دعم دولي جديد يعطي سوريا دفعة لجهود ترميم الاقتصاد

البنك الدولي يعلن موافقته على تقديم منحة بقيمة 146 مليون دولار بهدف دعم إعادة تأهيل قطاع الكهرباء وتعزيز التعافي الاقتصادي.
الخميس 2025/06/26
متى تعود إمدادات التيار دون انقطاع

دمشق - حظيت سوريا بدعم دولي جديد هي في أمسّ الحاجة إليه، ما يعطي دفعة لجهود السلطات الرامية إلى ترميم تشوهات الاقتصاد بعدما تدمّر جراء سنوات الحرب. وأعلن البنك الدولي الأربعاء موافقته على تقديم منحة بقيمة 146 مليون دولار لصالح دمشق، بهدف دعم إعادة تأهيل قطاع الكهرباء وتعزيز التعافي الاقتصادي.

وذكر البنك في بيان أن “التمويل يأتي من المؤسسة الدولية للتنمية (آي.دي.أي)، ويهدف إلى تنفيذ مشروع طوارئ كهرباء سوريا لإصلاح البنية التحتية المتضررة، وتحسين استقرار الشبكة الكهربائية في البلاد.”

ويشمل المشروع “إعادة تأهيل خطوط النقل ومحطات التحويل عالية الجهد، خاصة تلك التي تربط سوريا إقليمياً بالأردن وتركيا، إلى جانب تقديم المساعدة الفنية لتطوير قطاع الكهرباء، ودعم مؤسساته بإصلاحات تنظيمية واستثمارية،” بحسب البيان.

وأشارت المؤسسة الدولية المانحة إلى أن المشروع سينفذ من قبل المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء السورية، بالتعاون مع شركة استشارية دولية، فيما سيشرف البنك الدولي على تنفيذ المشروع عبر جهة رقابة خارجية “لضمان الامتثال للمعايير البيئية والمالية.”

ويموّل المشروع إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي، بما فيها خطان رئيسيان للربط الكهربائي بطاقة 400 كيلوفولط تضررا خلال سنوات الصراع. كما يشمل إصلاح المحطات الفرعية لمحولات التوتر العالي المتضررة، فضلا عن توفير قطع الغيار ومعدات الصيانة اللازمة.

وقال المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط لدى البنك جان كريستوف كاريه “من بين حاجات إعادة الإعمار الملحة في سوريا، برزت إعادة تأهيل قطاع الكهرباء كاستثمار حيوي لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري، ودعم عودة اللاجئين والنازحين داخليا."

وأضاف "هناك حاجة أيضا إلى تمكين استئناف خدمات أخرى مثل خدمات المياه والرعاية الصحية للسكان، والمساعدة في دفع عجلة التعافي الاقتصادي." وتابع كاريه "يمثل هذا المشروع الخطوة الأولى في خطة زيادة دعم البنك الدولي لسوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية."

وألحقت سنوات النزاع أضرارا بالغة بالبنى التحتية الرئيسية خصوصا الكهرباء. ومع تدمير أو تضرر محطات رئيسية ونقص الصيانة، تجاوزت ساعات التقنين العشرين ساعة يوميا خلال السنوات الأخيرة.

محمد يسر برنية: الكهرباء استثمار أساسي للنمو وتحسين سبل العيش
محمد يسر برنية: الكهرباء استثمار أساسي للنمو وتحسين سبل العيش

وجاءت المنحة بعد فترة وجيزة من إعلان وزارتَي المالية في السعودية وقطر سداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار، في إطار جهودهما لـ”دعم وتسريع وتيرة تعافي اقتصاد" سوريا.

وتعمل السلطات السورية الجديدة، بعيد رفع العقوبات الغربية، على دفع عجلة التعافي الاقتصادي تمهيدا لبدء مرحلة الإعمار، الذي تقدّر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 400 مليار دولار.

وتعليقا على حزمة الدعم الجديدة قال وزير المالية السوري محمد يسر برنية إن “الكهرباء تمثل استثمارا أساسيا للنمو الاقتصادي وتوفير الخدمات وتحسين سبل العيش.”

وأضاف برنية، وفق بيان البنك، أن “المشروع يعد أول تعاون مع البنك الدولي منذ ما يقرب من أربعة عقود، ونأمل أن يُمهّد الطريق لبرنامج دعم شامل يساعد سوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية المستدامة.”

وتعاني سوريا من أزمة كهرباء خانقة، جراء تداعيات الحرب، حيث لا تتجاوز التغذية اليومية ساعتين إلى أربع ساعات، في ظل تضرر أغلب محطات التوليد وتراجع الإنتاج إلى نحو 1300 ميغاواط، مقارنة بقدرة قصوى تصل إلى 9 آلاف ميغاواط.

وفي أواخر مايو الماضي وقعت سوريا وتحالف شركات دولية اتفاقية بقيمة 7 مليارات دولار بغية تأهيل قطاع الطاقة. وتتيح الاتفاقية توليد 5 آلاف ميغاواط من الكهرباء عبر 4 محطات تعمل بالغاز.

ووقعت وزارة الطاقة السورية آنذاك مذكرات تفاهم لتنفيذ هذه الخطة مع عدد من الشركات العالمية بما فيها مجموعة يو.سي.سي وأورباكون وباور الدولية وجنكيز للطاقة وكاليون للطاقة.

وتتضمن الاتفاقية تطوير 4 محطات توليد كهرباء، إضافة إلى محطة للطاقة الشمسية بقدرة ألف ميغاواط بجنوب البلاد، في خطوة تُعد من أضخم المشاريع الاستثمارية التي تُخطط سوريا لاستقبالها منذ اندلاع الأزمة في عام 2011.

ورغم الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع، فإن التحديات التي تواجه تنفيذه ليست قليلة. فمن ناحية، لا تزال البنية التحتية للنقل والطاقة في سوريا بحاجة إلى تأهيل شامل، ومن ناحية أخرى لا تزال البيئة القانونية والتنظيمية للاستثمار غير مستقرة.

كما يُخشى من تأثير التوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية على مسار التنفيذ، خصوصًا في عدم وضوح الموقف النهائي للمجتمع الدولي من انخراط القطاع الخاص في إعادة إعمار سوريا.

11