الدمام تحتفي بتنوع الفنون الشعبية السعودية في "ليلة الخماري"

الدمام - تمثل الفنون الشعبية وثائق تاريخية وجمالية حية لأي مجتمع ومنطقة، وللسعودية فنونها التي أثرت بشكل واسع في الفنون الخليجية وحتى العربية.
حينما نتحدَّث عن الفنون الشعبية السعودية لا تغيب عنا ما قدمته المنطقة الشرقية منها من أنماط فنية وفلكلورية ذاع سيطها وتأثيرها في الفنون الشعبية في دول الخليج العربي عموما، التي تشكل في مجموعها منطقة ذات عادات وتقاليد وأعراف متشابهة. وإذا كانت هناك وجوه اختلاف فإنها لا تعدو أن تكون في بعض الملامح والقسمات.
فالمنطقة الشرقية بإطلالها على الخليج العربي كان من الطبيعي أن تشارك بلدان الخليج في خصائص البيئة البحرية، حيث كان للبحر دور مهم في تكييف حياة الناس أخذا وعطاء، فأضفى بعض الملامح على طباع وأمزجة وتفكير وأخلاق أبنائها، كما كان للزراعة دور مماثل في كل من الأحساء والقطيف. هذا التمازج خلق فنونا لها طابع خاص.
الفنون الشعبية بالمنطقة الشرقية متميزة بالجمع بين فنون البادية وفنون البحر وفنون الحياة في المدينة وأغاني الفلاحين
واهتماما بالفنون الشعبية وأدوارها المختلفة في توحيد شعوب المنطقة، أحيت جمعية الثقافة والفنون بالدمام، مساء الثلاثاء، ليلة “فن الخماري” أحد الفنون الشعبية بالمنطقة الشرقية، قدمها الباحث عادل بن عيسى العميري، وهو أحد المهتمين بفنون المنطقة الشرقية الشعبية القديمة وله إسهامات مضيئة، من خلال توثيق الكثير من الروايات والقصص والأحاديث التي تحكي ذاكرة الفنون الشعبية، وأدارها خالد الخالدي.
استهل العميري حديثه بالتعريف بالأسماء التي قدمت وقادت الفن الشعبي في الشرقية، وذكر أبرز الدور والفرق الشعبية بالماضي وأهم أعلامها ومؤثريها ورواتها القدامى والمعاصرين منهم، والذين كان لهم دور واضح وموفق في الحفاظ على هذه الفنون، التي ذاع صيتها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وجميع هواة ومحبي وعشاق هذه الفنون.
وأبرز الفنون الشعبية في المنطقة فن اللعبوني أو اللعبونيات، هو أحد الفنون الشعبية التي عُرفت بها محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، يُنسب إلى مؤسسه الشاعر محمد بن لعبون، ويعتمد على غناء السامريات والغزليات.
وينقسم الفن اللعبوني إلى ثلاثة أنواع، وهي: الفن الخماري، وهو فن مأخوذ من اسمه، الغناء الذي يخامر العقل ويطربه، والفن السامري، وهو نوع من الغناء الذي يصاحب الأسمار والليالي القمرية، والفن الفجري: وهو من الغناء الملحن والمنغم على أنغام الإيقاعات.
ويُؤدى الفن اللعبوني من خلال اصطفاف المشتركين جلوسا بشكل دائري، ثم يبدأ “النهّام”، وهو الشخص المعروف بتأدية الأغاني والأناشيد في رحلات الغوص، في الغناء، ثم يُردد معه الجالسون عبارات مثل “هي والله”، ثم يبدأ المشاركون بالتصفيق وترديد الآهات، وتُستخدم الطبول والطارات والمراويس في أداء هذا الفن. ومن ألوانه، الفجري، والبحري، والحدادي، والعدساني، والمخولفي، والحساوي.
وتحدث العميري عن “فن الخماري” بالمنطقة الشرقية بشكل واسع وأهم رواده وكتابه وشعرائه وأبرز المناطق التي كان يؤدى فيها هذا اللون، مجيبا عن سؤال لماذا هذا اللون في الماضي كان يشارك به الرجال والنساء؟ وتطرق أيضا إلى تاريخ الفنون الشعبية بالمنطقة مرورا بالدور الحالية ورؤسائها وتشابه هذه الفنون مع الدول الخليجية المجاورة.
ويعد الخماري واحدا من الفنون اللعبونية، ويؤدي هذا الفن الرجال والنساء كما أن له رقصة تؤديها النساء على إيقاع الطارات حيث تميل المرأة يمنة ويسرة وإلى الأمام والخلف ممسكة بطرف ثوبها مرة من اليمين وأخرى من الشمال.
وتطرق الخالدي إلى أنه لكل أمة من الأمم أو بيئة من البيئات فنونها وعاداتها الخاصة بها والموروثة عن الآباء والأجداد، فالفنون الشعبية في المنطقة الشرقية استمدت جذورها الأصيلة منذ القدم، حيث كان الغوص والبحث عن اللؤلؤ هو المورد الاقتصادي الوحيد في ذلك الوقت لأبناء منطقة الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص المنطقة الشرقية من السعودية.
وشدد على أن الفنون الشعبية بالمنطقة الشرقية متميزة بالجمع بين فنون البادية وفنون البحر وفنون الحياة في المدينة وأغاني الفلاحين وأهازيجهم الشجية، حيث تظهر فنون البادية بشكل واضح في العزف والغناء على الربابة وفي رقصة العرضة التقليدية.
وتعتبر فنون البحر والزراعة من أبرز أنماط الإبداع الشعبي بالمنطقة الشرقية، حيث تصاحب الأغاني والإيقاعات والرقصات بمختلف الأعمال في البحر، حيث الصوت الخليجي، العاشوري، الحساوي، واللعبوني والخماري والسامري والفجري ودق الحب وغيرها من الفنون الشعبية الأخرى.
وأشاد خالد الخالدي بالدور الذي لعبته فرقة السعد للفنون الشعبية التي صاحبت “ليلة الخماري” بتقديم التنوع الشعبي لهذه الفنون في المنطقة.