السلطات التركية تواصل حربها على فلول غولن

الحملات تأتي انعكاسا لعدم تسامح السلطات التركية في معالجة ملف الداعية الراحل، وتنفيذا لتعهدات أردوغان بمواصلة ملاحقة أنصاره حتّى اجتثاثهم بالكامل.
الأربعاء 2025/06/25
توقيف العشرات من الجنود ورجال الشرطة للاشتباه في ارتباطهم بغولن

إسطنبول- أعلنت النيابة العامة في إسطنبول أن الشرطة التركية أوقفت 158 جنديا، الثلاثاء، للاشتباه في ارتباطهم بالداعية الإسلامي الراحل فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة انقلاب عام 2016.

وأفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية بأن هذه التوقيفات التي تُضاف إلى توقيف حوالي خمسين جنديا آخرين في نهاية مايو الماضي، نُفذت في 43 من أصل 81 محافظة من محافظات البلاد، بينها إسطنبول وإزمير.

وأوضحت النيابة العامة أن 18 جنديا آخرين مازالوا مطلوبين، وأن هذه التوقيفات تستهدف القوات البرية في المقام الأول.

وتأتي هذه الحملات انعكاسا لتشدّد السلطات التركية وعدم تسامحها في معالجة ملف الداعية الراحل، وتنفيذا لتعهدات حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمواصلة ملاحقة أنصاره حتّى اجتثاثهم بالكامل من مؤسسات الدولة التي يقول حزب أردوغان إنّهم اخترقوها في وقت سابق بهدف السيطرة عليها والتأسيس من خلالها لحكم الداعية الذي ينتمي مع الرئيس التركي إلى ذات العائلة الفكرية والأيديولوجية الإسلامية، وكان حليفا له قبل أن تفترق بهما سبل السياسة ويتحوّل غولن في نظر حزب أردوغان إلى عدو الأمة رقم واحد.

◄ السلطات التركية تتهم غولن وحركته بالمسؤولية عن مقتل ما لا يقل عن مئتين وخمسين شخصا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام حزب العدالة والتنمية

وتم على مدى الفترة الأخيرة الإعلان عن توقيف العشرات من الجنود ورجال الشرطة للاشتباه في ارتباطهم بغولن وتنظيمه السرّي.

وعادة ما تتكتّم السلطات على تفاصيل حملات التوقيف تلك والتهم المحدّدة والدقيقة للمستهدفين بها ما يجعل أصواتا تركية معارضة تتهم حكومة أردوغان باستخدام الملف سياسيا واستخراجه من الأدراج كلما اقتضت الحاجة ذلك لإشغال الرأي العام وتوجيهه بعيدا عن المشاكل والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تنجح أنقرة في حلّها وتجاوزها، ومن ضمنها تذبذب سعر العملة وما ينجر عنه من زيادة في التضخم تمس جيوب السكان ومستوى عيشهم.

وبعدما كان غولن حليفا للرئيس أردوغان، الذي تقول أوساط تركية إنّه حرص في مستهل حياته السياسية على التقرّب منه للاستفادة من شعبيته خصوصا داخل الفئات الشعبية المتدينة وذات الميول الإسلامية، اتهمته السلطات التركية بأنه يترأس منظمة إرهابية، فيما كان الرجل يؤكد أنّ حركته هي عبارة عن شبكة من المنظمات الخيرية والشركات.

وحتى بعد وفاته تعهدت تركيا بملاحقة أتباعه في كل أنحاء العالم، وهو ما تقوم به في الوقت الحالي محليا بينما نجحت بشكل محدود في جلب عدد قليل من هؤلاء الأتباع من الخارج.

◄ النيابة العامة أوضحت أن 18 جنديا آخرين مازالوا مطلوبين، وأن هذه التوقيفات تستهدف القوات البرية في المقام الأول

وتميّز غولن، الذي قضى آخر سنوات حياته في الولايات المتحدة، بقدرة عالية على التنظيم والتأثير في الرأي العام وتجنيد الأنصار لحركته والذين لم يكونوا مجرّد متعاطفين بل كانت غالبيتهم العظمى عبارة عن عناصر حركية فاعلة في مجالات مؤثرة من بينها التعليم وغيره.

وأحدثت وفاة الرجل في أكتوبر الماضي فراغا قياديا في حركته جعل بعض المتابعين لشؤونها يتحدثون عن إمكانية تفككها وانقراضها من بعده حيث لم يبرز أي اسم مرشح لقيادتها.

وتتهم السلطات التركية غولن وحركته بالمسؤولية عن مقتل ما لا يقل عن مئتين وخمسين شخصا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على نظام حزب العدالة والتنمية. ومنذ ذلك الحين أُدرجت الحركة المعروفة أيضا باسم “خدمة” كمنظمة إرهابية في تركيا.

ولم تكن السلطات رحيمة بكل من تعلقت بهم شبهة الانتماء إلى حركة غولن أو مساعدتها بأي شكل حيث تم فصل أكثر من مئة وخمسين ألف شخص من وظائفهم العامة بمن في ذلك ضباط بالجيش والشرطة ومعلمون وأطباء، واعتقل أكثر من خمسمئة ألف شخص وسجن ثلاثون ألف شخص، وهي أرقام لا تزال في تصاعد مع تواصل الحملة ضدّ فلول غولن.

وتم أيضا الاستيلاء على الآلاف من المؤسسات والمدارس والبنوك وشركات الإعلام أو الشركات الخاصة المملوكة أو التي يديرها أشخاص يتهمون بالانتماء إلى حركة غولن.

3