رد صيني حازم ضد تلويح إيران بغلق مضيق هرمز

 إيران نفسها ليس في مصلحتها غلق المضيق الذي يمر منه نفطها إلى الصين ودول أخرى ما يوفر لها العائدات للاستمرار في الحرب.
الثلاثاء 2025/06/24
مجرد تهديدات

بكين – عارضت الصين بشكل واضح تلويح إيران بغلق مضيق هرمز، الذي يمثل شريان النفط العالمي، في رسالة إلى طهران بأن الدعم السياسي الذي يصدر عن بكين هو اقرب إلى المجاملة، لكن حين يصل الأمر إلى المصالح الصينية، فإن الأمر يختلف كليا.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية قوه جياكون إن الصين تدعو المجتمع الدولي لمنع امتداد الاضطرابات في المنطقة إلى الاقتصاد العالمي. وأضاف أن الخليج والمياه المحيطة به تعدان طريقا عالميا مهما للنقل والطاقة. وأوضح أن الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة يصب في مصلحة المجتمع الدولي.

ويعتقد مراقبون أن حديث الإيرانيين المتكرر بشأن مضيق هرمز لا يعدو أن يكون تهديدا فضفاضا لأن إيران نفسها ليس في مصلحتها غلق المضيق الذي يمر منه النفط الذي تبيعه للصين ودول أخرى في شرق آسيا، وهو يوفر لها العائدات الضرورية للاستمرار في الحرب وتمويل أذرعها في المنطقة في حال سعت لتحريكها في مهمة الرد بالوكالة.

غلق المضيق سيعرقل مرور صادرات إيران من النفط، في وقت يعاني فيه اقتصادها أصلا من تداعيات العقوبات الأميركية القاسية

ويقول أستاذ الشؤون الدولية في جامعة أوتاوا الكندية توماس جونو إن غلق المضيق سيعرقل مرور صادرات إيران من النفط، في وقت يعاني فيه اقتصادها أصلا من تداعيات العقوبات الأميركية القاسية.

وبحسب تقديرات الخبراء، يمرّ أكثر من نصف النفط المستورد إلى آسيا الشرقية عبر المضيق، وهي خصوصا حال الصين التي استوردت في الربع الأول من العام 5.4 مليون برميل من النفط الخام في اليوم عبر المضيق، بحسب الوكالة الأميركية للمعلومات حول الطاقة.

وكانت السعودية العام الماضي ثاني أكبر مزوّد للصين بالنفط، مع 1.6 مليون برميل في اليوم، أي حوالي 15 في المئة من وارداتها الإجمالية بحسب المصدر عينه.

وتعدّ إيران نفسها مصدرا كبيرا للهيدروكربونات المستوردة من الصين. وفي أبريل، بلغت الواردات الإيرانية إلى الصين 1.3 مليون برميل في اليوم، بحسب مركز “كبلر”. 

ويوجّه الجزء الأكبر من هذه الواردات إلى مصاف صينية صغيرة (تُعرف بمصافي أباريق الشاي) تعمل على نحو مستقلّ عن الشركات النفطية التابعة للدولة، بما يتيح لهذه المجموعات الكبيرة تفادي العقوبات الأميركية.

وتشتري الصين، بحسب “كبلر” أكثر من 90 في المئة من صادرات إيران النفطية. وغالبا ما لوّحت طهران بورقة مضيق هرمز كوسيلة ضغط في مواجهاتها الإقليمية والدولية.

ويقع مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عُمان ويربط مياه الخليج بخليج عُمان، ويُعد من أكثر الممرات البحرية عرضة للمخاطر، نظرا إلى ضيق عرضه البالغ نحو 50 كيلومترا، وعمقه الذي لا يتجاوز 60 مترا.

ورغم ذلك، فإن عرضه وعمقه كافيان لاستيعاب مرور عدد كبير من ناقلات النفط.

po

ويُطل مجمّع سيريك الذي بدأت إيران إنشاءه بمساعدة روسيا مطلع العام 2024، على مضيق هرمز، ويضم أربع محطات بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ خمسة آلاف ميغاواط.

ويُعدّ مضيق هرمز، إلى حد بعيد، طريق الشحن الرئيسي الذي يربط الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط بأسواق آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.

وفي 2024، عبَر المضيق نحو 20 مليون برميل من النفط الخام يوميا، بحسب وكالة الطاقة الأميركية، ما يمثّل نحو 20 في المئة من الاستهلاك العالمي من النفط. ومرَ عبره أيضا حوالي خمس تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية، القادم أساسا من قطر.

وتفيد وكالة الطاقة الأميركية بأن 83 في المئة من الغاز الطبيعي المُسال الذي مرّ في العام 2024 توجه إلى الأسواق الآسيوية، ما قد يجعلها الأكثر تضررا في حال إغلاق الممر.

وقد يؤدي أيّ اضطراب يطال الشحن في المضيق، ولو مؤقتا، إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميا.

حديث الإيرانيين المتكرر بشأن مضيق هرمز لا يعدو أن يكون تهديدا فضفاضا لأن إيران نفسها ليس في مصلحتها غلق المضيق

وفي حال تعطّلت حركة الملاحة في المضيق، تمتلك السعودية والإمارات بنية تحتية بديلة جزئيا تسمح لهما بتجاوز هرمز، عبر خطوط أنابيب لا تعمل عادة بكامل طاقتها، والتي تصل إلى نحو 2.6 مليون برميل يوميا، وفق وكالة الطاقة الأميركية.

ويتّجه حوالي 84 في المئة من النفط العابر في مضيق هرمز قبالة سواحل إيران إلى بلدان آسيوية، أبرزها الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، وهي اقتصادات حسّاسة جدّا إزاء أيّ قيود قد تفرض على الملاحة البحرية في حال تصاعد حدّة النزاع في الشرق الأوسط.

وفي الربع الأوّل من العام الجاري، عبر في هذا المضيق الإستراتيجي 14.2 مليون برميل من النفط الخام يوميا، فضلا عن 5.9 مليون برميل في اليوم من منتجات نفطية أخرى، أي 20 في المئة تقريبا من الإنتاج العالمي، بحسب الوكالة الأميركية للمعلومات حول الطاقة (EIA).

وخلال نفس الفترة استوردت الهند 2.1 مليون برميل من النفط الخام في اليوم عبر مضيق هرمز، بحسب بيانات الوكالة الأميركية للمعلومات حول الطاقة.

وهي تعوّل كثيرا على هذا المعبر الإستراتيجي، إذ أن بلدان الشرق الأوسط، خصوصا العراق والسعودية، زوّدتها مطلع العام 2025 بحوالي 53 في المئة من وارداتها النفطية، بحسب الصحافة الاقتصادية المحلية، ما يضع نيودلهي في وضع حرج في ظلّ تصاعد التوتّرات في المنطقة، رغم ازدياد الواردات النفطية الروسية إلى الهند منذ ثلاث سنوات.

وقال وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري على إكس “سنتّخذ كلّ التدابير اللازمة لضمان استقرار إمدادات الوقود لمواطنينا.”

وأشار “نوّعنا مصادر الإمداد في السنوات الأخيرة.. ويتمتّع موزّعونا باحتياطي يكفي لأسابيع وهم يعتمدون على سبل عدة للإمداد،” من دون تقديم المزيد من التفاصيل.

ويعبر حوالي 68 في المئة من واردات النفط الخام إلى كوريا الجنوبية عبر مضيق هرمز، أي حوالي 1.7 مليون برميل في اليوم وفق تقديرات الوكالة الأميركية للمعلومات حول الطاقة.

1