قطر تحاول مواكبة جيرانها في طفرة جذب الاستثمارات

الدوحة - أطلق جهاز قطر للاستثمار الأربعاء مع شركة فييرا كابيتال الكندية لإدارة الأصول صندوقا بقيمة 200 مليون دولار لتعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية في سوق الأسهم بالدولة الخليجية.
وهذه ثاني شراكة من نوعها خلال أقل من عامين، بحسب بيان صادر عن صندوق الثروة السيادية، الذي قال فيه إن "صندوق فييرا للأسهم القطرية سيكون وعاءً استثماريا للتداول اليومي، ومتاحا أمام المؤسسات الاستثمارية المحلية والدولية."
وجاء الإعلان عن الصندوق بعد أيام قليلة من التنامي الكبير للتوتر في الشرق الأوسط وبعد إطلاق إيران الاثنين صواريخ على قاعدة عسكرية أميركية في قطر ردا على هجمات أميركية على مواقع نووية إيرانية.
وأوضح الجهاز البالغ حجم أصوله 526 مليار دولار في البيان أن صندوق فييرا قطر للأسهم تم تصميمه كصندوق استثمار مشترك للتعاملات اليومية، وسيكون الجهاز المستثمر الرئيسي فيه من خلال توفير السيولة وإعادة تخصيص الأسهم لصالح الصندوق.
وقال الرئيس التنفيذي للجهاز محمد سيف السويدي إن “استقطاب مديري الأصول الأجانب للاستثمار في الأسهم القطرية سوف يعزز المشاركة في السوق ويساعد على تحقيق تنوعه واتساعه.”
وقطر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم. وكغيرها من الدول الخليجية الأخرى المصدرة للنفط والغاز، تحاول تنويع موارد اقتصادها بعيدا عن النفط والغاز وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وتعتزم الدوحة استخدام صندوق الثروة كأحد الروافع لتحقيق طموحاتها. وأفادت مصادر لوكالة بلومبيرغ الشهر الماضي بأن الجهاز قد يبدأ في تشجيع صناديق الاستثمار الخاصة والبنية التحتية على تأسيس أعمالها في البلاد مستفيدا من نفوذه كمستثمر.
وبينما شهدت جارتاها السعودية والإمارات طفرة في الطروحات العامة الأولية في السنوات القليلة الماضية، عزت مصادر مطلعة في السوق قلة الصفقات القطرية إلى تأثير جائحة كورونا وتركيز البلاد على كأس العالم لكرة القدم 2022.
وتأتي الشراكة مع فييرا كابيتال المدرجة في تورونتو، والتي بلغت أصولها 117 مليار دولار حتى مارس الماضي، في إطار مبادرة الجهاز الأوسع نطاقا لإقامة شراكات مع شركات إدارة أصول عالمية تركز على الخليج، بالإضافة إلى شركات إدارة أصول محلية.
وشمل ذلك مجموعة أشمور التي أطلقت صندوقا بقيمة 200 مليون دولار مع جهاز قطر للاستثمار وافتتحت الشهر الماضي مكتبا لها في الدوحة.
وتشير النسخة الأحدث من إستراتيجية قطر للتنمية الوطنية إلى أن الحكومة تضع هدفا تراكميا لجذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار بحلول 2030.
وبرز الجهاز القطري بالفعل كإحدى الركائز الأساسية في هذه الجهود، فقد أطلق العام الماضي برنامج “صندوق الصناديق،” والذي يوفر تمويلاً أوليا لشركات رأس المال الجريء على أمل أن يتم استثمار هذه الأموال محليا.
وكانت شركة يوتوبيا كابيتال مانجمنت، ومقرها لندن، من أولى الجهات التي حظيت بهذا الدعم، وقد أعلنت في فبراير الماضي عن خططها لافتتاح مقرها الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط في الدوحة.
وتبعتها بعد ذلك بأسابيع شركات أخرى مثل بي كابيتال، التي أسسها المؤسس المشارك لفيسبوك إدواردو سافرين، وراج جانغولي، المستثمر السابق في باين كابيتال.
وتعمل الكثير من صناديق الثروة السيادية، وخاصة في منطقة الخليج، عادة بسرية تامة، ولكن من الواضح أنها بدأت تتخلى عن ذلك التمشي بعدما فرض عليها عدم اليقين العالمي اتباع نهج جديد في اقتناص الصفقات لتفادي المخاطر المحتملة.
ومع تصاعد التنافس العالمي على الأصول ذات العائد المرتفع، وسعي دول الخليج إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، برزت هذه الصناديق كجهات فاعلة تسعى إلى اغتنام الفرص الإستراتيجية في التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، وحتى الرياضة والترفيه.
وهذا التحول لا يعكس فقط تغيرا في أدوات الاستثمار فحسب، بل يشير إلى نضج أكبر في إدارة الثروة واستباق متغيرات السوق العالمية، بما يخدم رؤى التحول الاقتصادي طويلة الأمد في المنطقة.
وتسيطر الصناديق الخليجية العملاقة على ما يزيد عن 4 تريليونات دولار أميركي، ويمكن لأدنى تغيير في التخصيص أو حتى في الأسلوب أن يُحدث تحولات كبيرة في المشهد المالي. ولذلك عادة ما تكون التعليقات العامة نادرة وحذرة إلى حد ما.
ويدرك قادة هذه الصناديق تماما أهمية نشاطهم وتوجهاتهم بالنسبة إلى أسواق المال الغربية، وبالتالي فإنهم باتوا يطالبون مديري الأصول بشكل متزايد بتوضيح ما سيفعلونه مقابل الحصول على استثمارات.