنمو”.

وسيُعيد المشروع تأهيل وتحديث 1047 كيلومترا من خطوط سكك الحديد الحالية التي تربط ميناء أم قصر بالموصل عبر بغداد. كما سيُعالج مشكلة الأسطول القديم من القاطرات والمعدات الدارجة، ويُجدد ورشة صيانة بيجي، ويوفر المعدات وقطع الغيار اللازمة.

وعلاوة على ذلك سيتم تعزيز أنشطة المشروع أيضا من خلال مشاركة رأس المال الخاص في إنشاء الموانئ الجافة والمراكز اللوجستية، مما يُسهم في توفير فرص عمل مستدامة وعالية المهارات.

ومن أهداف المشروع أيضا الارتقاء بمستوى أمان الشبكة من خلال نظام شامل لإدارة السلامة، وتطوير البنية التحتية، وتحسين معابر سكك الحديد، وحملات توعية مجتمعية، والتأهب للطوارئ، وتدريب الموظفين.

وبحلول عام 2037، من المتوقع أن ينقل خط السكة الحديد المُعاد إحياؤه 6.3 مليون طن من البضائع المحلية، و1.1 مليون طن من الصادرات/الواردات، بما في ذلك السلع السائبة مثل الحبوب ومواد البناء والسلع المعبأة في حاويات كالسلع الصناعية والاستهلاكية.

وسيعبر خط سكة الحديد 8 محافظات عراقية، وسينقل 2.85 مليون مسافر سنويا، مما يُعزز التكامل داخل البلاد حتى يستفيد منه 17 مليون شخص. وسيُقلل التحول من الشاحنات إلى القطارات بشكل كبير من أضرار الطرق ويُخفض تكاليف صيانتها السنوية.

وسيوفر المشروع أكثر من 3 آلاف وظيفة بدوام كامل في قطاع البناء لمدة سبع سنوات. وبمجرد بدء عمليات الشبكة وتوسع القطاع، من المتوقع أن يُوفر المشروع 21.9 ألف وظيفة سنويا بحلول عام 2040.

930

مليون دولار حجم تمويل المشروع الذي يشمل 8 محافظات، ما سيعزز الربط التجاري والسفر

ويتضمن التعاون تقديم البنك الدولي للمساعدة الفنية بهدف تحسين الأداء المؤسسي للشركة العامة لسكك الحديد الحكومية ووضع خطة عمل لإصلاح القطاع وتحديد فرص مشاركة القطاع الخاص.

وبالإضافة إلى كل ذلك، يتوقع أن يوفر المشروع التدريب لموظفي الشركة، التي ستنفذ المشروع تحت إدارة وزارة النقل العراقية، ويدعم مشاركة المرأة في قطاع سكك الحديد.

ولضمان التنفيذ الناجح والسريع، سيتم أيضا التعاقد مع شركة دولية في إطار المشروع لتكون وكيلًا لإدارة النفقات الرأسمالية بتكليف لدعم الشركة الحكومية في بناء القدرات المؤسسية اللازمة لإدارة ميزانيتها وإدارة تنفيذ حزم عقود المشروع.

وقدرت مصادر عراقية احتياجات الشركة العامة لسكك حديد العراق الحكومية بحوالي 60 مليار دولار لتنفيذ ربط العراق بدول الجوار بشبكة السكك الحديد.

ولدى بغداد طموحات للربط عبر السكك الحديد مع ثلاث دول هي تركيا وإيران والأردن لإيجاد منافذ اقتصادية جديدة بما يعزز من معدلات التبادل التجاري التي تراجعت كثيرا منذ الغزو.

وسيُعطي تنفيذ المشروع الجديد الأولوية أيضا للمشاركة الفاعلة للمواطنين والمجتمعات المحلية، وسيرسي عملية تخطيط ومراقبة بقيادة المجتمع. وبحسب الخبراء، سيحصل العراقيون والمجتمعات المحلية من خلالها على تحديثات دورية حول التقدم المحرز وتقديم ملاحظاتهم بشأن مخاوف التنفيذ.

11