حياة الفهد: هناك شخصيات أود تجسيدها لكنها خط أحمر في الرقابة

أحمد سميسم
بغداد - تعدّ الفنانة الكويتية حياة الفهد واحدة من أبرز رموز الفن الخليجي والعربي، واسما فنيا لامعا في سماء الدراما التلفزيونية والمسرحية لعقود من الزمن، واستطاعت منذ بداياتها أن تحفر لنفسها مكانة مميزة بموهبتها الفذة وحضورها الآسر وقدرتها الاستثنائية على تجسيد شخصيات متنوعة بواقعية وصدق، حتى باتت تُعرف بلقب “سيدة الشاشة الخليجية”.
وهي من أوائل النساء اللواتي شاركن في صناعة الفن بالكويت ليس فقط كممثلة بل أيضا ككاتبة ومنتجة، ما جعلها من رواد الحركة الفنية في الخليج عبر مسيرتها الطويلة التي امتدت لعقود من الزمن. قدمت حياة الفهد أعمالا خالدة شكّلت جزءا من الذاكرة الفنية العربية، وظلّت رمزا للعطاء والإبداع والالتزام الفني.
تتحدث إلينا الفنانة في هذا الحوار، الذي أجريناه معها على هامش زيارتها مؤخرا إلى بغداد لحضور مهرجان أوتنابشتم الدولي، عن دخولها إلى عالم الفن الذي لم يكن يسيرا فقد واجهت رفضا قاطعا من والدتها، تقول “هذا صحيح دخولي الفن لم يكن يسيرا ولم أجد طريقا معبدا، فقد واجهت رفضا من والدتي تجاه دخولي هذا المجال، لكن كان لدي الإصرار والعزيمة والرغبة الملحة في تحقيق حلمي الفني، لذا أنا أعتقد أنني لو لم أدخل مجال الفن لما كانت لوجودي أهمية. الفن منحني سببا للوجود.”
موهبة التمثيل انطلقت مع الفنانة منذ الصغر متأثرة بالأفلام العربية والهندية وأدوار فاتن حمامة وقد تشبثت بحلمها
أما عن الشرارة الأولى التي وجهت بوصلتها نحو الفن دون سواه، فتقول الفنانة “كان ذلك عندما حضرت عرضا سينمائيا لأول فيلم لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في سينما الشرقية بالكويت، كان عمري لا يتجاوز الثماني سنوات، وكان عرضا مدهشا وغريبا بالنسبة إلي، ومنذ تلك اللحظة تعلق قلبي بالفن من دون أن أشعر، ولم أدرك أني سوف أصبح ممثلة معروفة، وبعدها أصبحت أتردد على السينما وأطلب من والدتي أن تأخذني إلى دور السينما لمشاهدة الأفلام التي غالبا ما كانت أفلاما هندية أو عربية، وبعد مشاهدتي أدخل في جو التقليد لما شاهدته من أدوار الفنانين أمام المرآة حال وصولي إلى البيت.”
دخلت حياة الفهد عوالم الشعر والإعلام ثم التأليف والتمثيل والإنتاج، نسألها هل أرادت أن تمسك بأكثر من تفاحة بيد واحد؟ لتجيبنا “أنا لست شاعرة ولا أدعي ذلك لكن لدي محاولات في كتابة الشعر الشعبي والنثر، أما التأليف الدرامي فهو هوايتي المحببة بعد التمثيل وأصبحت مهنة بالنسبة إلي، أكتب ما يدور في ذهني من تطلعات وأفكار واقعية وليست خيالية لتكون أعمالا درامية أكثر إقناعا وتأثيرا، وآخر عمل كتبته وأنتجته كان مسلسل ‘بياعة النخي’ عام 2015.”
بعد هذا المشوار الطويل الحافل بالإبداع نسأل الفهد إن كانت هناك شخصية ما تتوق إلى تجسيدها، لتقول “أنا جسدت أغلب الشخصيات خلال مسيرتي الفنية، لكن هناك شخصيات أود أن أجسدها لكنها تعد خطا أحمر في الإعلام والرقابة فضلا عن الرقابة الذاتية لنفسي، من تلك الشخصيات مثلا المرأة القاسية التي تقتل أبناءها والمرأة المدمنة، هذه الشخصيات تمتلك قصصا عميقة وعجيبة وفيها أحداث يشيب لها الرأس لكن لا أستطيع تجسيدها للأسباب التي ذكرتها.”
تمنت الفهد أن تقدم دور هند بنت عتبة في فيلم “الرسالة”، والذي جسدته الفنانة منى واصف، لكن الأخيرة أبدعت في الأداء بشكل مبهر.
وتتابع “منحني الفن القناعة والراحة النفسية والنشاط، وأنا راضية عما قدمته من أعمال فنية، لكن لا يخلو الأمر من تقديم أعمال غير مقتنعة بها بحكم الظروف التي طرأت حينها، وهذا وارد في العمل الفني، والأعمال التي أقصدها لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.”
الفهد تمنت أن تقدم دور هند بنت عتبة في فيلم "الرسالة"، والذي جسدته الفنانة منى واصف، لكن الأخيرة أبدعت في الأداء بشكل مبهر
نسأل حياة الفهد لو لم يسمح لها القدر بأن تكون فنانة ماذا من الممكن أن تعمل؟ فتجيب “مربية أطفال في الروضة، عشقي أن أكون قريبة من الأطفال، أتمنى لو كانت لدي القدرة على أن أفتح دارا كبيرة مخصصة لأطفال العالم من اليتامى فسأكون في غاية السعادة، وبالطبع لدينا دور كثيرة للأطفال وللمسنين في الكويت تقوم بواجباتها بكل تفان وإخلاص.”
وتعيد الفهد سر بقاء دورها “خالتي قماشة” في الذاكرة حتى الآن على الرغم من مرور 42 عاما على تجسيده، إلى فكرة المسلسل التي كانت جديدة، والتي تتحدث عن كاميرات المراقبة في المنازل. العمل أنتج عام 1982 حيث لم تكن كاميرات المراقبة منتشرة آنذاك وكانت حالة نادرة، لذلك فكرة المسلسل كانت غريبة وغير مستهلكة، وقد رفضت في البداية أن تشارك في المسلسل لأنها كانت غير مقتنعة بالفكرة واعتبرتها من الخيال، لكن بعد ذلك أقنعها كادر العمل وتفاجأت بأنه حقق حضورا لافتا في العالم العربي.
وعن أهم منعطف في حياتها الفنية تقول “اتجاهي إلى كتابة النصوص الدرامية كان منعطفا مهما في حياتي، واستغرق فترة طويلة في الكتابة تصل إلى سنة أو سنتين، أكتب ما يجول في خاطري من أفكار وتطلعات من قلب الواقع والمجتمع.”
أما عن رؤيتها لمهرجان أوتنابشتم الدولي خلال تواجدها كضيفة شرف فيه فتقول الفنانة حياة الفهد “مهرجان جميل واسمه غير متداول، حينما وصلتني الدعوة ورأيت صور دورات المهرجان السابقة أعجبني وقررت أن أكون بين أهلي العراقيين في مهرجان أوتنابشتم، بالطبع المهرجانات كثيرة لكنها تختلف من واحد إلى آخر من حيث القيمة ورسالة المهرجان وهويته التأريخية.”
وتحيي الفنانة القائمين على هذا الحدث مضيفة “عشت أياما جميلة لا تنسى خلال تواجدي في بغداد.”