ديب سيك الصينية تحت مجهر ضوابط التصدير الأميركية

واشنطن - وضعت الولايات المتحدة تحركات شركة ديب الصينية الناشئة للذكاء الاصطناعي التي أحدثت ضجة من تأسيسها قبل أشهر، تحت مجهر المراقبة بسبب قيامها بأعمال تبدو في نظر الأميركيين بعيدة عن حدود الانضباط.
وصرّح مسؤول أميركي كبير لرويترز الاثنين بأن ديب سيك سعت إلى استخدام شركات وهمية في جنوب شرق آسيا للوصول إلى رقائق متطورة لا يُمكن شحنها إلى الصين بموجب القواعد الأميركية وأنها تُساعد العمليات العسكرية والاستخباراتية الصينية.
وأثارت الشركة، ومقرها هانغتشو، موجة من الصدمة في عالم التكنولوجيا في يناير، مُدّعيةً أن نماذجها الخاصة بالذكاء الاصطناعي تُضاهي أو تتفوق على النماذج الأميركية الرائدة في الصناعة بتكلفة زهيدة.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لرويترز في مقابلة الاثنين “نعلم أن ديب سيك قدمت، وستواصل على الأرجح، تقديم الدعم للعمليات العسكرية والاستخباراتية الصينية.”
الاستنتاجات الأميركية تعكس شكوكا متزايدة بأن القدرات الكامنة وراء الصعود السريع للشركة الصينية ربما تكون مبالغا فيها
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته للحديث عن معلومات الحكومة الأميركية، “يتجاوز هذا الجهد مجرد الوصول المفتوح إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بديب سيك.”
ولم يُعلن سابقا عن تقييم واشنطن لأنشطة ديب سيك وارتباطاتها بالحكومة الصينية، ويأتي ذلك في خضم حرب تجارية واسعة النطاق بين أقوى اقتصادين في العالم.
ومن بين المزاعم، قال المسؤول إن “ديب سيك تُشارك معلومات وإحصاءات المستخدمين مع جهاز المراقبة في بكين.” ويُلزم القانون الصيني الشركات العاملة في الصين بتقديم البيانات للحكومة عند الطلب. لكن هناك إشارة إلى أن ديب سيك تقوم بذلك بالفعل.
ومن المرجح أن تُثير مخاوف تتعلق بالخصوصية وغيرها من المخاوف لدى عشرات الملايين من مستخدمي الشركة حول العالم يوميا. كما تُبقي الولايات المتحدة على قيود على الشركات التي تعتقد أنها مرتبطة بالمجمع الصناعي العسكري الصيني.
وسبق أن صرّح مشرعون أميركيون بأن ديب سيك استنادًا إلى بياناتها المتعلقة بالإفصاح عن الخصوصية، تنقل بيانات المستخدمين الأميركيين إلى الصين عبر “بنية تحتية خلفية” متصلة بشركة الاتصالات الحكومية تشاينا موبيل.
ووفق المسؤول، فإن اسم الشركة ذُكر أكثر من 150 مرة في سجلات مشتريات الجيش الصيني وكيانات أخرى تابعة للقاعدة الصناعية الدفاعية الصينية، وأنها قدمت خدمات تكنولوجية لمؤسسات بحثية تابعة للجيش.
وأكد أيضا أن الشركة تستخدم حلولا للالتفاف على ضوابط التصدير الأميركية للوصول إلى رقائق أميركية الصنع متقدمة.
وتعكس الاستنتاجات الأميركية شكوكا متزايدة بأن القدرات الكامنة وراء الصعود السريع لإحدى شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في الصين ربما تكون مبالغا فيها وتعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأميركية.
وتتمتع ديب سيك بإمكانية الوصول إلى “كميات كبيرة” من رقائق أتش 100 المتطورة من شركة إنفيديا الأميركية، بحسب المسؤول.
ومنذ عام 2022، تخضع هذه الرقائق لقيود تصدير أميركية بسبب مخاوف واشنطن من أن تستخدمها الصين لتطوير قدراتها العسكرية أو التقدم في سباق الذكاء الاصطناعي.
وصرح متحدث باسم إنفيديا في بيان “لا ندعم الجهات التي انتهكت ضوابط التصدير الأميركية أو المدرجة على قوائم الكيانات الأميركية.”
وأوضح أن “مع ضوابط التصدير الحالية، أصبحنا فعليا خارج سوق مراكز البيانات الصينية، التي لا يخدمها الآن سوى منافسين مثل هواوي.”
وتؤكد ديب سيك أن اثنين من نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، واللذين أشاد بهما المسؤولون التنفيذيون في وادي السيليكون ومهندسو شركات التكنولوجيا الأميركية وهما ديب سيك – في 3 وديب سيك آر 1 يُضاهيان أكثر نماذج أوبن أي.آي وميتا تطورا.
في حين أن استيراد رقائق إنفيديا المتطورة إلى الصين دون ترخيص يُخالف قواعد التصدير الأميركية لا يزال يُسمح للشركات الصينية بالوصول إلى هذه الرقائق
ومع ذلك، يشكك خبراء الذكاء الاصطناعي في ذلك، مشيرين إلى أن التكاليف الحقيقية لتدريب النماذج كانت على الأرجح أعلى بكثير من 5.58 مليون دولار التي ذكرت الشركة الناشئة أنها أُنفقت على قوة الحوسبة.
وسبق أن أفادت رويترز بأن مسؤولين أميركيين يحققون فيما إذا كانت لدى ديب سيك إمكانية الوصول إلى رقائق ذكاء اصطناعي مقيدة.
وبالتوازي مع ذلك أكدت مصادر مطلعة أن الشركة الصينية تمتلك أقل بكثير من 50 ألف رقاقة أتش 100 التي ادعى الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي أن ديب سيك تمتلكها وذلك في مقابلة مع محطة سي.أن.بي.سي في يناير.
وفي حين أن استيراد رقائق إنفيديا المتطورة إلى الصين دون ترخيص يُخالف قواعد التصدير الأميركية، لا يزال يُسمح للشركات الصينية بالوصول إلى هذه الرقائق نفسها عن بُعد في مراكز البيانات في الدول غير المُقيّدة.
وتُستثنى من ذلك الحالات التي تُدرَج فيها شركة صينية على القائمة السوداء الأميركية للتجارة، أو عندما يكون مُصدّر الرقائق على علمٍ بأن الشركة الصينية تستخدم رقائقها للمساعدة في تطوير أسلحة دمار شامل.
وحتى الآن لم يُدرِج المسؤولون الأميركيون ديب سيك على أي قوائم سوداء تجارية أميركية، ولم يزعموا أن إنفيديا كانت على علم بعمل ديب سيك مع الجيش الصيني.
وأعلنت وزارة التجارة الماليزية الأسبوع الماضي أنها تُجري تحقيقا بشأن استخدام شركة صينية، لم تُسمَّ، في البلاد خوادم مُجهزة بشرائح إنفيديا لتدريب نماذج اللغات الكبيرة، وأنها تُجري تحقيقا بشأن انتهاك أي قانون أو لائحة محلية.